بالأرقام.. وباء كورونا يعرقل جهود استئصال شلل الأطفال
يحتفل العالم، الأحد، باليوم العالمي لشلل الأطفال، الموعد السنوي للاحتفاء باستئصال المرض الخطير من كل دول العالم باستثناء دولتين فقط.
الحدث العالمي أطلق في 24 أكتوبر، منذ أكثر من عقد؛ لإحياء ذكرى ولادة جوناس سالك الذي طور لقاحًا ضد شلل الأطفال.
وتمكن سالك الذي عاش في الفترة من (1914-1995)، من تطوير أول لقاح فعال ضد شلل الأطفال عام 1955.
في حين شهدت السنوات الأخيرة تقدمًا في القضاء على شلل الأطفال، أعاق فيروس كورونا المستجد هذه الجهود منذ تفشيه قبل نحو 20 شهرا.
قبل عامين احتفل العالم بإحراز تقدم كبير في القضاء على شلل الأطفال، بفضل التعاون العالمي الكبير في مجال الصحة العامة وجهود التطعيم الشاملة، ما أسفر عن القضاء على اثنتين من سلالات فيروس شلل الأطفال البري الـ3.
تستمر المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI) في لعب دور حاسم في مكافحة شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم.
لكن لسوء الحظ أوقف فيروس "كوفيد-19" فجأة هذه التطورات، بل وتسبب في ضياع ملايين الجرعات من الأطفال الأقل من 5 سنوات بالعديد من الدول.
واستمرت التحديات للوصول إلى الأطفال وتفاقمت بسبب الوباء، إذ أبلغت العديد من البلدان في الإقليم الأوروبي وحول العالم عن حدوث انخفاضات في تغطية التحصين الروتيني.
وتخلف أي فجوة في التغطية الروتينية فرصًا لانتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، بما في ذلك شلل الأطفال، بين غير الملقحين.
ما هو شلل الأطفال؟
شلل الأطفال مرض يهدد الحياة وينتج عن فيروس شديد العدوى يصيب الناس فقط، وبشكل رئيسي يصيب الأطفال الصغار دون سن الخامسة.
وأخطر أعراض المرض هو الشلل الذي يمكن أن يؤدي إلى إعاقة دائمة أو الوفاة، إذا أثر الفيروس على العضلات التي تساعد الناس على التنفس.
ينتقل الفيروس من شخص لآخر وينتشر بشكل رئيسي من خلال الطريق الفموي البرازي، وفي كثير من الأحيان عن طريق وسيلة شائعة مثل الماء أو الطعام الملوث، ويتكاثر في الأمعاء حيث يمكن أن يدخل الجهاز العصبي ويمكنه يسبب الشلل.
حتى الأشخاص الذين يصابون بشلل الأطفال وهم صغار ويبدو أنهم يتعافون تمامًا، يمكن أن يصابوا بألم عضلي جديد أو ضعف أو شلل كبالغين بسبب متلازمة "ما بعد شلل الأطفال".
لا يوجد علاج لشلل الأطفال، لكن اللقاح يمكن أن يحمي الناس من خلال تحضير أجسامهم للتعرف على الفيروس ومكافحته، حيث بدأ تطعيم الأطفال ضد المرض في الخمسينيات وكان الأداة الأكثر فعالية في القضاء عليه.
كورونا وجهود مكافحة شلل الأطفال
شهدت الأشهر الماضية تقريبًا تراجعًا كبيرًا في تطعيمات الأطفال، كما تشير البيانات الأخيرة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
فعندما ضرب الوباء العالم، شهدت برامج التطعيم الروتينية توقفا جزئيا بمعظم الدول للتركيز على مكافحة الفيروس التاجي.
في عام 2020، أفاد ما يقرب من 70٪ من البلدان التي شملتها الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية أن برامج التحصين الروتينية (بما في ذلك تلك التي تغطي شلل الأطفال) شهدت اضطرابات بسبب الوباء.
وبعد مرور أكثر من عام، ما زال 40٪ من البلدان تبلغ عن استمرار تعطل برامج التطعيم الخاصة بها.
ووفقا لموقع World Economic Forum، هناك نحو 23 مليون طفل لم يتلقوا التطعيمات الروتينية في عام 2020، بزيادة قدرها 3.7 مليون مقارنة بعام 2019.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو حقيقة أن معظم هؤلاء الأطفال لم يتلقوا جرعة واحدة من التطعيم، وكثير منهم يأتون من مجتمعات محرومة من الخدمة ومناطق الصراع ومناطق نائية ذات فرص محدودة للحصول على الرعاية الصحية.
الهند وباكستان هما البلدان اللذان لديهما أكبر زيادة في تطعيم الأطفال الضائع، حيث يمثلان ما مجموعه 4 ملايين جرعة ضائعة.
كان أحد الأسباب الرئيسية لزيادة عدد الجرعات الضائعة هو تحويل الموارد لمقاومة الفيروس التاجي، بهدف التركيز القوي عليه وتحجيم تفشيه.
كما أدى ضعف الوعي والتردد بشأن اللقاحات إلى إعاقة التقدم في القضاء على شلل الأطفال في باكستان وأفغانستان، حيث أبلغا عن حالات الإصابة بفيروس شلل الأطفال البري.
وشهد كلا البلدين ارتفاعًا حادًا في الحالات خلال عام 2020 بعد توقف التطعيم لحماية المجتمعات من كورونا.
منذ استئناف التطعيمات ضد شلل الأطفال في أغسطس 2020، سجل كلا البلدين أقل عدد من حالات الإصابة بشلل الأطفال المبلغ عنها في عام 2021 منذ أكثر من عقد.
وتم الإبلاغ عن حالتين من حالات الإصابة بفيروس شلل الأطفال البري من النوع 1 على مستوى العالم اعتبارًا من منتصف أكتوبر 2021 مقارنة بـ125 لنفس الفترة من عام 2020.
حاليا، تستعد الأمم المتحدة لتطعيم الأطفال دون سن الخامسة في أفغانستان، بما في ذلك أكثر من 3.3 مليون شخص لم يتم الوصول إليهم منذ عام 2018 بعد موافقة طالبان على الحملة.
ما مدى قربنا من القضاء على شلل الأطفال؟
اليوم، بفضل حملات التوعية والتطعيم المكثفة لم نعد نرى شلل الأطفال في معظم البلدان المتقدمة، إذ نجحت المبادرة العالمية للقضاء على الفقر والعاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم في القضاء على نوعين من 3 أنواع من الفيروسات البرية.
لكن العالم يحتاج إلى التجمع والالتفاف حول الاستراتيجية الجديدة لاستئصال شلل الأطفال 2022- 2026؛ لإعادة عملية الاستئصال إلى مسارها الصحيح.
في عام 2018، شهد العالم 33 حالة فقط من الإصابات بفيروس شلل الأطفال، لكنها زادت إلى أكثر من 100 حالة في 2019، وارتفعت في عام 2020 إلى أكثر من 1000 حالة، لكن مجتمع الصحة العامة تمكن من خفضه إلى 75 حالة في عام 2021.
وعلى الرغم من القضاء على 99.9% من شلل الأطفال بلقاح شلل الأطفال الفموي، إلا أنه في حالات نادرة عندما لا يتم الوصول إلى عدد كافٍ من الأطفال، تستمر أشكال أخرى من الفيروس في الانتشار.
من خلال جهد جماعي وتعاون عالمي قوي، يمكن لمجتمع الصحة الدولي وضع برنامج استئصال شلل الأطفال على طريق النجاح والقضاء على المرض نهائيا.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjYuMTI3IA== جزيرة ام اند امز