"لاجئو المناخ".. غضب الطبيعة يستحدث مصطلح المأساة
ربما تجد مفوضية اللاجئين نفسها مضطرة في المستقبل إلى إضافة سبب آخر للجوء، وهو التغير المناخي، ليصبح لدينا مصطلح "لاجئو المناخ".
تعرف مفوضية اللاجئين التابعة الأمم المتحدة اللاجئ بأنه "الشخص الذي يعبر الحدود الدولية بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالعرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي".
وتستخدم بعض الدراسات العلمية مصطلح "لاجئو المناخ" للإشارة إلى اضطرار بعض المواطنين إلى الانتقال من مكان إلى آخر داخل البلد الواحد بسبب تغيرات المناخ الناجمة عن الاحترار العالمي، وربما لأن الأمر لم يصل بعد إلى درجة الانتقال من دولة إلى أخرى، فلم تجد المفوضية أن من المناسب اعتماد هذا المصطلح، وقالت في توضيح على موقعها الإلكتروني، إن من الأدق الإشارة لهم بأنهم "أشخاص نازحون في سياق الكوارث وتغير المناخ".
وأشارت المفوضية إلى أن المخاطر المتأتية عن زيادة حدة وتواتر الظواهر الجوية القاسية، مثل الهطولات المطرية الغزيرة بدرجة غير عادية، أو الجفاف المطول، أو التصحر، أو التدهور البيئي، أو ارتفاع منسوب مياه البحر، أو الأعاصير الموسمية، قد بدأت بالفعل تتسبب برحيل أكثر من 20 مليون شخصٍ من بيوتهم وانتقالهم إلى مناطق أخرى في بلدانهم كل عام.
وفي عام 2020، نشرت المفوضية فرقاً للمساعدة في جهود الإغاثة في أمريكا الجنوبية وجنوب المكسيك، حيث تأثر ما يقدر بثلاثة ملايين شخصٍ بإعصار إيتا، وهو أحد أسوأ الكوارث المتعلقة بالطقس في المنطقة على مدى العقدين الماضيين من الزمن.
وعندما ضرب إعصار إيداي الموسمي الاستوائي مناطق في موزمبيق وزيمبابوي وملاوي، في مارس 2019، نقلت المفوضية العائلات اللاجئة إلى مآوٍ أكثر أماناً، وزودتهم بالخيام والأغطية البلاستيكية وتجهيزات الصرف الصحي والمياه النظيفة، وكذلك تساعد المفوضية اللاجئين الروهينجا في جنوب بنجلاديش في الحد من تبعات العواصف الموسمية والسيول وانجراف التربة.
مدينة تانجير بأمريكا
وبالتزامن مع انعقاد قمة المناخ في غلاسكو، توصلت دراسة جديدة نشرتها اليوم دورية "فوزنتيرز إن كلايمت" إلى أن مدينة تانجير الواقعة على جزيرة تانجير بخليج تشيسابيك في ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة، فقدت 62٪ من أراضيها المرتفعة الصالحة للسكن منذ عام 1967، وستشهد مزيدا من الانخفاض في غضون 15 إلى 30 عاما القادمة، مما يترك مئات الأشخاص بدون منازل ودخل.
ويقدر الباحثون من جامعة "ويليام آند ماري" بفرجينيا، أن الحماية الكاملة للمدينة وترميمها سيتكلف ما بين 250 مليون دولار و350 مليون دولار، ووصفوا حالة هذه المدينة بأنها مثال بارز على عواقب استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر ونزوح البشر بسبب أزمة المناخ.
وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن رؤية آثار أزمة المناخ في جميع أنحاء العالم، حيث كانت السنوات السبع الماضية هي الأكثر دفئًا على الإطلاق.
وتظهر الدراسة أن التوقعات المستقبلية للتغيرات المرتبطة بأزمة المناخ، مثل الظواهر الجوية الشديدة، والجفاف الشديد، وارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، هي أكثر حدة مما كان يُعتقد سابقًا.
ويعد استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر أحد أخطر عواقب أزمة المناخ، وفقًا لأحدث تقرير تقييم للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، حيث يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى فقدان موائل النباتات والحيوانات، والمزيد من الأعاصير والأعاصير الشديدة، وخسارة البشر للأراضي الصالحة للسكن، وفي نهاية المطاف سيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى إجبار الناس على الهجرة إلى مناطق مرتفعة، مما يؤدي إلى لاجئين بسبب تغير المناخ.
ومن الأمثلة البارزة على عواقب ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب الإنسان حالة جزيرة تانجير في خليج تشيسابيك، وهي واحدة من آخر الجزر المأهولة المتبقية في خليج تشيسابيك وتتكون من 3 تلال في المرتفعات، وهي ويست ومين و ريدج، وهي في الأساس مجتمع صيد، حيث تقلص عدد سكان المدينة من أكثر من 1100 نسمة في أوائل القرن العشرين، إلى 436 في عام 2020.
ولفتت الدراسة إلى أن تانجير فقدت جزءًا كبيرًا من منطقة المرتفعات الأصلية الصالحة للسكن ومن المقرر أن تفقد جميع الأراضي الصالحة للسكن في غضون 15-30 سنة القادمة.
ولتحديد آثار ارتفاع مستوى سطح البحر على المدينة، قام الباحثون بتحليل بيانات ارتفاع مستوى سطح البحر المحلي وقارنوا الأراضي المرتفعة بمعدل تحويل الأراضي الرطبة إلى معدل انخفاض عدد السكان.
ووجدوا أنه اعتبارًا من عام 2019، فقدت المدينة 62٪ من مساحة المرتفعات الأصلية الصالحة للسكن منذ عام 1967، وأظهرت النتائج أيضًا أنه إذا استمر الارتفاع النسبي في مستوى سطح البحر كما هو متوقع، فإن عام التحول الكامل إلى الأراضي الرطبة لكل سلسلة من التلال هو: 2033 (ويست ريدج) و2035 (مين ريدج) و2050 (كانتون ريدج).
ولاحظت الدراسة أن ارتفاع مستوى سطح البحر المحلي في منطقة خليج تشيسابيك أعلى من المتوسط العالمي، وأنه يتسارع في اتجاه مماثل لمتوسط المعدل العالمي، وكان معدل تحويل الأراضي المرتفعة إلى أراض رطبة اتجاهًا متسارعًا بشكل عام.
وقدر الباحثون تكلفة نقل سكان المدينة وما سيكلف حمايتها واستعادتها، وتم تطوير التقديرات بالإشارة إلى جهود مماثلة من قبل الحكومة الفيدرالية الأمريكية في إنقاذ المجتمعات الساحلية الصغيرة من ارتفاع مستوى سطح البحر.
ويقدر المؤلفون أن الحماية الكاملة للمدينة وترميمها ستكلف ما بين 250 مليون دولار و350 مليون دولار، والإجراءات الضرورية المدرجة في هذا التقدير هي، على سبيل المثال، وضع الحجر الواقي على طول السواحل المعرضة للخطر للجزيرة ورفع النتوءات الثلاثة بمقدار 3 أمتار باستخدام الرمال المجروفة، ويمكن أن تكلف الحلول الطبيعية، مثل الشعاب المرجانية، ما يتراوح بين 100 و300 ألف دولار لكل هكتار من الشعاب المرجانية.
وعندما يصبح النزوح البشري من الجزيرة أمرا لا مفر منه، فإن التكلفة التقديرية لإعادة توطين بلدة يبلغ عدد سكانها 436 نسمة تتراوح بين 100 مليون دولار و200 مليون دولار.
ويتوقع الباحثون أن يصل عدد سكان المدينة إلى الصفر بحلول عام 2053، وهو ما يوازي معدل تحويل الأراضي المرتفعة إلى الأراضي الرطبة، وعلى الرغم من أن الانخفاض في عدد السكان لا يمكن أن يُعزى فقط إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، إلا أن الكثير من المشكلات الاجتماعية التي تواجهها المدينة، مثل نقص الأراضي للاستخدام التجاري أو السكني الجديد، مرتبطة به.
aXA6IDE4LjE4OC4xODMuMjEg
جزيرة ام اند امز