التنوع البيولوجي في إيران.. "ثروات" تحت تهديد المناخ
"فقدان التنوع البيولوجي يهدد الجميع، بما في ذلك الصحة العامة".. وهذا المصطلح على صلة وثيقة بالتغير المناخي.
ولأهمية التنوع البيولوجي خصصت الأمم المتحدة 22 مايو/أيار من كل عام للاحتفال باليوم الدولي للتنوع البيولوجي، ويوافق اليوم الإثنين.
في حين أن هناك اعترافا متزايدا بأن التنوع البيولوجي هو ثروة عالمية ذات قيمة هائلة للأجيال القادمة، فإن بعض الأنشطة البشرية لم تزل تتسبب بشكل كبير في تقليل عدد الأنواع.
فقدان التنوع البيولوجي يمكن أن يزيد من الأمراض حيوانية المنشأ — الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر — بينما، من ناحية أخرى، إذا حافظنا على التنوع البيولوجي، فإنه يتيح أدوات ممتازة لمكافحة الأوبئة مثل تلك التي تسببها الفيروسات التاجية.
وهذا يهدد أصناف الحياة على الأرض، بجميع أشكالها، من الجينات والبكتيريا إلى النظم البيئية بأكملها مثل الغابات أو الشعاب المرجانية، فالتنوع البيولوجي الذي نراه اليوم هو نتيجة 4.5 مليار سنة من التطور، وقد تأثر بشكل متزايد بالبشر.
إيران أحد مكامن التنوع البيولوجي في العالم لكن يتهدد هذا النموذج تحديات كثيرة يتصدرها التغير المناخي والموارد المحدودة وإزالة الغابات والوصول المحدود إلى الأسواق والموارد المالية وهي التحديات الرئيسية للبلدان ذات الغطاء الحرجي المنخفض (غطاء الغابات).
وتعتبر إيران واحدة من المناطق المثالية والنادرة التي يقصدها السياح وعلماء الطبيعة من الراغبين بدراسة حياة مختلف أنواع وأصناف النباتات والحيوانات، إذ إن إيران بمناخها المتنوع تشتمل على أنواع مختلفة من الغابات والبيئات الطبيعية.
فمن الغابات ذات الرطوبة العالية على سواحل بحر الخزر (قزوين) إلى الغايات المتأقلمة مع جفاف الطبيعة في جبال كردستان وزاغروس وخراسان إلى منابت الأعشاب والنباتات الشوكية والشجيرات شنبه الصحراوية التي تنمو في البوادي، مما توفر للسائح فرصة الاستمتاع بجمالها.
كذلك تتميز إيران بالغابات المحاذية للخليج العربي وانتشار النباتات المتأقلمة مع التربة المالحة في المناطق الوسطى والجنوبية من إيران.
النموذج الإيراني
إيران التي تستضيف يومي 9 و 10 سبتمبر/أيلول المقبل المؤتمر الدولي لمكافحة العواصف الترابية بالتعاون مع الأمم المتحدة، والذي يهدف إلى دراسة تحديات ومشاكل الدول المتأثرة بالغبار وتقديم حلول عملية للتعامل مع هذا التحدي والمشكلة العالمية، دعت إلى توسيع التعاون الدولي مع إدارة الأمم المتحدة من أجل تقديم المساعدة اللازمة لمواجهة تحديات البلدان المذكورة من أجل إدارة الغابات بشكل مستدام.
ويقول مجتبى خيام نيكويي، مساعد وزير الجهاد الزراعي ورئيس منظمة البحث والتعليم والترويج الزراعي الإيراني، إن بلاده تعد من أفضل ثماني دول في العالم من حيث التنوع البيولوجي، لكنه أكد ضرورة استخدام قدرة التنوع البيولوجي بشكل جيد، مناشدا الحفاظ على التنوع البيولوجي وإنشاء نظام بيئي مستدام للغذاء في إيران.
وتواجه إيران عدد من التحديات المناخية تجعل تنوعها البيولوجي في خطر إما نتيجة إجراءات وسياسات بيئية غير كافية خاصة بها، أو تأثرا بالتغير المناخي ضمن المنظومة الكلية للبيئة والمناخ في المنطقة والعالم.
وفي آخر مشاركة له في حدث بيئي في 5 مارس/آذار عام 2021 قال مرشد إيران على خامنئي إن التنوع البيولوجي والمناخي في بلاده يعتبر ارضية مناسبة لمشاركة الشعب في مجال البيئة.
وأعرب عن أسفه من تدمير الغابات والموارد الطبيعية وطبقات المياه الجوفية من قبل المنتفعين، مؤكدا إن تدمير البيئة كارثة كبرى تهدر مستقبل البشرية، مناشدا المسؤولين وكل ابناء الشعب الايراني الوقوف ضده، مستشهدا بمهددات هذا التنوع وعلى رأسها حرائق الغابات وجفاف البحيرات والمستنقعات، معتبرا ان هذه الحوادث يمكن تفاديها وعلى المسؤولين العمل بواجباتهم في هذا الخصوص.
وبشكل عام فإن فقد التنوع البيولوجي يرتبط بشكل وثيق بزيادة الأنشطة الإجرامية البيئية في عدد من المناطق، في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعلى رأسها الاتجار غير المشروع في الحيوانات.
وهنا تبرز أهمية ملف التنوع البيولوجي وتصدره كأحد الموضوعات ذات الأولوية في أجندة مؤتمر المناخ "COP28" الذي تستضيفه دولة الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، استكمالا للخطوات الفارقة خلال الفترة الماضية، ومنها تخصيص يوم كامل للتنوع البيولوجي ضمن البرنامج الرئاسي لمؤتمر المناخ "COP27" العام الماضي في شرم الشيخ، وكذلك إطلاق مبادرة الحلول القائمة على الطبيعة، وتسليط الضوء على خطورة الاتجار غير المشروع في الحيوانات.
لماذا إيران؟
تمتلك إيران من بين جميع دول جنوب غرب آسيا أكثر المناطق تنوعا وجاذبية من حيث تنوع الأعشاب والنباتات والبيئة المناسبة للحيوانات.
ووجهت إيران اهتماما للتنوع البيولوجي لديها عندما جرى إنشاء المركز الوطني للموارد الوراثية والبيولوجية لإيران في عام 2007، بموجب مرسوم من بهدف وجود مرجعي وطني للحفاظ على الموارد الوراثية والبيولوجية واستخدامها.
ويعمل المركز لجمع وتحديد ومراقبة الجودة والتصنيف والتسجيل والتخزين والتكاثر وتوزيع الكائنات الحية الدقيقة والخلايا القابلة للزراعة والمتجددة، بما في ذلك البكتيريا والفطريات والفيروسات والبذور والخلايا النباتية والحيوانية والحمض النووي الجيني ومنتجات النيوكليوتيد لتطوير المعرفة والتكنولوجيا وزيادة جودة الحياة والصحة والحفاظ على التنوع البيولوجي في البلاد وتوفيرها للمجتمع الدولي.
ويعد عمل هذا المركز والتعاون مع الجهات الدولية الفاعلة في مجال المناخ والأمم المتحدة سبيلا لمواجهة معوقات مناخية كثيرة تهدد التنوع البيولوجي في البلاد ومنها التصحر والجفاف وارتفاع درجات الحرارة والتلوث.
وتتجه أنظار حماة التنوع البيولوجي إلى إيران منذ أصدرت أمانة اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي في 12 يوليو/تموز 2021 المسودة الأولى الرسمية للإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي لتوجيه الإجراءات في جميع أنحاء العالم حتى عام 2030 للحفاظ على الطبيعة وخدماتها الأساسية وحمايتها، بما يتضمن هدف إعلان ٣٠٪ من الأراضي والبحار مناطق محمية بحلول ٢٠٣٠، وتأسيس صندوق للتنوع البيولوجي.