بعد قرار ترامب المفاجئ.. مقارنة بين قدرات الغواصات الأمريكية والروسية

بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نشر غواصتين نوويتين ردًا على تصريحات "استفزازية للغاية" أدلى بها مسؤول روسي، تتجه الأنظار إلى حرب بلا ضجيج وغير مرئية تدور في أعماق المحيطات.
تُعد الغواصات جزءًا لا يتجزأ من القوة البحرية لأي دولة كبرى، وهي أسلحة حاسمة في الردع والعمليات السرية.
وتتصدر روسيا والولايات المتحدة المشهد العالمي في تطوير هذه الآلات المعقدة والمتقدمة للغاية. وفي سباق التسلّح تحت الماء، يستثمر كلا البلدين بكثافة لضمان التفوق، مع التركيز على عناصر رئيسية: الصمت، والقوة النارية، والقدرة على البقاء.
الأشباح
من أجل ضمان البقاء والعمل، يتوجب على الغواصات تجنب إصدار أي ضجيج يمكن رصده. وفي هذا المضمار، تُعد الغواصات الأمريكية المعيار العالمي.
وتُعرف غواصات الهجوم من فئة "فرجينيا" والغواصات الصاروخية الباليستية من فئة "أوهايو" بأنها من بين الأكثر صمتًا في العالم، وفق تقارير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إذ تتميز بتصميمات مبتكرة للمحركات، وأنظمة دفع كهربائي، وتغليفات عازلة للصوت.
وتهدف الهندسة الأمريكية إلى تقليل التوقيع الصوتي للغواصة إلى أقصى حد، مما يجعل اكتشافها صعبًا للغاية من مسافات بعيدة.
أما الغواصات الروسية فقد حققت تقدمًا ملحوظًا في تحسين صمتها في الأجيال الأحدث، على غرار طراز Severodvinsk.
وبينما كانت الغواصات الروسية التاريخية معروفة بأنها أكثر ضوضاء، فإن التصميمات الجديدة قلّلت هذه الفجوة بشكل كبير.
وبحسب تحليل البحرية الأمريكية لتطور الغواصات الروسية ضمن أبحاث الكونغرس، تستخدم روسيا تقنيات مثل الدفع الهادئ وتصميمات دفع متقدمة، وإن كانت لا تزال متأخرة قليلًا عن الصمت المطلق للغواصات الأمريكية الأكثر تقدمًا.
القوة النارية
تتنوع قدرات التسليح بين الغواصات الهجومية (SSN) وغواصات الصواريخ الباليستية (SSBN) في كلا البلدين.
بالنسبة للولايات المتحدة، تحمل غواصات الهجوم عادةً طوربيدات Mark 48 ADCAP وصواريخ كروز "توماهوك"، التي يمكن إطلاقها من أنابيب الطوربيد أو أنابيب الإطلاق العمودية.
وتُستخدم صواريخ "توماهوك" لضرب أهداف برية بدقة عالية. أما غواصات "أوهايو" الباليستية، فهي العمود الفقري للردع النووي، وتحمل ما يصل إلى 24 صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات.
وقد حوّلت البحرية الأمريكية أربع غواصات من طراز "أوهايو" إلى غواصات صواريخ موجهة، قادرة على حمل ما يصل إلى 154 صاروخ "توماهوك"، مما يجعلها منصات هجومية تقليدية هائلة، وفق موقع البحرية الأمريكية.
أما الغواصات الروسية، فتحمل الطرازات الهجومية منها طوربيدات وصواريخ كروز، بما في ذلك صواريخ "كاليبر" متعددة الاستخدامات، وصواريخ أسرع من الصوت مثل "أونيكس".
وتعمل روسيا، حسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، على دمج صواريخ "تسيركون" فرط صوتية في غواصاتها.
أما الغواصات الباليستية الحديثة من فئة "بوري"، فتحمل ما يصل إلى 16 صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات من طراز "بولافا"، وهي جزء أساسي من الثالوث النووي الروسي.
كما تمتلك روسيا غواصات متخصصة مثل "بيلغورود"، القادرة على حمل طوربيدات نووية ذاتية الدفع مثل "بوسيدون"، مما يضيف بعدًا فريدًا لترسانتها.
القدرة على الغوص العميق
تميل الغواصات الروسية، لا سيما الباليستية، التي تُعد الأكبر في العالم، إلى أن تكون أكبر حجمًا وأكثر قدرة على الغوص لأعماق أكبر.
هذه القدرة على تحمّل الضغط في الأعماق السحيقة تمنحها ميزة تكتيكية في بعض السيناريوهات، بحسب موقع "الأمن العالمي".
في المقابل، وعلى الرغم من أن الغواصات الأمريكية كبيرة الحجم، إلا أنها ليست بحجم نظيراتها الروسية العملاقة، إذ يتركز النهج الأمريكي على تحقيق توازن بين الحجم، الصمت، والقدرة على المناورة، بدلًا من السعي لأقصى عمق غوص، وفق بيانات وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية.
عين وأذن تحت الماء
تتميّز الغواصات الأمريكية بأنظمة سونار متطورة للغاية، تشمل السونار السلبي (الذي يستمع إلى الضوضاء) والنشط (الذي يُطلق موجات صوتية).
هذه الأنظمة، إلى جانب قدرات الحرب الإلكترونية المتقدمة وأنظمة القيادة والتحكم المتكاملة، تمنحها وعيًا ظرفيًا ممتازًا.
في المقابل، طوّرت روسيا أنظمة سونار خاصة بها يمكن أن تكون فعالة للغاية، خاصة في كشف الغواصات الأجنبية. كما تمتلك قدرات حرب إلكترونية خاصة بها.
ورغم أن الغواصات الأمريكية قد تحتفظ بميزة طفيفة في الصمت والتكنولوجيا الشاملة، مما يمنحها تفوقًا تكتيكيًا، فإن الغواصات الروسية الحديثة قلّصت هذه الفجوة بشكل ملحوظ، وتقدم ترسانة متنوعة ومبتكرة.
يُشكّل كلا الأسطولين تهديدًا كبيرًا لبعضهما البعض، مما يحرّك سباق الابتكار المستمر في "حرب الأعماق".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز