«تأثير ترامب» في عالم مضطرب.. مستقبل الصراعات بـ2025
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يظل السؤال الرئيسي: هل ستحدث تغييرات على طاولات المفاوضات عالميا أم في ساحات المعارك؟
وتتوقع مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض، في ظل هذه الأوقات المضطربة، إلى مزيد من التقلبات في عالم متقلب بالفعل. وأن يمتد تأثير هذه العودة إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل قد يُحدث تحولات جذرية في موازين القوى العالمية.
في الشرق الأوسط، أدى الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل إلى حدوث تغييرات كبيرة. فدُمرت غزة بالكامل تقريبًا بسبب رد إسرائيل العنيف الذي لم يستهدف فقط البنية التحتية العسكرية بل طال المدنيين بشكل واسع النطاق.
في الوقت ذاته، تعرضت شبكة إيران الإقليمية من الوكلاء غير الحكوميين، مثل حزب الله والمليشيات العراقية، لضربات شديدة أضعفت قدرتها على التحرك.
وفي آسيا، حيث تتنافس الصين مع الولايات المتحدة وحلفائها على الهيمنة، أصبحت التوترات أكثر تعقيدًا.
وفي بحر الصين الجنوبي، تواصل بكين بناء الجزر الاصطناعية وتعزيزها عسكريًا، مما أثار غضب دول الجوار مثل الفلبين وفيتنام.
أما شبه الجزيرة الكورية، فقد شهدت زيادة كبيرة في التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية، مما دفع كوريا الجنوبية واليابان إلى تعزيز تعاونهما الدفاعي مع الولايات المتحدة.
من أوكرانيا إلى السودان
وفي روسيا، يظل الهجوم على أوكرانيا جزءًا من محاولة الرئيس فلاديمير بوتين لتغيير الترتيبات الأمنية التي أعقبت الحرب الباردة.
ووفق فورين بولسي، هذا الصراع لم يعد مجرد حرب إقليمية بل تهديدًا بمواجهة أوسع نطاقًا في أوروبا، خاصة مع تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا واستمرار العقوبات على موسكو.
ومن ميانمار إلى السودان، تمر العديد من الدول بحروب أهلية وأزمات إنسانية غير مسبوقة. في ميانمار، يواصل الجيش قمع الاحتجاجات الديمقراطية بعنف، مما أدى إلى تشريد الملايين، فيما تعاني السودان، من نزوح داخلي هائل وانعدام الأمن الغذائي إثر الصراع المستمر منذ أكثر من عام ونصف.
ووصل عدد القتلى والمشردين والجوعى في العالم إلى مستويات تاريخية، مما يبرز الحاجة إلى تدخل دولي عاجل لتقديم المساعدات الإنسانية وإيجاد حلول مستدامة للنزاعات.
ويتوقع أن تضيف عودة ترامب المزيد من الغموض إلى المشهد الدولي. فسياساته غير التقليدية، التي غالبًا ما تكون متقلبة، قد تشجع أعداء الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا على استغلال الفوضى الداخلية الأمريكية.
وفي المقابل، قد يشعر حلفاء الولايات المتحدة، مثل دول الناتو، بالحاجة إلى إعادة النظر في علاقاتهم الاستراتيجية، مما قد يؤدي إلى تغييرات دائمة في التحالفات.
سوريا وسقوط الأسد:
بالعودة إلى الشرق الأوسط، قد تجد سوريا فرصة لإعادة البناء بعد سنوات من الحرب، لكنها تواجه تحديات معقدة تتمثل في: الفوضى الداخلية، إذ تجد هيئة تحرير الشام صعبة في توحيد البلاد تحت قيادتها، والمخاوف الطائفية لدى الأقليات الدينية والعرقية، بمن في ذلك العلويون والمسيحيون.
كما أن التدخلات الخارجية تمثل تحديا للوضع الجديد في سوريا، إذ استمرت إسرائيل في قصف المنشآت العسكرية السورية التي يُشتبه في ارتباطها بإيران. وفي الوقت نفسه، تسعى تركيا لتوسيع نفوذها في الشمال السوري، مما يزيد من التوترات مع القوات الكردية.
ومن ثم، يجب على تركيا السماح بمفاوضات شاملة بين السلطات السورية الجديدة والقوات الكردية لتحقيق إعادة الاندماج الوطني وتجنب الانقسام.
كما يجب أن تخفف الدول الغربية تخفيف العقوبات للسماح بتدفق المساعدات الإنسانية ودعم جهود إعادة الإعمار، وفق فورين بوليسي.
السودان... حرب مدمرة
وتسببت الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) والجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان في كارثة إنسانية، إثر نزوح أكثر من 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، ومعاناة أكثر من نصف السكان من نقص حاد في الغذاء، مع انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية.
ويواجه السودان خطر تقسيم البلاد، حيث تزداد الدعوات لتقسيم السودان إلى شمال وجنوب أو حتى كيانات أصغر بناءً على الانتماءات العرقية والقبلية.
ولإنجاح جهود السلام، تحتاج الوساطات الدولية إلى التركيز على تقاسم السلطة بين الأطراف المتنازعة وتشكيل حكومة انتقالية، على حد قول المجلة الأمريكية.
أوكرانيا وأمن أوروبا
وعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا عبر التفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن تحقيق وقف إطلاق نار مستدام أو اتفاق سلام يبدو صعبًا.
وعلى الأرجح، سيستمر الصراع مع مفاوضات غير مثمرة وتحميل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية الفشل. وقد يلجأ ترامب لاحقًا إلى تصعيد الدعم العسكري لأوكرانيا، أو ربما يختار تقليصه، مما سيضع كييف في موقف حرج.
إسرائيل وفلسطين:
الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي جاء ردًا على هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أسفر عن دمار واسع النطاق.
وتشير التقارير المحلية إلى مقتل أكثر من 45,000 فلسطيني، معظمهم مدنيون، بما في ذلك عدد كبير من الأطفال. كما تم تدمير نحو ثلثي المباني والبنية التحتية.
ورغم استهداف قيادات حماس، يقر بعض المسؤولين الغربيين والإسرائيليين بأنه لا يمكن إدارة غزة دون موافقة ضمنية من حماس.
ولم تتضح بعد سياسات ترامب المستقبلية بشأن الصراع، إذ تشير التقارير إلى أنه طلب من نتنياهو إنهاء الحرب قبل توليه المنصب، لكنه لم يحدد شروطًا واضحة. ويبدو أن فريقه يميل إلى منح إسرائيل حرية أكبر في عملياتها.
إيران في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل
في النصف الأول من عام 2024، رأت إيران أن "محور المقاومة" التابع لها، الذي يضم تحت قبته نظام الأسد في سوريا وعدة جماعات مسلحة مثل حزب الله في لبنان، ومليشيات في العراق وسوريا، والحوثيين في اليمن، وحماس والجهاد الإسلامي في غزة، لا يزال يوفر لها حماية نسبية ونفوذًا إقليميًا.
ولكن في يوليو/ تموز، قُتل إسماعيل هنية، زعيم حماس، في طهران. قبل شهرين من تفجير إسرائيل أجهزة اتصال حزب الله وإلحاق أضرار جسيمة بصفوف قياداته الوسطى.
تبع ذلك ضربات جوية وهجوم بري أدى إلى مقتل حسن نصر الله، زعيم حزب الله، وتدمير قواته وأصوله العسكرية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، نفذت إسرائيل ضربات على إيران أدت إلى تدمير أنظمة دفاعها الجوي ومخزوناتها الصاروخية.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول، أُطيح بالرئيس السوري بشار الأسد على يد الفصائل المعارضة، مما أفقد إيران حليفًا استراتيجيًا ومسارات رئيسية لإمداد حزب الله.
وعلى الرغم من الخسائر، لم تغير إيران حساباتها النووية. وتشير التقديرات إلى أن وقت "الاختراق" الإيراني لإنتاج المواد الانشطارية لرأس نووي بات قصيرًا جدًا، لكن تركيب الرأس سيحتاج إلى شهور إضافية، وفق فورين بوليسي.