نهج التعايش في الإمارات.. 200 جنسية تحت مظلة القانون والأمان
تحت مظلة دولة الإمارات تعيش الأديان والثقافات المختلفة، وعلى أرضها تجتمع أكثر من 200 جنسية مختلفة المشارب، في حالة من المحبة والوئام والسلام.
حالة نادرة من الانسجام جمعتها ثقافة التسامح التي عززتها دولة الإمارات، مستمدة ركائزها من نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي غرس نبتتها في نفوس الأبناء والأحفاد، مما ولد نهجا حضاريا وإنسانيا راسخا يُحتذى به في العالم.
قيم إنسانية تسهم في تحقيق السلوك المنضبط، وتحث على منع التطرف والكراهية، وتحفظ قدرة الدولة على تحقيق الأمن والأمان للفرد والمجتمع، إلى جانب تمكينها من أخذ مكانتها اللائقة بها بين دول العالم.
سلوك منضبط
وفي ضوء هذا السلوك المنضبط، كان لا بد من مواجهة أي انحراف عنه، وفقا للأنظمة والقوانين التي وضعتها دولة الإمارات، والتي تحفظ الأمن والأمان لجميع الجنسيات التي اتخذت من أرض دولة الإمارات مكانا للتعايش والتآلف فيما بينها.
أحد هذه الانحرافات ما قام به أفراد من الجنسية البنغالية والذين تظاهروا يوم الجمعة في دولة الإمارات ضد حكومة بلدهم، بشكل غير سلمي، وأثاروا الشغب وعطلوا المرافق العامة وأتلفوا ممتلكات عامة وخاصة، مما استدعى اتخاذ إجراءات صارمة ضدهم، حفاظا على حقوق مواطنيهم والجنسيات الأخرى في العيش دون ترهيب.
إجراءات أعلن عنها النائب العام المستشار د.حمد الشامسي، الذي أمر بتحقيق فوري مع المقبوض عليهم من الجنسية البنغالية الذين تجمهروا وأثاروا الشغب في عدد من شوارع الدولة.
تلك الإجراءات جاءت بعد إعطاء المقبوض عليهم الحق في إبداء أقوالهم فيما أسندت إليهم من تهم، فباشر فريق من أعضاء النيابة العامة التحقيق مع المتهمين، لتسفر التحقيقات التي جرت بإشراف مباشر من النائب العام عن أنهم ارتكبوا جرائم التجمهر في مكان عام والتظاهر ضد حكومة بلدهم، بقصد الشغب ومنع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح، وتعطيل مصالح الأفراد وإيذائهم وتعريضهم للخطر والحيلولة دون ممارستهم حقوقهم وتعطيل حركة المرور والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإتلافها، وتعطيل وسائل المواصلات عمداً، والدعوة إلى تلك المظاهرات والتحريض عليها، وتصوير مقاطع مرئية ومسموعة لتلك الأفعال ونشرها عبر شبكة الإنترنت.
وبحسب الاتهامات الموجهة إليهم فإنها تعد أعمالا «تشكل جرائم تمس أمن الدولة وتخل بالنظام العام، ومن شأنها تعريض مصالح الدولة للخطر»، مما تطلب إصدار أمر من النيابة العامة بحبسهم احتياطيا على ذمة التحقيقات، فيما أمر النائب العام بإحالتهم لمحاكمة عاجلة.
تطبيق القانون
إجراءات قانونية بحتة جرت بعد منح المتهمين حقوقهم في إبداء رأيهم فيما أسند إليهم من اتهامات، دون التغول على تلك الحقوق، تأتي في إطار مساعي دولة الإمارات لتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
تلك الإجراءات ترافقت مع رسالة وجهها النائب العام لكل من يقيم على أراضي دولة الإمارات، مناشدا إياهم الالتزام بقوانينها، وعدم الانقياد إلى مثل تلك الدعوات والأفعال، باعتبارها تشكل جرائم جسيمة الأثر على المجتمع، وشديدة العقاب على مرتكبيها.
نهج أكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في تغريدة له عبر حسابه بمنصة «إكس» (تويتر سابقا)، قائلا إن التسامح والتعايش والالتزام بالقوانين والحفاظ على الأمن والأمان أسس متينة لمجتمعنا.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «إن على أرض دولة الإمارات يعيش أكثر من 200 جنسية يسهم أفرادها معنا في تنمية هذا الوطن»، معربا عن تطلعه إلى أن «يلتزم كل من يعتبر الإمارات وطناً بالقوانين».
الأمر نفسه أشار إليه المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش، قائلا في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس» إن «الإمارات دولة مؤسسات، ونظام يحمي الجميع ضمن نموذج قائم على القانون والتنوع والأمان».
قرقاش أضاف في تغريدته أن قرار النائب العام بالتحقيق وإحالة المتجمهرين من الجنسية البنغلاديشية إلى المحاكمة بعد إثارتهم الشغب جاء «ضمن سياق قانوني للحفاظ على نموذجنا وعدم السماح بتصدير مشاكل وقضايا الدول الأخرى إلى مجتمعنا».
تلك الإجراءات وهذه الرسائل تأتي تعزيزًا لنهج التعايش السلمي، الذي باتت الإمارات دولة رائدة فيه، فأصبحت محط جذب وبيئة صالحة للتعايش والانفتاح.
جهود ثمنها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، مشيدا بالجهود والمبادرات الإماراتية لنشر قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك، والتعاون الوثيق، وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة، وتأصيل ثقافة التَّعايش والحوار الحضاري وتحصين الشباب، وتقوية مناعتهم ضد الأفكار المتطرفة وترسيخ القيم والأخلاق والولاء للوطن في نفوسهم.
جهود تاريخية
وسبقت الإمارات دول العالم في مجال التسامح بإنشاء وزارة للتسامح عام 2016، وجعلت من عام 2019 «عاماً للتسامح»، وقّع خلاله فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية "وثيقة الأخوة الإنسانية"، باعثة برسالة تسامح وسلام إلى العالم.
وعلى الرغم من أن دولة الإمارات جعلت من 2019 عاماً للتسامح، فإن الأمر لم يكن مفاجئا حينها أو مستغربا، لا سيما أنه يلي عام زايد، الذي امتدت خلاله أيادي الإمارات البيضاء إلى كثير من دول العالم، إذ لطالما كانت الإمارات ولا تزال شجرة وارفة الظلال تفيء بقيم الخير والتسامح على كل من يعيش على أرضها، بل على امتداد العالم أجمع.
ذلك النهج أكده أدباء ومثقفون في تصريحات سابقة لـ«العين الإخبارية»، قائلين إن دولة الإمارات نموذج غير مسبوق في مجال الوحدة والتآخي، مشيرين إلى أن هذا الولاء والشعور بالإخلاص والانتماء إلى أرض واحدة، يجعل من دولة الإمارات نموذجاً فطرياً لمعنى التسامح، ويجعلها قادرة على أن تصنع من مبدأ التسامح جزءاً لا يتجزأ من حياة كل فرد يعيش على أرضها، لأنها بالأصل دولة قائمة على العدالة والمحبة والإخاء والتسامح.
فـ«كل من يحظى بفرصة العيش في الإمارات سيجد نفسه جزءاً لا يتجزأ من هذه الدولة المتميزة، وابناً باراً بما تقدمه له وللجميع دون تمييز»، بحسب المثقفين، الذين أكدوا أن دولة الإمارات منذ نشأتها تأسست على هذا التعايش والتسامح، وباتت نموذجا لتكريس فكر القائد المؤسس في التسامح واحتضان الجميع دون تفرقة أو تمييز.
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز