دلتا يصطاد الشباب.. ما علاقة عدم التطعيم بالأمر؟
يشكل الشباب أكبر مجموعة من مرضى كورونا الذين دخلوا المستشفيات حديثا، في تطور مغاير لما سارت عليه الأمور خلال أول عام ونصف من عمر الفيروس.
المتهم الأول لما آلت إليه الأوضاع المتدهورة في صفوف الشباب والبالغين هو متغير "دلتا"، الجين المتحور من الفيروس الأصلي المسبب لمرض "كوفيد-19".
ويعزى ذلك، وفقا للخبراء، إلى أن دلتا كورونا هو أكثر المتغيرات قابلية للانتقال والتفشي بين البشر، لذا يمثل الغالبية العظمى من الحالات.
في بداية الجائحة وقبل إقرار أنواع مختلفة من اللقاحات، كان المرضى الذين من المرجح نقلهم إلى المستشفى بكثرة نتيجة الإصابة بالفيروس التاجي من كبار السن.
لكن الآن وبعد أن انتشر متغير دلتا على نطاق واسع، يرى الأطباء اتجاهًا مقلقًا من الشباب ينتهي في وحدة العناية المركزة.
الشباب الفئة الأكثر تضررا
وكشفت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، منها الأمريكية (CDC)، أن "الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عامًا أصبحوا يشكلون أكبر مجموعة سكانية للأشخاص في المستشفيات بسبب كورونا"، ويبدو أن الزيادة الهائلة في الحالات مرتبطة بمتغير دلتا الأكثر عدوى.
وقال الدكتور ديفيد هيرشويرك، أخصائي الأمراض المعدية في نورثويل هيلث في نيويورك: "يشتمل متغير دلتا على أكثر من 80% مما يتم تداوله في الولايات المتحدة".
وأضاف هيرشويرك، لموقع "هيلث لاين": "من المحتمل أن تستمر دلتا في الانتشار خلال الخريف، لكن بطبيعة الحال سنقوم جميعًا بمسح دقيق بحثًا عن ظهور متغيرات جديدة."
تتأثر فئة الشباب والبالغين حاليًا أكثر من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عامًا، وتتأثر بشكل ملحوظ أكثر من المجموعة الأكبر سناً التالية (أكثر من 65 عاما)، وهو اتجاه بدأ في شهر مارس/آذار الماضي.
وأوضح هيرشويرك أن "أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو أن معدل تناول اللقاح كان مرتفعًا بين أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وكانت هذه المجموعة معرضة جدًا للإصابة بمرض شديد".
وكشف أنه "يتم حاليًا إدخال عدد أقل من المرضى في سن متقدمة إلى المستشفى بسبب فيروس كورونا".
هل متغير دلتا يجعل الشباب يمرضون أسرع؟
العديد من مرضى "كوفيد-19" الذين يصلون الآن إلى المستشفى غير محصنين كما أنهم أصغر من 50 عامًا، وهو في تغير صارخ عن الوضع السابق حيث شوهد المرضى الأكبر سنًا والضعفاء عندما انتشر الوباء لأول مرة العام الماضي.
ونقل موقع The New York Times عن العديد من الأطباء في الخطوط الأمامية قولهم إن المرضى غير المحصنين في العشرينات والثلاثينيات من العمر أصبحوا يصابون بكورونا بسرعة أكبر وحالاتهم أكثر خطورة.
أيضا قال الأطباء إن المرضى غير المحصنين في وحدات العناية المركزة بالمستشفيات أصغر من أولئك الذين كانوا في بداية الوباء.
واستشهد الموقع بحالات مثل وفاة مريض يبلغ من العمر 28 عامًا بسبب كورونا في مركز طبي بولاية ميسوري الأسبوع الماضي، وإدخال طالب جامعي يبلغ من العمر 21 عامًا إلى غرفة العناية المركزة.
أيضا في لوس أنجلوس يصل الشباب الذين ليس لديهم أي من عوامل الخطر المعتادة، مثل السمنة أو مرض السكري، إلى أقسام الطوارئ وهم مرضى بشدة بسبب كورونا.
ونقل الموقع عن الأطباء العاملين في النقاط الساخنة لكورونا في جميع أنحاء الولايات المتحدة قولهم إن المرضى في مستشفياتهم ليسوا مثل المرضى الذين شاهدوهم العام الماضي.
وأوضحوا: "غالبًا ما يكون الوافدين الجدد غير محصنين تقريبًا، ويميلون إلى أن يكونوا في العشرينات أو الثلاثينيات من العمر، ويبدو أنهم أكثر مرضًا من المرضى الأصغر سنًا في العام الماضي ويتدهورون بسرعة أكبر".
ويشتبه لأطباء الذين يعالجون مرضى كورونا الحاليين في أن المتغير دلتا، الذي يمثل النسبة الأكبر من الإصابات الجديدة، يلعب دورًا.
وتشير الدراسات التي أجريت في عدد قليل من البلدان الأخرى إلى أن المتغير قد يسبب مرضًا أكثر شدة، لكن لا توجد بيانات محددة تُظهر أن البديل الجديد هو بطريقة ما أسوأ بالنسبة للشباب البالغين.
الدكتورة كاثرين أونيل، كبيرة المسؤولين الطبيين في مركز أور ليدي أوف ذا ليك الإقليمي الطبي في لوس أنجلوس، قالت: "يختلف شيء ما حول هذا الفيروس في هذه الفئة العمرية".
وأضافت أنه طالما رأوا بعض الشباب المصابين بأعراض شديدة لكورونا لكن كان هذا المشهد نادرًا في السابق، أما الآن فأصبح يشكل أكثر شيوعًا.
بينما قال الدكتور كام باترسون، مستشار جامعة أركنساس للعلوم الطبية UAMS، إن متوسط عمر المرضى الذين تم استقبالهم خلال فصل الشتاء كان 60 عاما أما الآن فأصبح 40 سنة.
وأضاف باترسون: "إحساسنا هو أن الأشخاص الأصغر سنًا والأكثر صحة هم أكثر عرضة لمتغير دلتا من أولئك الذين تم إصابتهم في وقت سابق".
عدم التطعيم وراء إصابة الشباب بدلتا كورونا
أصبح الأطفال والبالغون الأصغر سنًا الذين لم يتم تطعيمهم ضد كورونا عرضة للإصابة بمتغير "دلتا" بنسبة كبيرة، إذ يعتقد الخبراء أن التحول في التركيبة السكانية للمرضى هو نتيجة لانخفاض معدلات التطعيم في هذه المجموعة.
في المملكة المتحدة، ووفقًا لدراسة حديثة نشرتها "إمبريال كوليدج لندن"، كان الأطفال والبالغون غير الملقحين تحت سن 50 عامًا أكثر عرضة للإصابة بدلتا بمعدل 2.5 مرة.
ووفقا لموقع The New York Times فإن الغالبية العظمى من المرضى في المستشفيات الأمريكية، بواقع 97%، غير محصنين.
اعتبارًا من يوم الأحد، تم تطعيم أكثر من 80%من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عامًا بشكل كامل، مقارنة بأقل من نصف أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا، وفقًا للأرقام الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
الدكتور جون رايمو، رئيس قسم الطب في Long Island Jewish Forest Hills بنيويورك، قال إن ما نراه الآن أن الغالبية العظمى من المصابين بفيروس كورونا في المستشفيات هم أولئك الذين لم يتم تطعيمهم".
واعتبر أن عدم الحصول على لقاح كورونا هو أكبر عامل خطر مستقل للدخول إلى المستشفى بسبب "كوفيد-19"، وقد تطور الأمر حتى الوفاة.
ورأى الدكتور كارلوس مالفستوتو، طبيب الأمراض المعدية في مركز ويكسنر الطبي التابع لجامعة ولاية أوهايو، أن التغيير الديموغرافي في حالات الاستشفاء من كورونا يرجع إلى من يتم تطعيمه.
وقال مالفستوتو: "التطعيم بين الأفراد الأكبر سنًا كان جيدًا جدًا بنسبة تقترب من 80%، وهذا هو السبب في أننا لا نرى دخول كبار السن إلى المستشفيات بكثرة حاليا".
الدكتور آدم راتنر، الأستاذ المساعد لطب الأطفال وعلم الأحياء الدقيقة في كلية جروسمان للطب بجامعة نيويورك، تحدث عن متغير دلتا قائلا: "لا أعتقد أن هناك دليلًا جيدًا حتى الآن حول ما إذا كان يسبب مرضًا أكثر خطورة".
ورأى أن إصابة الكثير من الشباب قد لا يكون سببه متغير دلتا، معتبرا أن سلوك الانفتاح وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية وراء ما يحدث الآن ويجعل الوضع مختلفا ما كان عليه قبل عام أو 15 أو 16 شهرًا.
aXA6IDMuMTQwLjE5OC4yMDEg جزيرة ام اند امز