نادي المناخ الدولي.. حلم مؤجل ينتظر COP28
تردد السنوات خلال الأخيرة مصطلح "نادي المناخ" المنوط به لعب دور محوري لتحقيق الانتقال العادل للطاقة مع مراعاة الحقوق المناخية.
فما قصة هذا النادي؟ وهل سيتحول إلى منظمة تحكمها قواعد آمنة لمواجهة تغير المناخ؟
كل هذه الأسئلة وأكثر فتشت العين الإخبارية" عن إجاباتها، فإليكم أصل الحكاية، وكيف ينتظر العالم مؤتمر الأطراف للمناخ الذي تستضيفه دولة الإمارات نوفمبر المقبل COP28، لتحقيق الحلم المؤجل؟
في بيان مجموعة السبع الكبار الصادر يوم 20 مايو/أيار الفائت، وتحت عنوان خطة عمل اقتصاد الطاقة النظيف، أشار ممثلو الدول السبع إلى "نحن نعمل على إصلاح وتقوية النظام التجاري متعدد الأطراف بشكل شامل حتى يتمكن من الاستجابة بفعالية لأكثر القضايا إلحاحًا في عصرنا بما في ذلك التنمية المستدامة وانتقال الطاقة النظيفة" معتبرين الإصلاح "حجر الزاوية للانتقال العادل إلى اقتصاد الطاقة النظيفة الذي يحقق نموًا مستدامًا ووظائف عالية الجودة"، مشددين على "التزامهم بمواصلة العمل داخل نادي المناخ المفتوح والمتعاون والشامل "لتفادي الدخول في منافسة بين بعضهم البعض، لأن حالة الطاقة لكل بلد، والهياكل الصناعية والاجتماعية، والظروف الجغرافية مختلفة عن الأخرى، منافسة مرفوضة لأن محصلتها "صفر".
هنا التعاون بين كبار الاقتصادات الدولية لتحقيق "هدف مشترك" الوصول لصافي الانبعاثات بحلول عام 2050، حسب اتفاقية باريس، على أبعد تقدير، تعاون باسم "نادي المناخ" المنوط به لعب دور محوري لتحقيق الانتقال العادل للطاقة بدون أن يكون الانتقال "على حساب بعضنا البعض" بحسب نص البيان.
من أين أتي مصطلح النادي الدولي للمناخ؟
كانت البداية في 25 أغسطس/آب عام 2021 ، عندما قدم وزير المالية الألماني أولاف شولتز، في آخر ولاية للمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل ورقة مشتركة حول القضايا الرئيسية "لنادي دولي للمناخ"، هدف النادي المقترح إعطاء دفعة إضافية لتنفيذ اتفاق باريس على المستوى الدولي، في صميم المبادرة يكمن التعاون بين البلدان التي ترغب في المضي قدمًا في التحول الاجتماعي والاقتصادي اللازم لمواجهة تغير المناخ، بحسب البيان المنشور بنفس التاريخ علي موقع وزارة المال في ألمانيا. أضاف نص البيان وعلى لسان وزير المالية أولاف شولتز: لا يزال العمل المناخي يمثل التحدي الأكبر في عصرنا.
تهدف ألمانيا إلى أن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2045، ويريد الاتحاد الأوروبي تحقيق ذلك بحلول عام 2050. المطلوب الآن التنفيذ، لكن هناك شيء واحد واضح: ليس من الممكن معالجة تغير المناخ بنجاح على مستوى الدول بشكل فردي أو الاتحاد الأوروبي فقط، لذا يجب إنشاء نادٍ دولي للمناخ يضم كل من يمضي قدمًا في تحقيق أهداف مناخية طموحة، ناد يضع معايير حد أدنى مشتركة، ويدفع العمل المناخي المنسق دوليًا ويضمن أن العمل المناخي يجعل الدولة، عضو النادي، أكثر قدرة على المنافسة على المستوى الدولي.
عودة للوراء 6 سنوات من تاريخ حديث وزير المالية في برلين، لاتفاقية باريس 2015، التي أطلقت العمل المناخي الدولي المشترك لتحقيق هدف تفادي ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب الاحتباس الحراري لما فوق 1.5 درجة مئوية أعلى مما كانت عليه قبل العصر الصناعي، لتجنب ظواهر المناخ المتطرفة من جفاف وسيول وأعاصير ستعجز البشرية عن التعامل معها بكفاءة وستؤدي لموت عشرات الألوف من البشر، اتفاقية باريس أو كوب 21، جاءت خالية من الألزام تاركة لكل دولة الالتزام طواعية بهدف خفض الانبعاثات لتفادي المصير المخيف.
مبادرة وزير المالية الألماني حول النادي الدولي للمناخ هدفها تشجيع الاقتصادات المتقدمة على تنفيذ التزاماتها المناخية دون الخوف من الدخول في منافسة لغير صالحها مع الدول الأخرى الأقل التزاما، وبالتالي الأرخص تكلفة لصادراتها مقارنة بتكلفة صادرات الدول الملتزمة أو بتعبير أولاف شولتز نفسه: حماية الرواد في السياسات المناخية الطموحة من مساوئ التنافسية، مضيفا بعض البلدان قادرة حاليًا على اكتساب ميزة تنافسية لقطاعاتها الصناعية من خلال متابعة أهداف عمل مناخي أقل طموحًا من البلدان، ليعلن بصراحة: سيساعد نادي المناخ على ضمان ألا تعاني البلدان التي تمضي قدمًا في العمل المناخي "الطموح" من الخسارة عندما يتعلق الأمر بالقدرة التنافسية لصناعاتها عالميا.
العمل العالمي المنسق
ما شجع مستشار ألمانيا أولاف شولتز، وزير المالية في حينه، هو نجاح مجموعة الـ20 في وضع حد أدنى لمعدل الضريبة عالميا، معتبرا أن مواجهة تغير المناخ مهمة لا يمكن معالجتها إلا من خلال العمل العالمي المنسق، ملخصا جدوي دعوته لنادي دولي للمناخ بإشارته إلي ما حدث بالفعل داخل الاتحاد الأوروبي، الذي "بفضل تعاونه الداخلي ومشاوراته، تمكن من تبني أكثر سياسات المناخ طموحًا في العالم، دون أن تغتني دول أعضاء به على حساب دول أعضاء أخرى من خلال اختلافها فيما بينها في مستوي التزاماتها بخفض الكربون في صناعاتها ، مشددا على أن نموذج العمل المشترك الأوروبي يجب أن يتكرر على المستوى الدولي.
أضاف أن آليات العمل من خلال النادي الدولي للمناخ تقوم على "تنسيق الأعضاء مع بعضهم البعض بخصوص السياسة التجارية، خصوصا في التجارة مع البلدان ليست أعضاء بعد في نادي المناخ، وبما يتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية".
مشددا على أنه لا يمكن تحقيق الأهداف المناخية الطموحة إلا من خلال إجراءات جريئة للعمل المناخي، عمليا تواجه جميع البلدان الصناعية والاقتصادات الناشئة نفس التحدي، ولكي ينجح هذا التحول يتعين على جميع أعضاء النادي الدولي للمناخ تنسيق أدوات سياسة المناخ الخاصة بهم وإنشاء إطار عمل موثوق به يمنع صناعاتهم واقتصاداتهم من أن تكون في "وضع تنافسي غير مفيد".
طرق تحقيق قياس موحد
بالعودة لاختلاف مستويات التصنيع بين دولة لأخرى، أشار البيان المنشور على موقع وزارة المالية الألمانية قبل عامين إلى أن هدف نادي المناخ وقبل كل شيء جعل القواعد المختلفة قابلة للمقارنة.
تحالف نادي المناخ يتمثل في قيام أعضائه بمناقشة طرق تحقيق قياس موحد لمحتوى ثاني أكسيد الكربون في المنتجات والمواد، محل التجارة الدولية، لتسريع تحول القطاع الصناعي بكل دولة ليكون صديقا للمناخ كهدف مهم آخر، ولهذه الغاية سيعمل الأعضاء معًا لإنشاء أسواق رائدة مشتركة للمواد الخام المحايدة مناخا مثل الفولاذ وتشجيع تطوير سلسلة التوريد للهيدروجين الأخضر.
بالنسبة لمن يرغب في الانضمام للنادي المرموق من الدول الأخرى، عليها أن ترغب في تحقيق الحياد المناخي، كقاعدة بحلول عام 2050 على أبعد تقدير، مع تحديد أهداف مؤقتة طموحة على الطريق وصولا لهدف الحياد المناخي. مع التشديد على أن فاعلية نادي المناخ مرتبطة بدخول كبار الملوثين للمناخ، مثل الولايات المتحدة الملوث الأكبر تاريخيا والصين الملوث الأكبر حاليا، مما سيخلق تأثيرًا مضاعفًا للنادي الدولي في جميع أنحاء العالم.
معتبرا أن ورقة القضايا الرئيسية لنادي المناخ دعوة للعلماء وأصحاب المصلحة المتأثرين، للمشاركة في تشكيل نادي المناخ.
إنقاذ التعاون الدولي
من جانب آخر، نادي المناخ يعكس عدم الرضا عن عملية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ متعددة الأطراف، والأمل في أن يؤدي النادي المصغر إلى زيادة طموح تنفيذ سياسات صديقة للمناخ، وتنشيط عملية اتفاق باريس، وجعل تعهدات الانبعاثات المستقبلية ثابتة، كدوافع إضافية لإطلاق النادي المهم، وفقًا لعدد متزايد من العلماء والدارسين، قدموا معا بحثا أوائل نفس العام 2021 تحت اسم أندية المناخ: هل هي ممكنة سياسياً ومرغوبة؟
نشر في جورنال المناخ، هدف البحث "ضخ قدر أكبر من الواقعية السياسية في المناقشات الحالية حول جدوى النماذج، والنظر في شرعيتها في سياق التعاون الدولي في مجال المناخ"، مشددين على أن نوادي المناخ تواجه عجزا في الشرعية الدولية، يحتاج معه أي اقتراح للنادي إلى النظر في كيفية الإضافة إلى النظام الدولي متعدد الأطراف لمعالجة ظواهر المناخ وليس صرف الانتباه عنه.
نماذج مختلفة من حيث الحجم المقترح والغرض والمبادئ التشغيلية والقوة القانونية والعلاقة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، مثل نموذج أن تتفاوض البلدان بشأن تدابير التخفيف الملزمة قانونًا وإنفاذها من خلال آليات معاقبة، ونموذج التركيز على الأساليب القطاعية التي تستهدف صناعات معينة، أو نموذج يهدف ببساطة إلى تعزيز الحوار والتعاون، مع التشديد على أن الأندية إبداعات دائمة، سواء تم تشكيلها بشكل رسمي أو غير رسمي، مع هدف مشترك وقواعد تحكم العضوية.
نقص عام في المعرفة
دعوات إنشاء نوادي المناخ عمرها سنوات بغرض تحسين حالة السياسة المناخية الدولية، البحث المشار إليه كشف "نقصًا عامًا في المعرفة بفكرة نادي المناخ خارج الدوائر الأكاديمية".
المقترح الألماني للنادي الدولي غالبا يشترط أن تكون مزايا النادي متاحة فقط للأعضاء (مثل التداول التفضيلي، والوصول إلى التكنولوجيا والتمويل)، وعن طريق معاقبة الأعضاء غير الممتثلين (مثل سحب مزايا النادي أو الطرد) أو الأعضاء غير المستعدين للانضمام (بفرض رسوم الكربون أو التعريفات الموحدة على الواردات) مع القدرة على المساومة والتفاوض على الأهداف والقواعد والسياسات، والبداية اشتراك البلدان المشتركة في التزام معياري معين، بالتالي يمكن اعتباره ناديا من الأعضاء الطموحين، ولكن بشروط مرتبطة.
ومع ذلك، فمن خلال إتاحة مزايا ملموسة قائمة على العضوية، يأمل الألمان في توسيع دائرة المشاركين إلى أولئك الذين لا يشاركون في البداية، الطموح الأعلى لأعضاء النادي.