"دار المعارف".. فنار أضاء العالم العربي من مصر

تكريم مؤسسة دار المعارف كأفضل دار نشر عربية لعام 2019 في معرض الشارقة الدولي للكتاب يعيد سيرتها التي تمتد لأكثر من 100 عام

يُعيد تكريم مؤسسة "دار المعارف" المصرية كأفضل دار نشر عربية لعام 2019 في معرض الشارقة الدولي للكتاب، سيرة الدار المُرتبطة بالعراقة والتنوع الثقافي والتنوير منذ تأسيسها قبل أكثر من 100 عام.

• إنفوجراف.. الفائزون بجوائز الشارقة للكتاب الإماراتي

واختارت "دار المعارف" شعار "الفنار" ليكون رمزاً ارتبط بتاريخ المؤسسة المصرية الأعرق، مصحوباً بعبارة "خذوا المعارف من دار المعارف".

وعلى الرغم من ارتباط المؤسسة بنشأتها المصرية إلا أن صاحب الدار هو اللبناني نجيب متري (1865-1928)، الذي أسسها عام 1890، ولم تكن وقتها سوى مطبعة صغيرة في طابق أرضي، ثم تطورت من دار للطباعة لدار للنشر، تتوسع في إصدار عناوين في الآداب والتاريخ والجغرافيا والعلوم الإنسانية وغيرها من روافد المعرفة.

وقدّمت الدار عناوين لقائمة ثرية من كبار مثقفي العالم العربي في هذا الوقت، منهم وديع البستاني، وشبلي شميل، وفرح أنطون، وأحمد فارس الشدياق، وقاسم أمين، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، ومحمد مندور، وإبراهيم ناجي، وعائشة عبدالرحمن، وحسين فوزي، وشوقي ضيف، وعباس محمود العقاد. 

وشهدت بدايات مطبعة "دار المعارف" شراكة بين نجيب متري وجرجي زيدان، ولكن لم تدم هذه الشراكة، حيث استقل زيدان بمطبعة "الهلال"، التي تحولت بعد ذلك إلى مؤسسة للنشر أيضاً، وواصل "متري" مشروعه التنويري عبر "دار المعارف".

وبعد رحيل نجيب متري تولى إدارة المؤسسة نجله شفيق متري، الذي قام بتوسيع نشاط المؤسسة عبر معدات طباعة حديثة، ونقل المؤسسة إلى مقر يطل على كورنيش النيل.

وترتكز أهمية دار "المعارف" على قدرتها في العبور إلى مكتبات معظم البيوت العربية، بثراء محتواها وسعرها الزهيد، فخرجت عن دار المعارف سلاسل ومجلات عريقة في مختلف التخصصات، لعل أشهرها سلسلة "اقرأ" التي تصدر شهرياً.

ويُذكر أن أول كتاب نُشر بتلك السلسلة هو كتاب "أحلام شهرزاد" لطه حسين، وكذلك مجلة "الكتاب"، ومسرحيات شكسبير، وسلسلة "نوابغ الفكر العربي"، وكذلك "سلسلة ذخائر العرب".

وأتاحت الدار اختيارات واسعة أمام الأهالي، لتشجيع صغارهم على الدخول لعالم القراءة، عبر مجموعة من المجلات والإصدارات الموجهة للأطفال، والتي تميزت بعنصر الرسوم، كعامل من عوامل نجاح هذه الإصدارات.

وقدمت العشرات من رسامي العالم العربي، منهم حلمي التوني، وجورج بهجوري، وإيهاب شاكر، ويوسف فرنسيس، عبر مجلة "سندباد"، التي كانت تصدر كل خميس، وشعارها "سندباد.. مجلة الأولاد في جميع البلاد"، ومؤسسها هو الفنان التشكيلي المصري حسين بيكار.

وتضم سلسلة الأطفال أيضاً "الكتاب العجيب"، و"السلسلة الخضراء"، التي تحتفظ كثير من البيوت في العالم العربي بقصصها التي تحمل الكثير من بذور الخيال عبر أبطالها وعالمهم العجائبي.

ومن بين كُتاب هذه السلسلة عبدالله الكبير، ويعقوب الشاروني، وعادل الغضبان، وجاذبية صدقي، ولا تزال الدار تؤدي خدماتها في هذا السياق، كما أنها طورت من سلسلة مكتباتها في القاهرة والمحافظات، لتصبح واحدة من أهم نقاط توزيع الكتب التي تصدرها الدار وغيرها من دور النشر المصرية والعربية.

وتحرص الدار على مواصلة إصداراتها في مجال التراث، وقامت قبل عامين بإصدار طبعة جديدة من 10 كتب تراثية في سلسلة "ذخائر العرب"، وهي السلسلة الشهيرة التي أصدرتها الدار منذ أربعينيات القرن الماضي، والحريصة على تقديم التراث العربي على أسس علمية.

وصدر عنها ما يقرب من 80 كتاباً في علوم اللغة والتاريخ والتصوف والفلسفة وعلم الكلام وعلم البيان، علاوة على تراث الشعر العربي كديوان "امرؤ القيس" بتحقيق محمد أبوالفضل إبراهيم، و"شرح ديوان صريع الغواني"، و"ديوان البحتري" في 5 مجلدات، بتحقيق محمد كامل الصيرفي، وفي التراث النثري مثل "رسالة الغفران" و"حي بن يقظان".

كما تواصل مؤسسة دار المعارف عبر إصداراتها المتنوعة رسالتها التي بدأتها قبل أكثر من 100 عاماً، وأطلقت أخيراً مبادرة "أسرة تقرأ.. أمة تنهض"، والتي تستهدف توسيع دائرة القراءة للكتاب المصري في مصر والعالم العربي، ونشر الثقافة بين أبناء الوطن لمحاربة الأفكار المتطرفة والإرهاب.