مشروع قرار جديد مقدم للبرلمان الأوروبي، يدعو الدول المتقدمة لضمان تحقيق هدف التمويل المناخي البالغ 100 مليار دولار خلال مؤتمر COP28.
ويطالب مشروع القرار، الذي تقدمت به لجنة البيئة والصحة العامة والأغذية بالبرلمان الأوروبي قبل أيام، بتقديم مزيد من التفاصيل عن سبل المضي قدمًا في المرحلة الجديدة لما بعد هدف تمويل المناخ لعام 2025.
ويتناول مشروع القرار، الذي اطّلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، 26 توصية في 10 بنود مختلفة، تعكس السياسات الأوروبية المتوقعة بشأن مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP28، المقرر عقده في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ومن المقرر أن يطرح على النواب الأوروبيين للتصويت عليه في وقت لاحق الأسابيع المقبلة.
COP28 في دبي وأول تقييم عالمي
ويقر مشروع القرار في البداية بأنه لم يكن هناك تقدم جماعي كافٍ نحو تحقيق الأهداف طويلة الأجل لاتفاق باريس منذ اعتماده في عام 2015، ودخوله حيز التنفيذ في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ويؤكد مشروع القرار أن التقييم العالمي (GST) هو عنصر مركزي في اتفاق باريس؛ ويهدف إلى زيادة الطموح ودفع العمل المناخي، ويجعل من الممكن تقييم تنفيذ أهداف الاتفاقية.
ويشدد على أن الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، وفق المنصوص عليه في اتفاقية باريس، يتطلب إجراءات تخفيف سريعة وعميقة ومستدامة، وأنه يجب خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 43٪ مقارنة بمستويات عام 2019 في هذا العقد الحرج قبل عام 2030.
ويشدد أيضًا على الحاجة إلى تسريع العمل المناخي وتعزيز الطموح والتشجيع على انتقال أخضر وعادل؛ وأن عملية التقييم العالمي الأولى هي عملية رئيسية لتعزيز الطموح الجماعي للعمل المناخي ودعمه.
كما يجدد التأكيد على أن عملية استخلاص التقييم العالمي الأول ينبغي أن تقوم على أساس العلم وتسترشد بمبدأ الإنصاف ومبدأ المسؤوليات المشتركة وإن كانت متباينة وقدرات كل طرف.
وتشير مسودة القرار إلى أن عملية استخلاص التقييم العالمي الأول يجب أن تراجع العمل المناخي مع مراعاة حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والعدالة بين الأجيال.
ويحث مشروع القرار في توصياته المتعلقة بهذا البند، جميع الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ على زيادة المساهمات المحددة وطنيا الخاصة بهم من أجل سد فجوات الانبعاثات، وسد فجوات التنفيذ عن طريق تكثيف تنفيذ السياسات لتحقيق الالتزامات المعلنة.
التكيف والخسائر والأضرار والمشاركة
يحث مشروع القرار جميع الأطراف على تحقيق هدف عالمي موثوق به وقوي وقابل للتنفيذ بشأن إطار التكيف في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف من أجل تعزيز القدرة على التكيف وتعزيز المرونة وتقليل التعرض لتغير المناخ.
كما يدعو جميع الأطراف على تنفيذ عملية تشغيل مرفق تمويل الخسائر والأضرار في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف من أجل ضمان تمويل عام جديد وإضافي ويمكن التنبؤ به، ويعطي الأولوية بوضوح للمنح الموجهة لتجنب وتقليل ومعالجة الخسائر والأضرار المرتبطة بالآثار السلبية لتغير المناخ.
وتطرق مشروع القرار إلى مسألة المشاركة بالمؤتمر المقبل، داعيًا إلى ضمان الوصول العادل إلى الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف والمشاركة الكاملة وغير المقيدة لجميع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني.
كما يدعو إلى حماية عملية صنع القرار في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ من المصالح التي تتعارض مع أهداف اتفاقية باريس.
وفي بند منفصل عن تغير المناخ والجنس، يشير مشروع القرار إلى حقيقة أن الناس يتأثرون بتغير المناخ بطرق مختلفة، حسب عوامل مثل الجنس والسن والإعاقة والأصل العرقي والفقر؛ ويشدد على أهمية مراعاة ذلك.
السياسة الأوروبية
ويتناول مشروع القرار السياسة المناخية الطموحة للاتحاد الأوروبي، ويقول إنه في ظل أزمة الطاقة والغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، اللذان سلطا الضوء على قضية أمن الطاقة والحاجة إلى خفض الطلب على الطاقة وتنويع نظامها؛ أصبحت هناك حاجة ملحة إلى إحداث تغيير سريع في نظام الطاقة العالمي.
ويؤكد أن الحالة الجيوسياسية الحالية تسلط الضوء على الضرورة الملحة لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري والحاجة إلى تعزيز نشر مصادر الطاقة المتجددة، وذلك عبر تحديد أهداف مناخية وسيطة على نطاق الاتحاد لما بعد عام 2030، وفقاً لقانون المناخ الأوروبي، وللمقترحات التشريعية المقابلة، للمساهمة في تحقيق أهداف اتفاق باريس.
التمويل الدولي للمناخ والتمويل المستدام
تطرق مشروع القرار كذلك لقضية التمويل، وتسلط الضوء على مسألة أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه هم أكبر مقدمي التمويل العام للمناخ.
وعبر في أحد بنوده عن قلقه إزاء اتساع الفجوة بين احتياجات البلدان الأطراف النامية، والنطاق الحالي للتمويل المتعلق بالمناخ وكفايته وإمكانية الوصول إليه.
ويدعو القرار البلدان الأطراف المتقدمة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، إلى ضمان إمكانية تحقيق هدف التمويل المناخي البالغ 100 مليار دولار أمريكي وصرفه في المتوسط حتى عام 2025، وتقديم مزيد من التفاصيل عن سبل المضي قدمًا في المرحلة الجديدة لما بعد هدف تمويل المناخ لعام 2025.
كما يرى أنه من الضروري النهوض بجدول أعمال مبادرة بريدجتاون وجعل النظام المالي الدولي ملائما للقرن الحادي والعشرين؛ داعيًا المؤسسات المالية الدولية الكبرى إلى تبني وتطوير التمويل الأخضر على وجه السرعة.
وتقترح "مبادرة بريدجتاون"، التي أطلقتها رئيسة وزراء باربادوس ميا موتلي في COP27، خطة عمل تحويلية لإصلاح النظام المالي العالمي وبنوك التنمية المتعددة الأطراف والمؤسسات المالية، وترتكز على مجموعة من النقاط أهمها: إنشاء آليات تمويل أكثر تساهلاً للحكومات من قبل بنوك التنمية متعددة الأطراف لتمويل مشاريع التكيف.
ويؤكد مشروع القرار أيضًا على أنه يجب على جميع الأطراف جعل التدفقات المالية متوافقة مع المسار نحو هدف 1.5 درجة مئوية المنصوص عليه في اتفاقية باريس، مع الحاجة إلى الإنهاء العاجل لدعم الوقود الأحفوري وغيره من أشكال الدعم الضارة بالبيئة في الاتحاد الأوروبي وفي جميع أنحاء العالم.
أزمة المناخ والتنوع البيولوجي وقطاعات أخرى
يشير مشروع القرار إلى أن أزمات المناخ والتنوع البيولوجي مترابطة، وتؤدي إلى تفاقم بعضها البعض، ويجب معالجتها معًا بشكل عاجل، حيث توجد روابط مثبتة علميًا بين الأزمات الصحية والبيئية والمناخية؛ وتؤدي الظواهر الجوية المتطرفة وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي وندرة المياه إلى تشريد الناس وتؤثر بشكل كبير على صحتهم.
لذا يشدد مشروع القرار على أهمية حماية وحفظ واستعادة التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية والتربة والمحيطات لتحقيق أهداف اتفاق باريس، مع ضرورة حماية حقوق السكان الأصليين والمدافعين عن البيئة؛ بالتوازي مع ذلك.
ويؤكد أيضًا على أهمية التنفيذ الفعال لإطار كونمينغ- مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، الذي تم اعتماده خلال الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، داعيًا الأطراف إلى مواصلة العمل بشأن الحوار المتعلق بالمحيطات وتغير المناخ.
وفيما يخص جهود العمل المناخي في جميع القطاعات الأخرى، يدعو مشروع القرار إلى إجراء تقييم كمي قائم على العلم للتقدم المحرز في التعهد العالمي بشأن الميثان، منذ اعتماده في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين، حيث وافق المشاركون في التعهد على المساهمة طواعية في جهد جماعي للحد من انبعاثات الميثان العالمية بنسبة لا تقل عن 30 % من مستويات عام 2020 بحلول 2030.
كما يسلط الضوء على إدراج الانبعاثات البحرية والجوية في نظام مقايضة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، مما سيعزز طموحًا أكبر على المستوى الدولي، بما في ذلك في المنظمة البحرية الدولية ومنظمة الطيران المدني الدولي.
دور البرلمان الأوروبي
ينهي مشروع القرار توصياته بالتأكيد على أنه ينبغي أن يكون نواب التشريعات البيئية والمناخية بالبرلمان جزءًا لا يتجزأ من وفد الاتحاد الأوروبي في COP 28، نظرًا لأن البرلمان يجب أن يعطي موافقته على الاتفاقات الدولية، ويلعب دورًا رئيسيًا في التنفيذ المحلي لاتفاق باريس باعتباره أحد المشرعين المشاركين في الاتحاد الأوروبي.
ويطالب مشروع القرار بالسماح للبرلمان الأوروبي ومن يمثله بحضور اجتماعات تنسيق الاتحاد الأوروبي في COP 28 في دبي وضمان الوصول إلى جميع الوثائق التحضيرية.
في النهاية، أحيلت مسودة القرار إلى رئيس البرلمان الأوروبي للتصويت عليه، وإحالته إلى المجلس والمفوضية والحكومات والبرلمانات في الدول الأعضاء والأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، مع طلب تعميمه على جميع الأطراف غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في تلك الاتفاقية.