حقنة قاتلة تغيّر قواعد الصيدليات في مصر.. القصة كاملة (خاص)
أصدرت وزارة الصحة المصرية، الأحد، قراراً ينظّم عملية إعطاء الصيادلة جرعات العلاج عن طريق الحقن للمرضى.
وحددت الوزارة 4 شروط تسمح للصيدلي إعطاء الحقنة بنفسه للمريض، وهي: ضرورة وجود وصفة طبية من الطبيب المعالج، اجتيازه دورات تدريبية مقدمة من وزارة الصحة أو جهات تحددها، توافر الأدوية المضادة للأعراض التحسسية وإعطاء الحقن العضلية وتحت الجلد فقط.
بطبيعة الحال، ألقى هذا القرار بظلاله على العاملين في الصيدليات خصوصا أنها تستقبل نحو 3 ملايين مريض يومياً يتلقون العلاج بالحقن داخلها، بحسب تصريحات للدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة تصنيع الدواء في نقابة الصيادلة.
إخلاء مسؤولية
واعتبر عدد من الصيادلة أن هذا القرار من شأنه رفع الحرج عنهم فيما يخص الآثار السلبية التي قد تلحق بالمريض عقب تلقيه الجرعة، ومن بينهم مهران عادل، الذي قال لـ"العين الإخبارية": "هذا الإجراء في مصلحة المريض، والصيدلي أيضاً الذي تُرفع عن كاهله المسؤولية".
وأضاف عادل أن من الأفضل أن يتلقى المريض جرعته إما داخل العيادات وإما معامل التحاليل، فهذه العملية تحتاج لأماكن معقمة تتوفر فيها اختبارات الحساسية، خصوصاً أنّ أعراضها لا تظهر فور تلقي المريض للحقنة، ولا تراها العين المجردة في لحظتها.
ما سبق، اتفق معه الصيدلي هاني ويليام، فأوضح لـ"العين الإخبارية" أنه يرفض بشكل عام فكرة إعطاء الحقن بشكل عشوائي، خصوصاً المضادات الحيوية، مؤكداً أنه يكتفي ببيع العقار، على أن يتلقاه المريض في "مكان مؤهل" بحسب تعبيره.
ورأى ويليام أن من الأفضل للمرضى الحصول على جرعاتهم داخل مستوصف طبي يتوفر فيه اختبار حساسية.
أما عن الدورات التدريبية، فأشار عادل إلى أن الصيدلي بطبيعة الحال يتدرب خلال سنوات دراسته في الكلية على خطوات الإسعافات الأولية، والتي يكون من بينها إعطاء الحقن، لكن في الوقت نفسه لا يصح للصيدلي التعامل مع جميع الحالات.
وأوضح قائلاً: "أنا مثلًا لا أتعامل مع حقن الوريد لأن مضاعفاتها كثيرة"، معتبراً أن المرضى وذويهم في حاجة ماسة إلى توعيتهم بالأمر، حتى يلتزموا بالإجراءات الصحيحة.
وأكد ويليام أن الصيدلي مؤهل لإعطاء الحقنة للمريض، لكن من الأفضل للأخير أن يحصل على جرعته من أحد ممثلي هيئة التمريض: "أنا لا أستفيد من هذه العملية إلا بيع الدواء فقط".
على النقيض، ألقى الصيدلي عبدالقادر أحمد اللوم على مكوّنات بعض العقارات التي يحصل عليها المريض عن طريق الحقن، معتبرًا أنها سبب في بعض الآثار السلبية التي يتعرض لها الأخير: "إحنا مش محتاجين تدريب عشان ندي حقنة".
وزعم عبدالقادر، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن تركيبات بعض العقارات من شأنها أن ترفع درجة الحساسية التي يعاني منها المريض عقب تلقيه الحقنة، بشكل قد يصعب فيه على الصيدلي إنقاذه، حتى لو توافرت لديه مضادات الحساسية: "الأمر قد يصل إلى الوفاة لا قدر الله".
وزارة الصحة تعلق
من جانبه، حرص الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، على إيضاح عدد من الأمور الخاصة بالقرار الأخير، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية".
قال الدكتور حسام عبدالغفار إن هذا القرار خاص بالصيدلي كشخص فقط: "نحن لم نتطرق إلى الصيدليات".
وأكد أن القرار يستهدف "الصيدلي المؤهل وفقاً لبرنامج تدريبي محدد": "نحن نرخص للصيدلي هذا النشاط بشرط حصوله على دورة مؤهلة أو شهادة معتمدة".
وأشار إلى أن مراقبة نشاط الصيدليات من اختصاص هيئة الدواء المصرية، منوهاً بأن الشهادات التي يحصل عليها الصيدلي أو التراخيص بشكل عام الخاصة بها تكون معلقة داخلها، وهو بدوره ما يدفع المريض للاطمئنان.
أزمة بسبب الحقن
قرار وزارة الصحة جاء بعد وفاة طفلتين شقيقتين في محافظة الإسكندرية شمال البلاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدما حصلت الصغيرتان على حقنة مضاد حيوي داخل إحدى الصيدليات.
وبحسب تحقيقات الشرطة، التي نقلتها وسائل إعلام محلية حينها، عانت الطفلتان من نزلة برد وارتفاع في درجة الحرارة، وذهبت بهما الأم إلى إحدى الصيدليات لشراء العلاج الموصوف من الطبيب وحقنهما، إلا أنها لم تجد العلاج المرجو.
وفي وقت لاحق، لم تجد الأم العقار الموصوف، حتى قبلت أن تحصل ابنتاها على علاج بديل، وهو ما تم دون إجراء اختبار لهما، حتى أصيبتا بإعياء شديد عقب حقنهما وفارقتا الحياة.