حصاد 2019 الثقافي في قطاع غزة.. حراك يتواصل وخسائر تتكدس
"العين الإخبارية" ترصد في هذا التقرير المشهد الثقافي في قطاع غزة خلال ٢٠١٩ الذي شهد العديد من الفعاليات الأدبية والسينمائية
غزا عام 2019 مطارح الأدب في قطاع غزة رغم الغبار الكثيف الذي تنشره صحاري الانقسام الفلسطيني والأزمات المعقدة التي تعيشها الحالة الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة المحاصر، إلا أن الثقافة شقت طريقها لتثبت أن الحياة لا تزال ممكنة، وأن الإبداع رأس مال الأمل فيها.
في التقرير التالي ترصد "العين الإخبارية" حصاد القطاع الثقافي في غزة خلال عام 2019.
يوم الثقافة الوطنية
أقامت جحافل الثقافة خيامها في قطاع غزة، بالشراكة مع الضفة الغربية، وبتمويل من وزارة الثقافة ووزيرها السابق الدكتور إيهاب بسيسو، لإقامة فعاليات "يوم الثقافة الوطنية" التي استمرت على مدار أسبوع كامل، من 13 حتى 31 مارس/آذار في جمعية الشبان المسيحية في غزة، بالتزامن مع فعاليات مماثلة في محافظات الضفة الغربية.
وكانت هذه تظاهرة ثقافية رعاها الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، بالشراكة مع وزارة الثقافة، وتضمن برنامجها القراءات النقدية عن المسرح والقصة والرواية وأمسيات شعرية لشعراء شباب ومكرسين.
وحملت الفعالية شعار "القدس عاصمة الثقافة الإسلامية"، وفي ختام فعالياتها تم اختيار الباحث المقدسي إسحاق البديري شخصية العام الثقافية، كما تم الاحتفال بمرور 100 سنة على ميلاد الراحلين السياسي الدكتور حيدر عبدالشافي والمفكر الفلسطيني إيميل توما، لتسدل الستارة عن أيام ثقافية عاشها الفلسطيني في جميع أماكن تواجده بالقدر الممكن الذي أتيح له.
القدس عاصمة الثقافة الإسلامية
وعلى أنغام صوفية راقية ورقصات زاهية تنم عن السمو الإنساني، نفذت فرقة الكمنجاتي العديد من أمسياتها الغنائية والاستعراضية في قطاع غزة، شملت مسجد العمري الكبير في مدينة غزة، ومدارس عديدة في محافظات القطاع خلال شهر أبريل/نيسان ومايو/أيار.
وشملت المدارس مدرسة الزهراء في غزة، والزوايدة أرض السواحرة، والشاليهات في مدينة غزة، وقلعة برقوق في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، ومنطقة القرارة جنوب قطاع غزة، ومدرسة أبو تمام منطقة بيت لأهيا شمال قطاع غزة، ومدرسة الزهراء في محافظة رفح جنوب قطاع غزة.
وشملت الأمسيات التي شهدها قطاع غزة ضمن فعاليات "القدس عاصمة الثقافة الإسلامية"، فعاليات مسرحية بقيادة الفنان المسرحي علي أبو ياسين، كما تم بث العديد من اللقاءات الإذاعية والمتلفزة التي استضافت كتابا وأدباء ومثقفين، لتثبيت أهمية القدس في العمق الإسلامي وانتماء المدينة لجذورها العربية والإسلامية.
المبادرة الشعرية لليوم العالمي للشعر
شاركت فلسطين مع أكثر من 160 دولة حول العالم بإطلاق المبادرة الشعرية لليوم العالمي للشعر، الذي انطلق في 21 يونيو/حزيران في جميع محافظات فلسطين بما فيها الخط الأخضر والجولان السوري.
وشارك أكثر من 150 شاعرا وشاعرة من فلسطين بإحياء هذه المبادرة التي حملت معاني السلام والتسامح، ونشر ثقافة المحبة، والتي أشرف على انطلاقتها الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين بالتعاون مع المراكز الثقافية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وحملت هذه الأمسيات شعارا موحدا عبر العالم وهو "لا للحرب، نعم للحرية والسلام".
يذكر أن الاحتلال منع إحياء أمسية القدس التي كانت مقررة في مدرسة بيت الأيتام في المدينة، وصادر العديد من بيانات الشجب والاستنكار لهذا المنع التعسفي الذي تعرض بعده شعراء لمضايقات وملاحقات أمنية.
مهرجان أيام السينما في غزة
انطلقت أيام السينما الفلسطينية في قطاع غزة في 2 أكتوبر/تشرين الأول بالتزامن مع انطلاقها في محافظات الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، بمشاركة العديد من الأفلام محلية الصنع والمدعومة من جهات دولية ومحلية.
وشهدت قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة غزة أيام السينما السبعة، في دورتها السادسة على التوالي، وعرض أكثر من 60 فيلما شملت أفلاما طويلة منها الروائي والوثائقي، وأفلاما قصيرة ومجموعة من الأفلام المتحركة للأطفال، إلى جانب الأفلام المحلية الفلسطينية المشاركة.
كما شملت أفلاما من دول عربية وأجنبية منها المغرب، تونس، إيران، كوسوفو، ألبانيا، استراليا، أفغانستان، الدنمارك، ليبيا، أمريكا، فرنسا، مصر، لبنان.
يذكر أن مهرجان أيام السينما الفلسطينية ينظم بإشراف مؤسسة "فيلم لاب"، التي تسعى إلى إعادة إحياء ثقافة السينما في فلسطين، من خلال تفعيل صناعة الأفلام وعقد مهرجانات منافسة لها في العالم، وتخصص أياما من كل سنة لجلب أفلام من خارج فلسطين ومشاركتها بأفلام فلسطينية في مهرجان سنوي مميز.
جوائز دولة فلسطين الثقافية
أعلن وزير الثقافة الفلسطيني الجديد عاطف أبوسيف، الذي تسلم مهامه من الوزير السابق إيهاب بسيسو هذا العام، جوائز دولة فلسطين الثقافية في 21 أكتوبر/تشرين الأول.
ووصل عدد الأعمال المقدمة للجنة الجوائز 122 عملا أدبيا في الأجناس المطروحة وفق شروط الوزارة.
وعادة ما تمنح هذه الجوائز كل عام للأدباء والكتاب والمبدعين المسرحيين والنقاد الذين يتقدمون بأعمالهم في تواريخ تحددها الوزارة، ويجري عليها قراءات وتشكيل لجان لفرزها وتصنيفها وتحديد الفائز منها.
وصرح الدكتور أحمد حرب رئيس لجنة الجوائز معلنا النتائج بقوله: "منحت نتائج لجنة تحكيم جوائز دولة فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية لعام 2019، جائزة الدولة التقديرية للشاعر والناقد عز الدين المناصرة عن مجمل أعماله النقدية والشعرية، والروائي والقاص رشاد أبوشاور عن مجمل أعماله القصصية والروائية، والمُفكر والمؤرخ فهمي جدعان عن مجمل أعماله الفكرية والفلسفية والتاريخية".
كما حصل الروائي محمود شقير على جائزة فلسطين للآداب عن مجموعته القصصية "سقوف الرّغبة"، وحصل الروائي أكرم مسلم على جائزة فلسطين للآداب عن روايته "بنت من شاتيلا"، وجائزة فلسطين للفنون كانت من نصيب كلٍّ من: الفنان عبد عابدي والفنان خالد الحوراني.
وذهبت جائزة فلسطين في الدراسات الاجتماعية والعلوم الإنسانية إلى الناقد نبيه القاسم من بلدة الرامة في الجليل، والباحث والناقد الأستاذ الدكتور محمد البوجي من مدينة غزة، وجائزة فلسطين للشعر لفئة الشباب، كانت من نصيب الشاعر الفلسطيني عبد الله أبو بكر المقيم في الإمارات العربية المتحدة، وذلك عن مجموعته الشعرية "الحديقة داخل البيت"، وحصل الفنان التلحمي ثائر العزة على جائزة الفنون لفئة الشباب عن فيلمه "دلة قهوة".
السجادة الحمراء
شهد قطاع غزة انطلاق مهرجان "السجادة الحمراء" السينمائي لأفلام حقوق الإنسان في نسخته الخامسة في 5 ديسمبر/كانون الأول، وكان من المقرر افتتاح المهرجان في سينما مهجورة منذ عام 1987 إلا أن الجهات المعنية في قطاع غزة رفضت إعادة ترميم مبنى السينما وقبلت أن ينظم المهرجان أمام مبنى سينما عامر.
ووضع المخرجون ومنتجو الأفلام سجادة حمراء بطول 100 متر على بوابة السينما، ووضعت شاشة سينما بيضاء ضخمة على أحد الجدران ولوحات إعلانية لشعار المهرجان على بقية جدران السينما.
وصرح المدير التنفيذي للمهرجان منتصر السبع، خلال مؤتمر صحفي أعلن خلاله البرنامج، بأن المهرجان سيتضمن عرض 45 فيلما في محافظات قطاع غزة من 5 إلى 11 ديسمبر/كانون الأول.
وشاركت أفلام من دول عربية مثل لبنان وسوريا والعراق ومصر، فيما تم إنتاج 5 أفلام لأول مرة في فلسطين، وتم ترشيحها للمشاركة في عدة مهرجانات سينمائية.
وفي خطوة اعتيادية يشهدها المهرجان، سار مئات الرجال والنساء والأطفال على السجادة الحمراء خارج السينما، فيما تم وضع السجادة الحمراء في أماكن العروض المقترحة من بينها وسط ركام عمارات وبيوت قد دمرت في عام 2014م.
متفرقات في عين السنة
كما شهد قطاع غزة العشرات من حفلات توقيع الكتب الأدبية الصادرة من دور نشر محلية أو عربية لكتاب وأدباء فلسطينيين، ونظمت العديد من الندوات والمؤتمرات الأدبية في قطاع غزة.
كان من أبرز هذه الفعاليات البرنامج الثقافي السنوي الذي ينفذه المعهد الفرنسي في قطاع غزة ومنه "أيام ربيع الشعر" الذي يترأس لجنة تنظيمه الشاعر ناصر عطا الله والروائي يسري الغول والشاعر ناصر رباح، بالإضافة إلى العشرات من الأمسيات الشعرية ومعارض الصور وقراءات للكتب الأدبية ينظمها المعهد بالتعاون مع جماعة قرطبة الثقافي ومجموعة شغف الثقافية.
كم نفذ مركز شواطئ الأدب في مدينة النصيرات وسط قطاع غزة 52 أمسية شعرية وقراءات نقدية لكتب صادرة حديثا، ضمن نشاطاته الأسبوعية الاعتيادية، فيما شهد مركز غزة للثقافة والفنون مساءات ثقافية على مدار أشهر تجولت في محافظات قطاع غزة، كما نفذ الاتحاد العام للمراكز الثقافية العديد من النشاطات الثقافية في المحافظات الخمس لقطاع غزة.
الحصاد الحزين للأدباء والكتاب
وخسر المشهد الثقافي الفلسطيني خلال عام 2019 رحيل العديد من الشخصيات الثقافية والإبداعية التي أثرت الثقافة الوطنية والعربية في سنين حياتها، ومن هذه الشخصيات الدكتور عدنان قاسم والشاعر نعيم قويس، والشاعر عبدالفتاح حميد، والناقد الدكتور خالد مصطفى، والشاعرة منال نجوم، والكاتب صبحي غوشة، والأديب الكبير سعيد المسحال، والمفكر علي إسحاق حتقة، والناقد الدكتور عبدالهادي أبو سمرة، والأديب عدنان كنفاني، والكاتب عصام سخنيني، والأمين العام الأسبق للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين أحمد عبدالرحمن، والمترجم الأديب صالح علماني، والكاتبة عطاف يوسف.
ومن بين خسائر الثقافة الفلسطينية كان تدمير مركز سعيد المسحال للثقافة والفنون، وتدمير مبنى المكتبة الوطنية الذي كان قيد الإنشاء، وتدمير مقر الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الذي كان في عمارة اليازجي السكنية، وتدمير مركز عبدالله الحوراني للدراسات والأبحاث، وكان مركزا ثقافيا شهد الكثير من الفعاليات الأدبية.
aXA6IDMuMTYuNDcuODkg جزيرة ام اند امز