حصاد المفاوضات المناخية في 2025.. ما تحقق وما تعطل
ما مدى تقدم العمل المناخي في عام 2025؟
حل عام 2025 بنقطة فاصلة في تاريخ المفاوضات المناخية؛ إذ عادت "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (UNFCCC) إلى وطنها، أو بالأحرى إلى الأرض التي خرجت منها؛ إذ خرجت UNFCCC من قمة الأرض في البرازيل، وهي نفس الدولة التي استضافت الدورة الثلاثين من مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ (COP30)، برئاسة "أندريه كوريا دو لاغو"، الدبلوماسي المخضرم الذي عمل في ملفات المفاوضات المناخية لعقود.
لذلك، كان من المنتظر أن يكون المؤتمر نقطة فاصلة في تاريخ العمل المناخي؛ خاصة مع احتفال مرور 10 سنوات على اتفاق باريس الذي خرج من العاصمة الفرنسية عام 2015، وتعمل الدول في إطاره اليوم لدعم قضايا المناخ.
ما تحقق وما تعطل
بالطبع، هناك العديد من الملفات الأساسية في المفاوضات المناخية، بعضها حقق تقدمًا ملموسًا على مدار هذا العام، لكن بقيت ملفات أخرى مُعطلة بدون تقدم واضح. وهنا نذكر حصاد ما تم في إطار اجتماع بون للمناخ الذي انطلق في يونيو/حزيران وCOP30 الذي انعقد في نوفمبر/تشرين الثاني:
1- التمويل المناخي
من أكثر الملفات الشائكة، وعادةً يحدث حوله اختلافات بين الدول الأطراف؛ بسبب تنصل الدول المسؤولة تاريخيًا من الوفاء بالالتزامات المالية لدعم الدول النامية والأقل نموًا المتضررة من أزمة المناخ. وفي أثناء اجتماع بون، تصاعدت التوترات بين الأطراف بسبب المادة 9.1 من اتفاق باريس التي تنص على أنّ الدول المتقدمة عليها توفير التمويل المناخي للدول النامية. واستمر الجدل بين الأطراف حتى في COP30 في بيليم، استمرت المناقشات والجدل حول المادة 9.1، لكن لم يتم تحقيق تقدم ملموس في ملف التمويل المناخي.
2- التكيف
يُعد التكيف المناخي من أبرز القضايا الخلافية في العمل المناخي، وفي أثناء اجتماع بون، توّصلت الأطراف إلى 490 مؤشرًا لقياس التقدم المحرز في الهدف العالمي بشأن التكيف، وقبل COP30، كانوا قد توّصلوا إلى نحو 100 مؤشرًا محتملًا، وأخيرًا في أثناء COP30، اتفقت الأطراف على 59 مؤشرًا. كما ظهرت دعوات لمضاعفة تمويل التكيف 3 مرات، لكن ظلت دعوات بدون التزام أو خطة واضحة.
3- الانتقال العادل
في أثناء اجتماع بون، شغل الانتقال العادل طاولة المفاوضات، وطُرحت مقترحات لإنشاء آلية في بيليم لدعم الانتقال العادل. وفي بيليم خلال COP30، دارت النقاشات حول آلية عمل بيليم للانتقال العادل في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وتضمنت النصوص النهائية إشارات إلى حقوق الإنسان والمجتمعات المحلية لتحقيق الانتقال العادل. مع ذلك، وعلى الرغم من أنّ الانتقال العادل يتطلب تمويلًا والتزامات مالية، إلا أنّ الآلية لم تتضمن صندوقًا لتمويل ذلك الانتقال.
4- الخسائر والأضرار
دارات نقاشات حول مراجعة لآلية وراسو الدولية، لكن لم تصل الأطراف إلى اتفاق مرض؛ فأحالت مذكرة غير رسمية إلى COP30، وهناك في بيليم، تم إطلاق دعوة لتقديم طلبات التمويل في مرحلة تجريبية، لكن على الرغم من ذلك، دار الجدل حول موارد الصندوق المالية المحدودة، وأُشير إلى أنه في الوضع الراهن، لن يستطيع تمويل المشاريع الكبرى لدعم الدول المتضررة بشدة بسبب آثار التغيرات المناخية. يقول هشام عيسى، المنسق المصري السابق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للعين الإخبارية: "تحقق بعض التقدم الإجرائي في تفعيل آلية الخسائر والأضرار، وإن ظل التمويل الفعلي دون مستوى التوقعات. هذا التقدم كان في الغالب تقنيًا وتنظيميًا أكثر منه سياسيًا أو ماليًا".
5- التخفيف
تشاورت الأطراف في اجتماع بون حول إجراءات التخفيف وما إذا كانت هناك حاجة لإنشاء منصة رقمية من أجل "برنامج عمل التخفيف" (MWP)، وانتهى الاجتماع ببعض الخلافات حول تلك الموضوعات، واتجهت الأنظار إلى بيليم؛ فهناك تم إطلاق "مُسرّع التنفيذ العالمي" (GIA) و"مهمة بيليم لتحقيق 1.5 درجة مئوية"، من أجل تعزيز تخفيف الانبعاثات الدفيئة.
6- الوقود الأحفوري
خيمت حالة من الإحباط حول نتائج COP30؛ بسبب عدم إشارة النص النهائي إلى خطة مباشرة وواضحة حول التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ما أثار سخط المجتمعات المدنية والمنظمات المختلفة؛ فقد انعقدت الآمال على COP30 لحسم تلك القضية بعدما خرج من COP28 دعوة واضحة لاتخاذ تلك الخطوة.
7- الغابات
في أثناء قمة القادة قبل انطلاق COP30، أطلقت رئاسة البرازيل "صندوق الغابات الاستوائية إلى الأبد" (TFFF)، لدعم الغابات المطيرة حول العالم. على الرغم من أنّ الصندوق لم يلق التمويل اللازم، وهناك بعض الجدل حوله.
ما رأي الخبراء؟
يقول هشام عيسى لـ"العين الإخبارية": "يمكن تقييم حصيلة عامٍ كامل من المفاوضات المناخية بوصفه عامًا لإدارة الأزمات أكثر منه عامًا لتحقيق اختراقات حقيقية، مع تسجيل بعض التقدم المحدود في مسارات بعينها، مقابل تعثر واضح في القضايا الجوهرية".
من جانبه، أكد عمر الشوشان، رئيس اتحاد الجمعيات البيئية لـ"العين الإخبارية": "لم يكن هذا العام عامًا للتقدم الحقيقي بقدر ما كان عامًا لإدارة الفشل المتراكم في منظومة العمل المناخي الدولي. المفاوضات استمرت، لكن دون قرارات جريئة تواكب تسارع الكوارث المناخية على الأرض. ما تحقق اقتصر على إعادة تدوير الالتزامات ذاتها، فيما بقيت فجوة التنفيذ والتمويل على حالها". ويُضيف: "باتت العملية التفاوضية منفصلة عن الواقع المناخي المتدهور، وتفتقر إلى الإرادة السياسية التي تضع العدالة المناخية وحقوق المجتمعات المتضررة في صلب القرار".
من جانب آخر، وبسبب عدم الوفاء بالتمويل المناخي، يقول عيسى لـ"العين الإخبارية": "اتسعت فجوة الثقة بين الدول المتقدمة والنامية، خصوصًا بشأن الوفاء بتعهدات التمويل ونقل التكنولوجيا. الدول النامية رأت أن المفاوضات تدار بمنطق إدارة المخاطر للدول الغنية، وليس بمنطق العدالة المناخية أو المسؤولية التاريخية، وهو ما أضعف الزخم التفاوضي".
وقد استمرت المفاوضات بدون خطوات حاسمة، وبحسب عيسى: "يمكن القول إن العام مثّل انتقالًا من خطاب الطموح العالي إلى واقعية قسرية، ركزت على (عدم الانهيار) بدلًا من تحقيق قفزات نوعية. تم الحفاظ على قنوات الحوار ومنع التراجع الكامل، لكن دون خطوات حاسمة تواكب تسارع آثار تغير المناخ على الأرض".
ويختتم هشام عيسى حديثه مع "العين الإخبارية"، قائلًا: "كان العام عامًا لإدارة الأزمات مع بعض التقدم التكتيكي، لكنه لم يكن عامًا للتحول الجذري أو القرارات الشجاعة. التحدي الحقيقي في المرحلة المقبلة هو الانتقال من إدارة الأزمة إلى قيادتها، عبر قرارات سياسية واضحة وتمويل عادل وربط المفاوضات المناخية بالمسارات الاقتصادية والتجارية العالمية، خاصة بالنسبة للدول النامية مثل مصر ودول المنطقة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز