يتوج بالأوسكار للمرة الثانية.. "ماهر شالا علي" الصامت البليغ
ماهر شالا كان الأساس الواقعي الذي استلهم منه أداءه لشخصية دون شيرلي في فيلم "الكتاب الأخضر" وجعل منه نجم الأوسكار الأول.
ليست حياة ماهر شالا علي الفائز للمرة الثانية بأوسكار أفضل ممثل مساعد عن شخصيته "د. دون شيرلي" في فيلم "الكتاب الأخضر" سوى صورة هاربة من فيلم سينمائي، تكاد تكون في جزء من تفاصيلها صورة طبق الأصل لما جرى للدكتور شيرلي في جولته الموسيقية في الجنوب الأمريكي، فالنجم المولود من عائلة والدين مسيحيين كان اعتنق الإسلام في العام 2000، وبطبيعة الحال كان عليه أن يدفع فاتورة إسلامه عقب أحداث 11 سبتمبر الشهيرة في العام التالي، فصار انتقاله عبر المطارات أمراً صعباً، قبل أن يعلم أن اسمه على قائمة المراقبة للسفر بالطائرة. في هذه الأثناء اضطرت زوجته المسلمة إلى خلع غطاء رأسها في شوارع المدينة، وواجهت معه مشكلة تجميد أرصدة حساباتهما البنكية.
لعل مكابدات ماهر شالا علي في تلك الأيام كانت الأساس الواقعي الذي استلهم منه أداءه لشخصية دون شيرلي في فيلم "الكتاب الأخضر" وجعل منه نجم الأوسكار الأول في فئة أفضل ممثل بدور مساعد، بحضوره التمثيلي القوي، وما يختزنه من طاقة تعبير وجدانية عالية.
علي الذي نشأ في كنف والدته في كاليفورنيا بعد أن تركهما والده للعمل في الفرق الراقصة، شغف بالتمثيل في سن مبكرة من عمره، حين شارك في مسرحية "Spunk" لكاتب الخيال "زورا نيل هيرستون"، ويبدو أن نجاح هذه التجربة أوقظ في داخله طموح أن يصبح ممثلاً، فما أن نال درجة البكالوريوس في الاتصالات عام 1996 حتى التحق بمدرسة تيش للفنون في جامعة نيويورك، وتدرب مع مهرجان شكسبير في كاليفورنيا.
في هذه الأثناء اعتنق ماهر شالا علي الإسلام وغيرّ اسمه الأخير إلى "علي"، وبرر ذلك بقوله: "شعرت أنني بحاجة لفهم شيء أعمق، فبدأت عملية بحث عميق في الأديان والفلسفات المختلفة، وطرق التواصل مع الله، وانتهى بي الأمر مسلماً".
وكما كانت حياته لا تخلو من صعوبات وعثرات، كذلك كانت تجربته التمثيلية التي بدأها في هوليوود بتجسيد أدوار ثانوية، ابتداء من مسلسل تلفزيوني كان الرجل الأسود الوحيد فيه، تلا ذلك مشاركته في مجموعة من البرامج التلفزيونية، قبل أن تزداد مساحة أدواره في أفلام متوسطة الجودة، لتتوالى بعدها أعماله الفنية في التلفزيون والسينما والمسرح، لتحدث نقطة التحول في حياته حين قدم في العام 2016 شخصية "خوان" تاجر المخدرات الذي يرعى صبياً صغيراً يعيش في ميامي مع أمه مدمنة المخدرات في فيلم "ضوء القمر" (Moonlight ) وينال عنه أكثر من عشر جوائز، توجها بجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد لعام 2017، ليكون بذلك أول مسلم يفوز بمثل هذه الجائزة.
وها هو ماهرشالا علي، يعيد سيناريو التألق ذاته الذي حققه مع فيلم "ضوء القمر" بعد أقل من عامين من خلال فيلمه "الكتاب الأخضر" الذي نال عليه خمس جوائز أيضاً، منها جائزة نقابة ممثلي الشاشة عن الأداء المتميز من قبل ممثل في دور مساعد وجائزة جميعة نقاد السينما لأفضل ممثل مساعد اللتان سبق ونالهما عن فيلمه "ضوء القمر" قبل أن يضيف إلى رصيد الفيلم جائزة سادسة، هي أوسكار أفضل ممثل مساعد.
في فيلم "الكتاب الأخضر" استطاع ماهر شالا علي منافسة "فيجو مورتينسون" على بطولة الفيلم، على نحو كان يستحق أيضاً أن ينافسه في الترشح لنيل أوسكار أفضل ممثل بدور رئيسي، وذلك لما أبداه من أداء يمتاز بقوة التعبير الداخلية، حتى أن وجه الرجل كان ينطق بالكثير من دون أن ينبس ببنت شفة، فكان الممثل الصامت الأكثر بلاغة في كثير مشاهده.
ماهر شالا علي المولود في 16 فبراير 1974 يطل الآن على جمهوره في صالات السينما، ومنها الإماراتية، من خلال شخصية "فيكتور" في فيلم الخيال العلمي الفانتازي " أليتا: ملاك المعركة" (Alita: Battle Angel) للمخرج روبرت رودريغيز .