اليوم "العالم متحد" ضد وباء كورونا، لأن الأمر بالنسبة للجميع هو مسألة حياة أو موت
كورونا، الفيروس الوبائي الذي أصاب مختلف شرائح المجتمع العالمي من الإنسان العادي البسيط إلى النخب، هو ليس بمرض عادي يمر على العالم، بل هي أزمة كونية بارزة بقوة دفعت أغلب الناس إلى التعاطف والمساعدة بين بعضهم من أجل الخروج منها بأقل الخسائر.
فيروس كورونا، عندما يذكر أمام أي إنسان أكان أحد أفراد المجتمع أو سياسيا أو رجل دين، إلا ويقفز إلى الأذهان كلمات تدعو بألا يصيب الله أحداً به، وأن يشفي من كان حظه سيئاً وأصيب به، كما يتذكرون تلك الإجراءات التي يتداولها الرأي العالم العالمي كإجراء احترازي: مثل عدم السفر حتى لأداء الشعائر الدينية، وفق القاعدة الدينية "لا ضرر ولا ضرار"، أما إذا اضطر إنسان للسفر فإما أن يبلغ السلطات الحكومية في بلاده حماية له ولمجتمعه، كما يتبادر إلى الأذهان تعاون الحكومات - في العالم خصوصا في ظل ما يعرف "بالعولمة"- حول أهمية الكشف وبشفافية عن الحالات المصابة في دولتها.
لا يوجد مبرر منطقي ولا أخلاق إنسانية أو عقائدية تبرر للسياسيين الإيرانيين التكتم والتساهل في التعامل مع هذا الوباء الذي تأذى منه جوارها الجغرافي، مع أنها من الدول الموبوءة في العالم بجانب الصين وإيطاليا
لقد ارتبط هذا الوباء بآلام إنسانية تسببت في إحداث إرباك لدى السياسيين مثلما ظهر رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون الذي أرعب الرأي العام البريطاني وشنوا عليه حملة إعلامية، وارتبط بخسائر اقتصادية كارثية تنبئ بكساد عالمي نتيجة لتوقف حركة التجارة العالمية، بل اعتبرت المرحلة الحالية هي من أصعب التحديات التي مرت بها الإنسانية على مر التاريخ بما فيها الحربان العالميتان، لذا اعتبرت الشفافية والمكاشفة هو نوع من "الحماية المتبادلة" بين الدول للسيطرة كي تقرر باقي الدول طريقة التعامل معها، وبذلك يتم تقليص عدد المصابين، وأفضل مثال على الشفافية ما فعلته الصين في مدينة ووهان عندما أغلقت كل المؤسسات وأعلنت للعالم عن الحالات المصابة وكانت النتيجة للتوقف عن تسجيل حالات جديدة مصابة، واحترم العالم الصين.
اليوم "العالم متحد" ضد وباء كورونا، لأن الأمر بالنسبة للجميع هي مسألة حياة أو موت، فدولة مثل إيطاليا أصابها شلل في كل القطاعات وأجبر مواطنيها بالعزل المنزلي وتقبل ذلك من أجل الحفاظ على أنفسهم والمجتمع، وكندا عزلت رئيس وزرائها، جاستن ترودو وزوجته، صوفي غريغوار، في بيتهما بعد أن تم الكشف عن إصابتها بالفيروس، والولايات المتحدة أوقفت حركة الطيران مع أوروبا لمدة شهر في كل هذا المشهد العالمي، يبدو الأمر بالنسبة للنظام الإيراني فيها "وجهة نظر" تختلف عن الآخرين.
لا يوجد مبرر منطقي ولا أخلاق إنسانية أو عقائدية تبرر للسياسيين الإيرانيين التكتم والتساهل في التعامل مع هذا الوباء الذي تأذى منه جوارها الجغرافي، مع أنها من الدول الموبوءة في العالم بجانب الصين وإيطاليا، وسجلت الدولة الثالثة في حالات الإصابة (12.729 حالة). والأخطر في طريقة تعامل السلطات الإيرانية مع هذا المرض في نقطتين؛ النقطة الأولى: عدم أخذ الأمر بالجدية التي يستحقه المرض من خلال اتباع الإجراءات المتعارف عليها في العالم ومنها إيقاف حركة التنقل منها وإليها خصوصا الزيارات الدينية.
النقطة الثانية وهي على ارتباط مباشر بالأولى وتهمنا في دول الخليج العربية؛ وهي أن الإصابات التي سجلت في دول الخليج وفي العراق بشكل صريح، كانت بسبب الزيارات الدينية وبالتحديد في مدينتي النجف وكربلاء، حيث كانت أول إصابة من زائر إيراني إلى النجف وثاني حالة من (4 أفراد) قادمين من إيران، ما يعني أن المسألة بالنسبة للحكومة الإيرانية ليس فيها رغبة للسيطرة هكذا نفهم.
في مجال التعامل في العلاقات الدولية هناك تقاليد تفرضها الأعراف السياسية خصوصا في وقتنا الحاضر أغلب تلك التقاليد تصب في مصلحة الإنسانية خصوصا بعدما عانت البشرية من ويلات الحروب المدمرة، وتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أفضل نماذج في خدمة الإنسانية بشهادات من المنظمات الدولية، ومنها منظمة الصحة الدولية، إلا أن الملفت بالنسبة للمراقبين في العالم هو ما يفعله "نظام الملالي" في إيران فهل هو يتحرك من منطق العاجز والفاقد عن السيطرة، أم أنه مريض سياسي ناتج عن رغبة في عدم الاهتمام بأبعد من مصلحة النظام فقط لأن الشعب الإيراني نفسه هو ضحية هذه التصرفات.
إن النظام السياسي في إيران يردد دائماً أهمية التزام دول العالم بالمبادئ والقيم الإنسانية والأخلاق السياسية في التعامل معها باعتبارهم يحترمون تلك المبادئ وتلك الأخلاقيات، وبالتالي فإن ما يفعله تجاه شعبه وتجاه جواره الجغرافي وتجاه الإنسانية أجمع، تؤكد أن الأخلاق السياسية شبه ماتت لدى النظام الإيراني، وهذا مؤشر خطر وينبغي الانتباه له!!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة