فيينا بلا "ليالي أنس" بسبب كورونا
انتشار فيروس "كورونا" في النمسا، وتسجيل البلاد 189 إصابة، أفقد العاصمة ذات السمعة الثقافية والفنية قدر كبير من بريقها هذه الأيام
قبل عقود، غنت المطربة العربية أسمهان "ليالي الأنس في فيينا" لوصف أجواء العاصمة النمساوية المفعمة بالموسيقى الكلاسيكية والرقص والأنشطة الثقافية المختلفة.
إلا أن انتشار فيروس "كورونا" المستجد في النمسا، وتسجيل البلاد 189 إصابة مؤكدة، أفقد العاصمة ذات السمعة الثقافية والفنية الواسعة قدر كبير من بريقها هذه الأيام.
والثلاثاء، حظرت الحكومة جميع التجمعات في الأماكن المغلقة، التي يزيد عدد المشاركين فيها عن 100 شخص، والتجمعات في الأماكن المفتوحة التي يحضرها أكثر من 500 شخص.
وكنتيجة لذلك، أسدلت العديد من المسارح في العاصمة النمساوية أستارها، وعلقت حفلاتها وعروضها المليئة بالصخب والشغف حتى نهاية الشهر الجاري.
وعلى موقعها الإلكتروني، كتبت "أوبرا فيينا" صاحبة التاريخ الطويل والمؤسسة في عام 1869 "امتثالا لقرار الحكومة الصادر يوم 10 مارس، تعلق دار الأوبرا عروضها وحفلاتها حتى نهاية الشهر".
أما "Burgtheater"، وهو أهم مسرح ناطق بالألمانية وواحد من أبرز المسارح في العالم، فكتب على موقعه أيضا "نظرا لانتشار فيروس كورونا، قررنا إلغاء جميع العروض حتى 31 مارس".
ولم يتوقف الأمر عند الأوبرا أو "Burgtheater"، حيث أغلق نحو 18 مسرحا كبيرا في جميع أنحاء فيينا أبوابه أمام الزوار.
ووفق صحيفة كرونه النمساوية "خاصة"، فإن فاعليات الرقص الشهيرة في البلاد مثل "Dancing Stars" و" The dance show"، أُلغيت حتى نهاية الشهر الجاري.
بدوره، قال دومينيك ماير، مدير أوبرا فيينا لوكالة الأنباء النمساوية الحكومية "ليس أمامنا خيار آخر.. علينا أن نغلق الأوبرا". وتابع "كل عرض أُلغي يعني الكثير من الخسائر المادية والفنية".
وأضاف "هذا أمر مؤلم للغاية بالنسبة لي.. كان ترقب الناس للعروض في قمته هذه الأيام"، مضيفا "الأمر الأكثر حزنا أن اعادة فتح الأوبرا في أبريل قد يكون أيضا في خطر ويعتمد على درجة انتشار الفيروس".
واستطرد "كان من الصعب للغاية إلغاء العروض لأننا نعمل كل يوم"، موضحا "ستخسر الأوبرا ما بين ١٣٠ و١٤٠ ألف يورو من الإيرادات يوميًا حتى نهاية مارس".
كورونا شل أيضا عروض دور السينما، إذ ألغيت العديد من الدور العرض الأول لفيلم "سر مجهول" لكريستوفر هامبتون الذي كان مقررا يوم الخميس المقبل، والعرض الأول لفيلم "صحوة الربيع" الذي كان مقررا في 28 مارس، وفق كرونه.
فيما لجأ عدد آخر من دور السينما لفكرة أخرى للتحايل على القرار الحكومي، حيث أتاحت أقل من 100 مقعد للحجر في كل عرض من عروضها، استنادا إلى أن القرار الحكومي ينص على حظر التجمعات في الأماكن المغلقة التي يزيد عدد المشاركين فيها عن 100 فرد.
أما Wiener Stadthalle، وهي أكبر قاعة للمناسبات في النمسا، فألغت جميع الحفلات الموسيقية والغنائية حتى بداية أبريل. وأكد وولفجانج فيشر، المدير الإداري للقاعة إلغاء 23 عرضًا وحفلة موسيقية. كما ألغي عرض الباليه "Piaf" في 28 مارس المقبل في فيينا.
وأمام Burgtheater في وسط فيينا، كانت الأجواء غير مألوفة، مساء الثلاثاء، حيث خيم الظلام، واختفت حركة المارة، وانتصبت فقط لافتة دون عليها "لا توجد عروض"، وبدا الأمر وكأن المسرح التاريخي فقد كثير من بريقه.
وقالت باربرا مولر "٤٥ عاما" وهي مدرسة لغة ألمانية بمركز اللغات التابع لجامعة فيينا "حكومية" لـ"العين الإخبارية": "هذا وضع غير مألوف، لم اعتد فيينا بدون عروض فنية وموسيقية.. اعتقد أن المدينة ستفقد الكثير من أجوائها خلال الأيام المقبلة".
وتابعت "لا استطيع تصور اجازة نهاية الأسبوع الجاري، وكيف سيتعامل سكان المدينة معها في غياب المسارح والأوبرا ودور السينما"، مضيفا "أتوقع أيضا أن تتضرر الكافيهات الشهيرة التي تشهد تجمعات في الإجازات، والحانات، والنوادي الليلية بقرار منع التجمعات".
فيما قال كريستوف فاغنر (٢٢ عاما)، وهو طالب جامعي، لـ"العين الإخبارية": "لسنوات طويلة، تميزت فيينا بلياليها الصاخبة وموسيقاها التي تٌسمع في كل مكان، وحتى اللحظة لا أستطيع تصور هذه المدينة بدون هذه الأشياء".
وأضاف "الوضع غريب، وشوارع المدينة بدأت التأثر بالفعل، ونادرا ما ترى تجمعات والكافيهات تبدو فارغة منذ اليوم"، متابعا "أشعر أني لا أعرف هذه المدينة".
وبينما كان فاغنر يتحدث، كان محيط دار الأوبرا في وسط فيينا، خال من المارة، وشاشة العرض الكبيرة أمامها صامتة، إلى حد تستطيع معه سماء أصوات الرياح بشكل واضح بدلا من الموسيقى.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMTg3IA== جزيرة ام اند امز