قصة مأساوية.. عاصمة أفريقية عمرها 200 عام مهددة بالغرق كليا
تتعرض العاصمة الغامبية بانغول للتهديد بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات المفاجئة، ما قد يؤدي لاختفائها تحت سطح المياه مستقبلا مع تفاقم ظروف الطقس المتطرفة.
وبسبب الفيضانات التي شهدتها المدينة مؤخرا نزح العديد من الأشخاص، بما في ذلك السكان والصيادون، بينما انتقلت الشركات والمكاتب بعيدا بحثا عن الأمان.
ووفق موقع "ديالوج إيرث" حذر خبراء منذ فترة طويلة من أن ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي بمقدار متر واحد قد يغمر المدينة التي يبلغ عمرها قرنين من الزمان، وأن التدخل العاجل مطلوب.
في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2022 سجلت غامبيا أشد فيضانات لها منذ عقود في أعقاب هطول أمطار غزيرة، مما تسبب في أضرار واسعة النطاق للمنازل والشركات.
وتأثر أكثر من 50 ألف شخص ونزح أكثر من 7 آلاف، وفقا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتقييم الكوارث والتنسيق، وكانت أكبر الأضرار من نصيب العاصمة.
لماذا أصبحت بانغول عُرضة للخطر؟
ويقول موقع "ديالوج إيرث" إن ضعف العاصمة ينبع من عوامل طبيعية وأخرى من صنع الإنسان، فارتفاع مستويات سطح البحر يشكل تهديداً خطيراً للمدينة المنخفضة، وقد تفاقم الوضع بسبب التعدين التجاري للرمال، خاصة عند جسر دنتون الذي يربط العاصمة ببقية البلاد.
وبالإضافة إلى تقليص الحاجز الطبيعي ضد الفيضانات أدى التعدين للرمال إلى تشريد النساء العاملات في زراعة البساتين البستانيات بمحاصيل مثل البصل والملفوف والكركديه للاستخدام الشخصي وبيعها في الأسواق.
كما أدى إلى تدهور النظم البيئية، بما في ذلك تدهور 5000 شجرة مانغروف وآلاف أشجار جوز الهند.
وقالت أميناتا غاتا، بستانية تبلغ من العمر 60 عاماً وأم عزباء لستة أطفال، "لقد دمر التعدين للرمال حياتنا، أنا أعتمد على هذا العمل من أجل البقاء، ولكن هذا البقاء مهدد، ولا يتم فعل أي شيء حيال ذلك".
في المقابل دافع بانكا مانيه، مسؤول العلاقات العامة لشركة التعدين الرملي Sino Majilac Jalback، عن أنشطة الشركة في بانغول، "إن أعمال التجريف التي نقوم بها تخفف من التآكل والفيضانات، فهي لا تسببها".
واستشهد مانيه بمشاريع سابقة زعم أنها أنقذت منطقة مقابر بانغول والمواقع الصناعية، ومع ذلك يبدو أنه لم يتم إجراء أي تقييم لدعم هذا الادعاء.
وقطع أشجار المانغروف في الأراضي الرطبة يمثل مشكلة أخرى، هذه الممارسة، التي غالبا ما تهدف إلى خلق مساحة للأنشطة الصناعية، تضعف الدور الوقائي لأشجار المانغروف ضد الفيضانات والتآكل والعواصف.
عاصمة في حالة تدهور
وأصبحت "بانغول" الآن كمدينة أشباح وفق وصف المقيمين بها، حيث يعيش العديد من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك رئيس البلدية، الآن خارج العاصمة، ويتنقلون للعمل فقط.
وانخفض عدد سكان بانغول من ما يقرب من 45000 في عام 1983 إلى نحو 26000 في عام 2024، وفقا للنتائج الأولية لتعداد عام 2024.
وكشفت الأبحاث التي أجراها نفامارا ك. دامفا، عالم أبحاث غامبي في جامعة مينيسوتا، أن 64% من أسر بانغول التي شملها استطلاع في عام 2020 تنوي الهجرة بحلول عام 2050، ويرجع ذلك جزئيا إلى تأثيرات تغير المناخ.
وقال غون سيساي، لاجئ من سيراليون، إنه بقي في بانغول بسبب إيجارها المعقول مقارنة بالمناطق الحضرية المحيطة المعروفة باسم كومبوس.
ووفقا لأمادو ووري جالو، ناشط المناخ المقيم بانغول، فإن ارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات المتكررة تجعل الحياة غير محتملة على نحو متزايد.
ويقول "يهاجر أكثر من 1000 من سكان بانغول إلى الكومبوس كل عام"، ويعزو ذلك جزئيا إلى تدهور الظروف البيئية.
التأثير على الصيد والتجارة
وتعد بانغول مركزا لصيد الأسماك وتربية المحار والتجارة بسبب موقعها الساحلي وامتلاكها الميناء البحري الدولي الوحيد في البلاد، وقد أدى تغير المناخ إلى شلل هذه الأنشطة.
ويقول "نا أمي توراي"، صائد محار، "يغير البحر أسلوب حياتنا"، إن ارتفاع الملوحة وتآكل الموائل والتلوث يؤثر على تجمعات المحار.
كما يضطر الصيادون إلى الانتقال، حيث انتقل سايني مبي إلى تانغي العامل بالصيد، على بعد 50 كيلومترًا من بانغول، بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر وفقدان موائل الأسماك بالقرب من بانغول مما جعل الصيد غير مستدام.
كما تكافح منطقة ندانغان، تضم مجتمع صيد وتربية المحار على مشارف بانغول، من أجل البقاء بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر.
وتقول سافي سانيانغ، مزارعة محار تبلغ من العمر 45 عاما، إن المشروع انهار بسبب تآكل أشجار المانغروف الحيوية للمحار والحياة البحرية بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.
وتوقعت هيئة موانئ غامبيا في عام 2022 أن يخسر ميناء بانغول 3% من عائداته سنويا بسبب التحديات المتعلقة بالمناخ.
ويقول عثمان غوبارتيه، المدير الإداري لهيئة موانئ غامبيا "نحن ننفذ تدابير التكيف لضمان بقاء بنيتنا التحتية مقاومة للمناخ، نحن نفعل كل شيء لحماية ميناء بلادنا من تغير المناخ".
ويضيف أن الميناء كان يعمل مع المركز العالمي للتكيف لجعل بنيته التحتية مقاومة للمناخ، بما في ذلك رفع الهياكل والأرصفة للحد من مخاطر الفيضانات.
aXA6IDMuMTQ1LjczLjE2NyA= جزيرة ام اند امز