التغير المناخي يهدد الرياضات الشعبية.. من كرة القدم إلى الكريكيت
تسبب التغير المناخي الذي بدأ العالم يعاني من تبعاته في أزمات كثيرة بعدة رياضات مختلفة لها شعبية وذلك خلال السنوات الأخيرة.
ولهذا الأمر، فإن الجماهير المرتبطة بمتابعة الرياضات المختلفة، ستتابع باهتمام بالغ فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2023 "COP28" الذي سيقام في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ما هو تعريف ظاهرة التغير المناخي؟
بحسب ما ذكره الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة، فإن التغير المناخي هو التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس،
وقد تكون هذه التحولات طبيعية، فتحدث في الدورة الشمسية. ولكن منذ القرن الـ19 أصبحت الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز.
يقول خبراء المناخ إن حرق الوقود الأحفوري يتسبب في انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
إلى جانب ذلك، يمكن أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، كما يعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية لهذا الغاز الضار.
وتمثلت ظاهرة التغير المناخي في أجواء حارة جافة ببعض البلدان، فضلا عن جود غبار وأتربة ومؤثرات سلبية في الهواء، أو البرودة القاسية في بلاد أخرى، وهي أمور تتأثر بها مختلف الأنشطة والفعاليات ومنها بالطبع المنافسات الرياضية.
كيف يؤثر التغير المناخي على الرياضة؟
بريطانيا، التي لديها عدة رياضات شعبية مثل كرة القدم والكريكيت، بدأت تعاني بشدة من ظاهرة التغير المناخي، ما أثر بالسلب على إقامة هذه المنافسات بصورة طبيعية.
ونشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا مؤخراً، كشفت خلاله أنه تم إيقاف أكثر من 130 ألف مباراة كريكيت خلال آخر 10 سنوات بسبب سوء الأحوال الجوية.
ويهدد التغير المناخي بتعطيل الكريكت تلك الرياضة الشعبية المحببة للجمهور الإنجليزي بسبب كثرة التأجيلات، حيث علق أحد اللاعبين الأستراليين وتحديداً مات كومينز قائلا:ً "انتهت الرياضة التي نحبها".
الأكثر من هذا أن الفعاليات الرياضية التي تسبب الانبعاثات الضارة للمناخ، تساهم في موجات حر شديدة وأمطار غزيرة تؤدي لتوقف المباريات بعدة رياضات على غرار كرة القدم والكريكيت.
ولقد ضربت 5 عواصف المملكة المتحدة في شتاء العام الحالي، منها عاصفة "بابيت" التي ألغت جميع المباريات في الدوري الاسكتلندي لكرة القدم يوم 21 "أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بإستثناء مباراتين.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، غمرت المياه نادي سوانزي الويلزي، الناشط في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي لكرة القدم، وذلك للمرة الثانية خلال 3 سنوات فقط.
كذلك، فإن نادي ويتبي تاون لكرة القدم الواقع في شمال منطقة "يوركشاير" البريطانية، والذي يبعد أمتاراً قليلة عن البحر، اضطر لتأجيل مباراة ديربي محلية بسبب الأمطار الغزيرة في يناير/ كانون الثاني الماضي، ما كلفه مبلغاً مالياً كبيراً.
وبحسب أبحاث أجراها تحالف المناخ في عام 2021، فإنه يتم إلغاء أو تأجيل حوالي 62500 مباراة كرة قدم للهواة بسبب الطقس القاسي سنوياً.
وكشف 40 % من مشجعي ولاعبي كرة قدم في استطلاع للرأي أجرته منظمة "Round Our Way for the Basis" غير الهادفة للربح أنهم عانوا من الظروف المناخية المتطرفة المرتبطة بتغير المناخ في العام الماضي، بينما زادت النسبة إلى 60 % في الكريكيت و64 % للجولف.
ومن جانبه، تحدث كريس بوردمان، رئيس مجلس إدارة "سبورت إنجلاند" عن الأزمة في تصريحات نشرتها "إندبندنت": "يشكل تغير المناخ تهديداً وجودياً لكوكب الأرض، وبإعتبارنا قطاعاً للرياضة والنشاط البدني، فنحن مرتطين ارتباطاً جوهرياً به".
كيف يمكن الحد من تأثير التغير المناخي على الرياضة؟
ومن ثم، يرغب مؤلفو تقرير الجمعية البريطانية للرياضة المستدامة في جمع بيانات أفضل حول تأثيرات تغير المناخ على الرياضة في المملكة المتحدة والمزيد من التمويل لمساعدة الأندية خاصة الفقيرة منها في الأقسام الدنيا على التكيف مع الظروف الصعبة.
بالإضافة إلى ذلك، تريد الجمعية عقد شراكة بين جميع الهيئات الإدارية التي من شأنها العمل على تشكيل تعاون أفضل يخفف من تأثير تغير المناخ.
تقول تامي بومونت، بطلة كأس العالم للكريكيت للسيدات: "كلما تم إلغاء المزيد من المباريات، زاد احتمال فقدان اللاعبين الاهتمام بممارسة الرياضة.".
وواصلت: "إذا تم قضاء موسم الكريكيت بشكل أساسي في مشاهدة هطول الأمطار أو اللعب على بوابات جافة رديئة، فقد يترك اللاعبون الرياضة لممارسة لعبة يحصلون على فرصة أكبر فيها، أو يتوقفون عن ممارسة الرياضة تمامًا."
وقال روجر هاردينج، مدير منظمة "Round Our Way": "كل مباراة تم إلغاؤها هي فرصة ضائعة لجمع الناس معًا، سواء للحفاظ على لياقتهم أو كسب بعض المال لإبقاء الأندية واقفة على قدميها.".
وأردف: "للأسف، هذه إحدى الطرق التي بدأ بها تغير المناخ يؤثر فعليًا في المملكة المتحدة وعدة دول أخرى، وغالبًا ما يضرب مجتمعات الطبقة العاملة بشدة."
يذكر أن أحد الحلول التي لن يتوقع حصولها على رضا المسؤولين الكبار في هيئات الرياضة العالمية من كرة القدم إلى الكريكيت أو التزلج على الجليد، هي تقليل النشاط وعدد المباريات عوضا عن زياداتها كما يحدث الآن.
ولقد أعد ديفيد غولدبلات، أحد المؤسسين في منظمة "كرة القدم من أجل المستقبل" تقريراً مفصلاً حول حماية المناخ في الرياضة، مشدداً على أن الرياضات ستجبر على تقليل فعالياتها بدلاً من التوسع المستمر.
وفي لعبة مثل رياضة التزلج وهي تتأثر بشدة بعوامل المناخ المتغير، يسعى الاتحاد الدولي لتطوير وتوسيع نطاق اللعبة، وعن هذا، يعلق غولدبلات: "لا يمكننا إنكار تغير المناخ ويجب التكيف على ذلك".
وأتم: "في كل مكان نشعر، بتأثيرات الطقس الحار، حدث ذلك في ملبورن خلال بطولة أستراليا المفتوحة للتنس وفي أولمبياد طوكيو، حيث تنافس السباحون في درجة حرارة بلغت 30 درجة".
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز