دارافي.. مهمة إنقاذ الهنود من كورونا مدينة الصفيح
دارافي تضم مليون نسمة على مسافة تكاد لا تزيد على كيلومترين مربعين، وسجلت فيها 81 حالة وفاة من مرض "كوفيد- 19" من أصل 2200 إصابة.
عندما سُجِّلت أول إصابة بفيروس كورونا في "دارافي" المعروفة بـ"مدينة الصفيح" الهندية في أبريل/نيسان، توقع علماء الأوبئة الأسوأ، لكن بعد 3 أشهر يبدو أن بومباي احتوت الوباء في هذا الحي الفقير المكتظ بالسكان بفضل عملية مطاردة حثيثة.
تضم دارافي مليون نسمة على مسافة تكاد لا تزيد على كيلومترين مربعين، وسجلت فيها 81 حالة وفاة من مرض "كوفيد- 19" من أصل 2200 إصابة.
وهذا جزء صغير من الحصيلة البشرية الكبيرة في بومباي وهي من أكثر مدن الهند تضرراً من الجائحة مع 4500 وفاة من بين 75 ألف إصابة مثبتة.
وأدركت السلطات المحلية سريعاً أنَّ إجراءات الحماية مثل التباعد الجسدي وغسل اليدين باستمرار، لا يمكن تطبيقها مع عائلات تتألف من 10 أفراد تقريباً ينامون في غرفة واحدة ووجود مراحيض عامة يتشاركها مئات الأشخاص.
لذا اتخذ قرار بمطاردة الفيروس بدلاً من انتظار أن تقع الكارثة، على ما يفيد كيران ديجافكار، المسؤول في بلدية بومباي.
ويوضح ديجافكار: "التباعد الجسدي كان مستحيلاً والحجر المنزلي لم يكن خياراً فيما تقفي الأشخاص الذين كانوا على تواصل مع المصابين يطرح مشكلة كبيرة لأن الكثير من الناس يستخدمون المراحيض نفسها".
وقامت خطة أولى على التحقق من وضع المقيمين الصحي بالانتقال من مسكن إلى آخر في أزقة مدينة الصفيح الضيقة.
وتم التخلي سريعاً عن هذه الفكرة بعدما راح أفراد طواقم الرعاية الصحية يختنقون بسبب الحرارة والرطوبة المرتفعتين في بومباي خصوصاً وأنهم يرتدون بزات حماية سميكة جداً.
لكن أعداد الإصابات راحت ترتفع بشكل مقلق في هذا الحي حيث يعيش عدد كبير من العمال في عاصمة الهند الاقتصادية، فبدأت البلدية تنفيذ ما سمي بـ"مهمة دارافي".
يومياً كانت الطواقم الصحية تقيم مخيماً لقياس الحرارة، في منطقة مختلفة من الحي الفقير.
وكان السكان يأتون للتحقق من إصابتهم بأعراض "كوفيد- 19" والخضوع للفحص في حال اقتضت الضرورة.
ووضعت السلطات يدها أيضاً على مدارس وقاعات زفاف ومنشآت رياضية لتحويلها إلى مراكز حجر صحي مع تقديم وجبات طعام مجانية وأقراص فيتامين وجلسات استرخاء.
وعزلت أكثر الأحياء تسجيلاً للإصابات في دارافي مع منع الدخول إليها والخروج منها واستخدام طائرات مسيّرة أحياناً لمراقبة تطبيق القيود المفروضة.
وكان جيش من المتطوعين يحملون الطعام إلى 125 ألف شخص عالقين في منازلهم.
ويقول الطبيب أباي تاواري البالغ 44 عاماً: "بتنا على مشارف الانتصار وأشعر بفخر كبير"، وكان هذا الطبيب يستقبل نحو 100 مريض يومياً في عيادته الصغيرة.
وأصيب الطبيب وهو أب لطفلين بفيروس كورونا المستجد في أبريل/نيسان، لكنه لم يشك يوماً بأنه سيعاود عمله.
ويؤكد: "أردت أن أظهر لمرضاي أن تشخيص الإصابة لا يعني بالضرورة النهاية".
وخلافاً لأباي تاواري يرى الكثير من المقيمين في بومباي والمسؤولين فيها أنَّ من المبكر إعلان الانتصار على الفيروس في دارافي.
وحذَّر عضو في فريق طبي شارك في الخطة الأولى طالباً عدم الكشف عن هويته "على الناس أن يتخذوا أكبر قدر من الإجراءات. الأرقام تراجعت ربما لكن يمكن أن تعود لترتفع سريعاً".
وتشهد جائحة "كوفيد-19" انتشاراً واسعاً في الهند مع أكثر من نصف مليون إصابة مثبتة ولا تزال دارافي معرضة لموجة ثانية من الإصابات.