أسبوع المناخ في الرياض.. الطريق ممهد لمحادثات COP28
المنطقة قادرة على تحقيق نتائج إيجابية.. التقنيات والابتكارات الحل
تسليط الضوء على بعض الطرق المبتكرة التي تهدف إلى المساعدة في تخفيف انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.
هذا هو المضمون الأشمل لأسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2023 ، في نسخته الثانية، الذي بدأ في العاصمة السعودية الرياض يوم الأحد ويستمر حتى 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وستصب المناقشات في مؤتمر COP28 في دبي، حيث تناولت المناقشات التحديات والفرص المتاحة للعمل المناخي، ومحاولة تطوير الحلول التقنية التي لديها القدرة على إحداث تأثير حقيقي، والإسهام في معالجة التغيّر المناخي، مما سيساعد في إثراء عملية التقييم العالمي وتسريع تنفيذ اتفاق باريس.
وكشفت فعاليات الحدث الأكبر الذي يعتبر تمهيد الطريق لمباحثات قمة المناخ في دبي، أن المنطقة قادرة على تحقيق نتائج مناخية إيجابية، حسبما أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، لافتا إلى حرص رئاسة COP28 على الاستفادة من العمل المناخي لتعزيز النمو المستدام، قائلا: "مصممون وواثقون وقادرون على قيادة العالم بأجندة مناخية واضحة خلال مؤتمر المناخ المقبل".
توظيف الإمكانات لإنجاز تغييرات جذرية
فالمنطقة تملك الموارد والخبرات اللازمة لبناء مستقبل أفضل للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والعالم أجمع؛ وعلى مدى عقود، نجحت في توظيف إمكاناتها لإنجاز تغييرات جذرية، وواجهت الأحداث العالمية وتغير المناخ بمرونة وثبات.
وقد شهدت المنطقة خلال العقد الماضي، زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة أكثر من أربع مرات، مع توقع مضاعفة قيمتها الحالية خلال السنوات الخمس المقبلة، حسب حديث الدكتور سلطان الجابر، بجانب تصدر المنطقة لإنتاج الهيدروجين النظيف عالمياً، فالخبرات والموارد في المنطقة قادرة على قيادة بناء مستقبل داعم للعمل المناخي والنمو الاقتصادي وخلق قطاعات وتقنيات ووظائف جديدة وأمل جديد، داعياً إلى استخدام ما لديها من قدرات ورؤوس أموال وخبرات ونطاق عمل لتحقيق نتائج إيجابية ملموسة.
وكما قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، وزير الطاقة في المملكة، إن لديهم إمكانات تسمح باحتجاز الكربون وتخزينه، ولا يوجد أكثر أهمية للمملكة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعراق من الاستثمارات الكافية لضمان عمل هذه التقنيات من خلال المحفزات والممكنات، وأن نجاح ذلك سيعود بالنفع على الجميع ويتوافق مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
وكما تقدم المنطقة، حاليا النفط كمصدر أساسي للطاقة، فلديها قدرات لتكون، حسب وزير الطاقة، مصدِّرا للهيدروجين النظيف، والمنتج والمصدِّر للكهرباء النظيفة أيضًا.
نقطة ساخنة لتغير المناخ
أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2023، يتم تنظيمه بتعاون الإسكوا وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومجموعة البنك الدولي، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، والبنك الإسلامي للتنمية، وجامعة الدول العربية.
فمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها تعد نقطة ساخنة لتغير المناخ، وتشير كل السيناريوهات إلى ارتفاع درجات الحرارة 20% من المتوسطات العالمية، بجانب أنها المنطقة الأكثر ندرة في المياه في العالم، خلافا إلى أن درجات الحرارة المتزايدة تؤدي حسب الدراسات وآراء العلماء إلى المزيد من الجفاف الحاد والمستمر.
كذلك قال سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ خلال الفاعليات: "تقف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عند مفترق طرق، فبجانب الآثار المدمرة لتغير المناخ، تواجه أيضًا تحدي تحويل اقتصاداتها في عالم يتماشى مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية".
فبالفعل أكثر من 60% من سكان المنطقة لا يحصلون إلا على قدر ضئيل من المياه الصالحة للشرب، و70% من ناتجهم المحلي الإجمالي معرض للإجهاد المائي، و70% من الإنتاج الزراعي في المنطقة يعتمد على الأمطار، فالمنطقة معرضة بشدة للتغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار الناجمة عن تغير المناخ.
وهو ما عبرت عنه إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) بقولها: "إن تغير المناخ لا يشكل تهديداً منتظرا – إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعرف ذلك من خلال تجربتها المباشرة مع موجات الحر الشديدة ونقص المياه. في أسبوع المناخ هذا.
السعودية تطلق آلية لتعويض وموازنة غازات الاحتباس الحراري
مصدر للهيدروجين والكهرباء النظيفة.. طموح سعودي ينطلق من أسبوع المناخ
COP28 نقطة فارقة وعلامة مميزة
وكذلك اعتبر عبد الله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة المدير الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تغير المناخ والتدهور البيئي وندرة الموارد تقوض بالفعل التقدم الانمائي في المنطقة، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة، وتآكل التماسك الاجتماعي، والتعجيل بظهور تحديات وتهديدات جديدة للصحة العامة والسلام والأمن.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، أن دول المجلس عازمة على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيير المناخ وجعل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) الذي تستضيفه الإمارات نقطة فارقة وعلامة مميزة.
التمويل حجو عثرة أمام المفاوضات
إن المشهد الواسع والممزق لتمويل المناخ هو حجر العثرة الرئيسي الآخر في مفاوضات المناخ.، فالبلدان النامية الأقل مسؤولية عن تغير المناخ تسعى إلى الحصول على الأموال من الدول الأكثر ثراءً الملوثة للتكيف مع عواقبه المدمرة والمكلفة على نحو متزايد.
وفي عام 2009، تعهدت الدول الغنية بتقديم 100 مليار دولار من تمويل المناخ كل عام للدول النامية، لكنها فشلت في الوفاء بالموعد النهائي في عام 2020. وهناك آمال في تحقيق الهدف هذا العام.
وهو ما أكد عليه الدكتور سلطان الجابر في كلمته "يجب الوفاء بالوعود القديمة، بما في ذلك التعهد بمبلغ 100 مليار دولار الذي تم التعهد به منذ أكثر من عقد من الزمن".
المنطقة رائدة في مجال الطاقة المتجددة
وفي ذات الوقت، تتمتع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقدرة على أن تكون رائدة في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات المبتكرة، وجذب الاستثمار وتسهيل نقل التكنولوجيا، ووضع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كقادة في التحول العالمي إلى التنمية الخضراء.
وهو ما أشار إليه وزير الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة سهيل المزروعي، إلى أهمية وجوهرية الطاقة في حياة الناس، وفي مواجهة هذه التحديات، قائلاً: "لا يمكننا أن نوقف نظام الطاقة الذي نتعامل معه اليوم، قبل أن نبني نظاماً جديداً للمستقبل، وقبل أن تكون لدينا طاقة مستدامة".
لكن هذا التحول لابد أن يكون تحولا عادل ومنصفا كما عبرن عنه مريم المهيري وزيرة التغير المناخي في دولة الإمارات، بأن دولة الإمارات ترى ضرورة التحرك سريعا من أجل قيادة تحول عادل ومنصف للطاقة في دول المنطقة عن طريق استبدال نظم الطاقة التقليدية بأخرى نظيفة ومتجددة، بما يضمن في الوقت نفسه أمن الطاقة في المستقبل.
حلول ومبادرات
ودعت المهيري وزراء الزراعة في دول التعاون الخليجي إلى دعم إعلان دولة الإمارات للنظم الغذائية والزراعة باعتبار من أهم حلول التكيف مع التغيرات المناخية في العالم والتخفيف من انبعاثات الكربون، بالإضافة إلى دعوتها لهم للانضمام إلى مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" التي أطلقتها بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك مبادرة "تحالف القرم من أجل المناخ" التي أطلقتها بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا، وذلك لوضع حلول لمواجهة التغيرات المناخية والتكيف معها.
وقد أطلقت العديد من المبادرات والبرامج للتخفيف من أثار تغير المناخ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، بما فيها مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وتبني نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وتنويع مصادر الطاقة، وكما قال وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء ومبعوث شؤون المناخ عادل بن أحمد الجبير، أن المملكة تستهدف تحويل المدن إلى مناطق خضراء خالية من التلوث البيئي من خلال تصميم يهدف إلى التقليل من الأزمات المرورية والتلوث البيئي لتحسين جودة الحياة.
وأعلنت المملكة العربية السعودية، اليوم الاثنين، أيضا عن خارطة الطريق الخاصة بزراعة 10 مليارات شجرة، في إطار مبادرة السعودية الخضراء، بما يعادل استصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي في المملكة، وتتضمن الخارطة خطة استراتيجية مصممة لتنمية الغطاء النباتي في جميع مناطق الموائل الطبيعية، كما ستشمل المدن، والطرق السريعة، والمساحات الخضراء لضمان مساهمة الأشجار الجديدة في تعزيز صحة ورفاه سكان المملكة الذين تعيش النسبة الأكبر منهم في المناطق الحضرية، لتسهم في خفض درجات الحرارة بمقدار 2.2 درجة مئوية وتحسين جودة الهواء.
كما أعلن وزير الطاقة في المملكة الأمير عبدالعزيز بن سلمان: "عن إطلاق سوق الكربون الطوعي لتقليل الانبعاثات، مؤكدا العمل على إطلاق برنامج يناقش شح الطاقة عالميا".
وركزت المناقشات في أسبوع المناخ بالرياض أن العالم بحاجة أكثر إلى التعاون الجاد لمواجهة التحديات وتحقيق أهداف المناخ من خلال تحسين جودة الحياة، والحد من هدر الطعام، والعمل على إيجاد حلولاً ابتكارية لمكافحة التصحر والمحافظة على الموارد المائية.
وأوضح المشاركون، أنه يجب التركيز على الدعم وبناء القدرات لمساعدة الدول النامية للحد من تبعات التغير المناخي من خلال التعاون الدولي.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjIwMSA=
جزيرة ام اند امز