دار الحجر باليمن.. "أعجوبة" معمارية معلقة فوق صخرة (صور)
على صخرة يبلغ ارتفاعها 35 مترا، يربض دار الحجر بهدوء بطوابقه الـ7 كلوحة معلقة متناسقة التكوين المعماري مع طبيعة وشكل الصخرة الشاهقة.
ويعد قصر "دار الحجر" أحد أهم المعالم التاريخية اليمنية ويقع في بلدة "وادي ظهر"، في مديرية همدان على بعد 15 كيلو متر في الشمال الغربي من العاصمة صنعاء.
وبحسب المراجع التاريخية فإن القصر شيد على أنقاض قصر سبئي قديم بناه الحميريون عام 3000 ق. م، وكان يسمى "ذي سيدان" أو "ذو ريدان" لكنه دمر لدى الغزو التركي لليمن قبل أن يتم إعادة ترميمه بداية القرن الـ20.
لماذا سمي "دار الحجر"؟
رغم أن القصر ينسب إلى الملك "أريم ملشان ذو يزن"، أحد الملوك الحميريين، إلا أنه ظل دهشة وأعجوبة معمارية بسبب احتراف مؤسسه ومدى إحاطته بالهندسة المعمارية وعلم الفلك واحتراف تناسق الطوابق التي جاء تصميمها ملائما تمامًا لتكوين الصخرة الطبيعي.
ويستمد دار الحجر الذي شيد بالنمط المعماري الصنعائي القديم اسمه من الصخرة المنحوت منها، لكن قديما أطلق عليه أسماء عدة منها "قصر ظهر" والذي ورد ذكره في النقوش اليمنية القديمة، بخاصة نقش النصر الذي عثر عليه في الآثار السبئية في عاصمة مملكة سبأ في محافظة مأرب (شرق).
و"قصر ظهر" المحاط بالبساتين الوارفة من العنب والرمان والخوخ والتين والسفرجل، اشتق من مدينة ظهر التي يرجع تاريخ بنائها وبناء القصر إلى ما قبل القرن السابع قبل الميلاد، فيما يرجع تشييده الحديث إلى عام 1932 تحديدا.
ومن الأسماء القديمة أيضا "ذو سيدان"، أو "ذو ريدان"ويعود أصله لحصن سبئي شيد إبان مملكة سبأ قبل 3 آلاف عام.
وتوارث القصر عدد من الملوك اليمنيين، فيما خصص المبنى الخارجي في الجزء الجنوبي الغربي من القصر لاستقبال ضيوفه وكبار رجالات الدولة فيه، أما الجهة الشمالية فتظهر الصور قبورا صخرية يقال إنها استخدمت مقابر قديمة لسكان "دار الحجر".
طوابق القصر
يتألف القصر من 7 طوابق متناسقة، منها جزء مبني بالحجر الأسود وآخر منحوت من الصخرة التي شيد عليها بما فيه بداية سلم القصر المنحوت بشكل بديع من صخرة الجرانيت.
ويضم القصر ممرا واسعا اتخذ كحوش مرصوف بأحجار توصل إلى استراحة، ويقع شمالها "المفرج" وهو مجلس كبير يطل على حوض مائي دائري بني بالحجر الأسود كان يتخذه الملوك موقعاً لاستقبال كبار الضيوف.
وتزين طوابق القصر من الخارج أشرطة وأحزمة من الزخارف الهندسية المتنوعة، فيما تزود نوافذ بعض غرف طوابقه مشربيات، عبارة عن شبك خشبي منحوت يحيط بالنافذة وذلك تفادياً لسقوط الأطفال ويسمح برؤية الخارج ودخول الهواء البارد.
ففي الطابق الـ1 تقع غرفة الحراسة وعمال القصر فيما الطابق الـ2 يضم خزان مياه محفورا في الصخرة بعمق 70 متراً، وبحسب مرشد محلي لـ"العين الإخبارية"، فإن الطابق الثاني يضم كذلك مخازن ومطاحن الحبوب الحجرية وغرفة لطهي الطعام.
في الطابق الـ3 يتكون القصر من غرف عائلية ذات الجهات المختلفة بحسب فصول السنة، فهناك الغرف الصيفية التي تستقبل الهواء البارد جداً بمجرد فتحة بسيطة في نوافذها، وأخرى باتجاه الشمس تظل دافئة شتاء.
في ذات الطابق، تتواجد شرفة واسعة مزودة بمزاريب وأحواض مائية كانت تستخدم للغسيل، إضافة لغرف النوم المزودة بخزانات جدارية لحفظ الملابس والمجوهرات والمقتنيات الثمينة، وكوّات واسعة تتخللها فتحات تستخدم كبرادات طبيعية لمياه الشرب، إضافة إلى فتحات أخرى خصصت للحراسة، تسمح بمراقبة محيط القصر.
أما الأدوار العلوية الـ4 الأخرى، فهي خاصة بالملك وعائلته وتتألف من غرف ومتنفسات واسعة يستشرف فيها الجالس أكبر قدر من المناظر المحيطة بالقصر، تتوسطها نوافذ زجاجية واسعة تعلوها "القمريات" اليمانية والتي هي عبارة عن قطع مزخرفة نصف دائرية تعلو النوافذ ومصنوعة من الرخام أو الجص المنقوش، المزين بالزجاج الملون.
كما يتألف هذا المبنى من مفرج وغرفة البرزة يفتحان على فناء مكشوف مستطيل الشكل، رُصفت أرضيته بأحجار سوداء مشذبة، تتوسط الفناء نافورة دائرية، ويتميز الفناء بإطلالة جميلة على البساتين المحيطة بالقصر غربا.