المضحك أن “بي بي سي” تزعم أنها تتمتع باستقلالية مادية تامة تتيح لها حرية تناول السياسة الإعلامية
عنوان المقال ليس معكوسا، فهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تفوقت على التماسيح في ذرف دموع النفاق المُمَنهج والتضليل المشين. كنا نأمل أن تتسم سياسة هذه الإذاعة بتناول الأخبار بحياد وشفافية، ولكن كلنا نعلم كيف تجنت “بي بي سي” على السعودية في تغطيتها لحرب اليمن وأحداث البحرين والمنطقة الشرقية.
رغم زعم “بي بي سي” أن حيادها كمؤسسة إعلامية هو نتيجة عدم تلقيها أي دعم حكومي من الحكومة البريطانية أو من حكومة أخرى، إلا أن توجه هذه القناة التي يمتد عمرها إلى نحو تسعة عقود لا يمت بصلة للمصداقية الإعلامية.
المضحك أن “بي بي سي” تزعم أنها تتمتع باستقلالية مادية تامة تتيح لها حرية تناول السياسة الإعلامية وفق ما يريده منها دافع الضرائب البريطاني. هذا اعتراف واضح وصريح بأن إيواء وتمويل بقايا إرهابيي القاعدة والإخوان وشلة سعد الفقيه وعصابة المعارضة البحرينية الذين تعطيهم الحكومة البريطانية حق اللجوء السياسي يأتي على حساب دافعي الضرائب البريطانيين.
من أخطاء “بي بي سي” المعروفة والمقصودة تحريف تصريح اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية. القناة زعمت في تقريرها أن السعودية نجحت في إقناع الناس “بتقديم الأموال تحت غطاء الأعمال الخيرية ولكن الحقيقة أن الأموال السعودية كانت تذهب لتمويل القاعدة في أفغانستان”.
الواقع طبعا هو أن الحكومة السعودية ليست مسؤولة عن هذا الأمر، كما أن الرياض اتخذت إجراءات تصحيحية صارمة بمجرد حصولها على أدلة تثبت إساءة استعمال هذه الأموال. هذه الجزئية الأخيرة كانت طبعا غائبة عن أذهان عباقرة الـ“بي بي سي”.
كذلك حاولت “بي بي سي” إحراج الزميل علي سعد الموسى عبر سؤاله لماذا لا تسمح السلطات السعودية في موسم الحج، ولو حتى بالحد الأدنى من التعبير السياسي في تجمعات محدودة؟ تهييج الرأي العام في موسم التعبد والدعاء والعبادة ليس بمستغرب، فبصمات مدير القسم العربي الإيراني الأصل بهروز آفاق على توجه “بي بي سي” واضحة للعيان. لهذا لن يستقيم وضع الـ“بي بي سي” إلا بالتخلص من الأيديولوجيين المندسين في أروقتها.
قناة “بي بي سي” لم تعد مهتمة بالحفاظ على مهنيتها التي تستند على التقاليد الإنكليزية العريقة. من الواضح أنها وضعت نفسها في خدمة المخربين والمتآمرين، ولم يعد يعنيها إن تحولت من قناة رصينة إلى قناة بأيدي قيادات لم تستطع مقاومة المغريات التي هزت كيانها
تحرص قناة “بي بي سي” على التعاطف مع خزعبلات منظمة هيومن رايتس ووتش (المفترض أنها معنية بحقوق الإنسان). من ضمن المغالطات التي بثتها “بي بي سي” في 2012 أن من يفصح عن معتقداته الشيعية من أبناء الطائفتين الشيعية والإسماعيلية في السعودية يتعرض للاعتقال.
كذلك حرصت “بي بي سي” في تقاريرها على إعادة تدوير قصتها عن “إطلاق رجال الأمن النار على أهل العوامية بطريقة عشوائية، ومن بينهم الأطفال وكبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة”. هذا دليل آخر على أن الـ“بي بي سي” لم تكن يوما نزيهة أو موضوعية أو حتى تلتزم الحياد.
لم تذكر “بي بي سي” أي خبر من قريب أو بعيد عن إعادة بناء العوامية في المنطقة الشرقية، بل وتجاهلت تماما وعمدا ما تقوم به قوات الأمن السعودية لحماية سكان المدينة من عصابات الإرهاب الممولة والمدعومة من إيران من خطف وقتل وبيع للسلاح والمخدرات. كذلك لم تذكر القناة جهود السعودية لإقامة 78 مشروعا تعليميا في المنطقة الشرقية في السعودية، إضافة إلى تأهيل وترميم 60 مدرسة في المنطقة التي تقيم فيها الأغلبية الشيعية الشقيقة. هذا طبعا غير مستغرب ممن لا يلتزم بأدنى المعايير المهنية النزيهة.
وكما أكد الزميل محمد البكر في أحد مقالاته، فإن قناة “بي بي سي” لم تعد مهتمة بالحفاظ على مهنيتها التي تستند على التقاليد الإنكليزية العريقة.
من الواضح أن “بي بي سي” وضعت نفسها في خدمة المخربين والمتآمرين، ولم يعد يعنيها إن تحولت من قناة رصينة إلى قناة بأيدي قيادات لم تستطع مقاومة المغريات التي هزت كيانها.
نقلا عن "العرب اللندنية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة