رقصة كونية مذهلة.. أول صورة لثقبين أسودين يدوران حول بعضهما

التقط علماء الفلك أول صورة تُظهر ثقبين أسودين هائلين يدوران حول بعضهما البعض، مؤكدين بذلك توقعا نظريا حير العلماء لعقود طويلة.
الصورة الجديدة تكشف عن ثقبين أسودين عملاقين داخل كوازار ساطع يُعرف باسم "OJ287"، يبعد نحو خمسة مليارات سنة ضوئية في كوكبة السرطان. والكوازارات هي مناطق شديدة السطوع في مراكز المجرات، تنشأ عندما تبتلع الثقوب السوداء كميات ضخمة من الغاز والغبار، ما يجعلها تتوهّج بضوء يفوق ضوء المجرات بأكملها.
وقال عالم الفلك الفنلندي ماوري فالتونن من جامعة توركو، وهو المؤلف الرئيس للدراسة المنشورة في دورية "ذا أستروفيزيكال جورنال" يوم 9 أكتوبر: "الكوازار OJ287 ساطع لدرجة يمكن حتى للهواة رصده بتلسكوباتهم الخاصة، وما نرصده اليوم هو الدليل الأوضح حتى الآن على وجود نظام ثنائي لثقبين أسودين يدوران معا".
ويُعد هذا الاكتشاف أول دليل بصري مباشر على وجود ثقوب سوداء مزدوجة، بعدما كانت الأدلة السابقة تعتمد فقط على الموجات الثقالية التي تنتج عن اندماج هذه الأجسام فائقة الجاذبية.
ويرجع اهتمام العلماء بالكوازار " OJ287 " إلى عام 1982، عندما لاحظ عالم الفلك الفنلندي أيمو سيلانبا أن سطوع الكوازار يرتفع وينخفض بانتظام كل 12 عاما، ما رجح وجود ثقبين أسودين يدوران داخل مركزه. ومنذ ذلك الحين، تابع مئات العلماء الكوازار لعقود، بحثًا عن دليل قاطع يثبت هذا الافتراض.
وجاءت اللقطة الحاسمة بفضل مزيج من التلسكوبات الأرضية ومقراب الفضاء الروسي "راديوأسترون" (Spektr-R)، الذي دار بين عامي 2011 و2019 في مدار يمتد إلى منتصف المسافة بين الأرض والقمر، ما أتاح صورا أكثر دقة بنحو 100 ألف مرة من الصور البصرية التقليدية.
وعندما قارن الباحثون الصورة الجديدة بالحسابات النظرية السابقة، وجدوا الثقبين تمامًا في المكان المتوقع. ورغم أن الثقوب السوداء نفسها لا تُرى لأنها لا تبعث ضوءا، فإن العلماء رصدوها من خلال الغاز المتوهج والنفاثات الجسيمية المنطلقة منها.
كما كشفت الصور أن النفاثة المنبعثة من الثقب الأصغر تلتف بطريقة تشبه خرطوم المياه الدوّار، نتيجة لحركته السريعة حول الثقب الأكبر، ومن المتوقع أن يظهر "ذيله الكوني" وهو يتمايل ذهابًا وإيابًا خلال مداره البالغ 12 عاما، ما يمنح العلماء فرصة فريدة لمراقبة رقصهما الكوني في الزمن الحقيقي.