فساد المنح.. ملف "إخوان اليمن" الأسود تحت مقصلة الرأي العام
وضعت حملة إعلامية قيادات إخوان اليمن تحت مقصلة المحاكمة الشعبية، بعد عبثها طيلة 8 أعوام بالمنح الدراسية مستغلة اختطافها لقرار الشرعية.
ونشر ناشطون يمنيون مئات الوثائق المسربة التي تكشف استحواذ قيادات حزب الإصلاح الإخواني على نصيب الأسد في كشف المنح خارج اليمن على رأسهم رئيس التجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي وأمينه العام بالإضافة للقيادي الإخواني النافذ حمود سعيد المخلافي.
وسرعان ما تحولت القضية إلى قضية رأي عام، حيث اتهم اليمنيون تحت وسم "فساد المنح" وزير التعليم العالي الموالي للإخوان خالد الوصابي بالتورط بتسهيل منح لأبناء قيادات التنظيم الإرهابي على حساب أوائل الجمهورية الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن مواجهة منظومة الفساد الإخواني الذي تبتلع البلد المنهك بالحرب الحوثية منذ أواخر 2014.
وبحسب النشطاء فإن المنح الخارجية التي خصصها الإخوان لأبنائهم وأقاربهم تغطي الرسوم الدراسية وتكلفة المعيشة والتأمين الصحي وتمتد لتشمل تكاليف معيشة أسرهم، كملاذ لجأ له التنظيم لتأمين أسر قياداته خارج اليمن الذي يعيث فيها الفساد والفتن.
وتوفر الدراسة بالخارج لأبناء قيادات إخوان اليمن حواضن آمنة بعيدا عن حرب البلد المستعرة لتعيدهم لاحقا قيادات في الدولة التي يتم إنهاك قدراتها ويتم تسخير إيراداتها لدفع ملايين الريالات كنفقات لأبنائهم وأسرهم المبتعثين لدول أوروبية وآسيوية وأفريقية.
زعماء الفساد
رغم عمله من خارج الشرعية باعتباره أحد كبار تنظيم الإخوان باليمن ورغم إدارته لمشاريع اقتصادية ضخمة للتنظيم إلا أن الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح رفض تحمل نفقة أقاربه من حسابه الخاص وفضل استغلال نفوذه في ضمان توفير منح دراسة على حساب اليمن.
ويتصدر عبدالوهاب الآنسي قائمة قيادات الإخوان بعد ابتعاثه شخصيا اثنين من أحفاده إلى تركيا، الأول الرشيد عامر، لدراسة الطب لمدة 7 أعوم برتب شهري 1800 دولار، والآخر العز عامر، وهو مبتعث منذ 2018 لدراسة الاقتصاد بمخصص شهري 1800 دولار أمريكي.
ويحتل المرتبة الثانية، الإخواني حمود سعيد المخلافي الذي ينصب نفسه قائدا أعلى لكيان ما يعرف بـ"مجلس المقاومة"، والذي ثبُت تورطه بنهب مخازن السلاح وتحويل الدعم من جبهات الحوثي إلى استثمارات خاصة خارج اليمن.
كما كان ولا يزال يعمل بالوكالة لدول وأطراف إقليمية للعبث باليمن وخدمة أجندات مشبوهة، لكن ورغم نفوذه وسطوته العسكرية والأمنية إلا أنه اعتمد على المنح الدراسية لتوفير ملاذ آمن لأبنائه وأسرته خارج اليمن.
وبحسب الوثائق المسربة والتي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، فإن الإخواني حمود المخلافي أرسل أيضا اثنين من أبنائه إلى تركيا منذ عام 2018 وهما حذيفة، ويدرس علاقات دولية ورقية وتدرس هندسة صناعية.
وتظهر الوثائق الإخواني اللواء عادل القميري المفتش العام في وزارة الدفاع اليمنية والذي أرسل كذلك اثنين من أبنائه وهما عاصم، الذي يدرس إدارة أعمال وأيمن المتخصص في دراسة طب أسنان بمبلغ شهري للاثنين يصل لنحو 3600 دولار أمريكي.
قيادات الصف الثاني
وانتقلت عدوى فساد الصف الأول في تنظيم الإخوان إلى قيادات الصف الثاني التي سعت بدورها لنيل حصتها من الغنيمة.
وطبقا للوثائق فإن القيادي الإخواني عبدالكريم شيبان، وهو برلماني ويأتي كرابع قيادي، لديه اثنان من الأبناء المبتعثين هما عبدالله لإعداد الدكتوراه في ماليزا براتب شهري 2100 دولار، والآخر علي للدراسة في المغرب بتخصص حقوق براتب شهري 1500 دولار.
أما رئيس حزب الإصلاح الإخواني في تعز عبدالحافظ الفقيه والذي يدير هو الآخر استثمارات بالجملة على مستوى البلاد فيأتي كخامس قيادي بعد ابتعاثه نجله "عبدالحكيم" للدراسة الجامعية في تخصص الطب البشري في تركيا لمدة 6 سنوات ابتداء من ربع العام الماضي بمبلغ 1800 دولار أمريكي إلى جانب 3 من أقاربه.
سادس القيادات ورغم أقامته خارج البلاد وعمله في منصب وكيل وزارة إلا أن الإخواني محمد قيزان ابتعث ابنته سارة لدراسة تخصص هندسة كمبيوتر براتب شهري يصل لـ1800 دولار أمريكي.
أما الإخواني عبدالرزاق الأشول الذي كان يشغل سابقا منصب وزير التربية والتعليم والتحق بالشرعية في السنوات الأخيرة فابتعث ابنته فداء إلى تركيا لدراسة هندسة الذكاء الاصطناعي بمبلغ 1800 دولار أمريكي.
وتظهر الوثائق المسربة أكثر من 303 مبتعثين فقط إلى تركيا خلال الربع الأول من 2021، وقرابة ذات العدد إلى "ماليزيا"، فضلا عن مبتعثين بالمئات إلى كل من أستراليا والتشيك والصين، وألمانيا، والمجر، والنمسا، والهند، وأمريكا، وإيطاليا، وبريطانيا، وبلجيكا، وبلغاريا، وبولندا، وروسيا ورومانيا، وفرنسا وكندا ونيوزلندا.
تدخل رئاسي
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية باليمن سعيد بكران إن وزير التعليم العالي في البلاد ليس صاحب القرار في إدارة التنظيم وإنما يعد مجرد عنصر في تنظيم الإخوان الذي يدير سياسة عامة للجماعة.
ويضيف أن تنظيم الإخوان سعى لتوجيه مخرجات التعليم العالي (الجامعي، الماجستير، الدكتورة) لصالحه والاستفادة المادية من مقدرات الدولة وجعلها ملكاً خاصاً للتنظيم وقياداته من دائرة معينة وأقاربهم.
وكانت الحملة الشعبية الواسعة قد دفعت المجلس الرئاسي باليمن للتدخل الحاسم في وقف العبث الإخواني في المنح الدراسية.
ووجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بإلغاء أسماء كافة المبتعثين غير المستحقين من أبناء مسؤولي الدولة بمن فيهم أي شخص من عائلتهم".