دموع ودماء.. ناجون من أسوأ إطلاق نار بأستراليا يروون التفاصيل
مطلق النار هو شخص معروف جيداً للشرطة، أطلق سراحه في يناير الماضي ولديه سجل جنائي سابق، وربما كان له صلات بعصابات الدراجات النارية
صراخ ورعب ودماء في كل مكان، تفاصيل صادمة يرويها الناجون من أسوأ إطلاق نار شهدته أستراليا منذ عقود، حين فتح مسلح النار لمدة ساعة كاملة على سكان مدينة داروين بشمال أستراليا ليلة الثلاثاء الماضي.
ولقي ما لا يقل عن 4 أشخاص مصرعهم وأصيبت امرأة خلال الحادث الذي ارتكبه رجل (45 عاما) كان في حالة هياج شديدة، في ساعة متأخرة ليل الثلاثاء بفندق Palms Motel ومواقع أخرى بمدينة داروين الأسترالية.
وألقت شرطة الإقليم الشمالي الأسترالي القبض على المشتبه به في إطلاق النار، مساء الثلاثاء، وهو محجوز بمستشفى داروين تحت حراسة الشرطة لحين استجوابه والتحقيق معه.
ووصف بعض من شهود العيان تفاصيل لحظات الذعر التي مروا بها، حين كان المسلح ينتقل من مكان لآخر مطلقا النار، وتقول جاسمين كيللي وصديقها بريندون أوزان، لمحطة الإذاعة البريطانية (ABC): "سمعت بعض الأصوات الصاخبة، خرجت من المقدمة للتحقق، وبينما كنت أنزل نحو السلم رأيت رجلاً يرتدي قميصاً يمشي بندقيته، فوجه نظره إليّ فهرعت إلى غرفة النوم وأغلقت الباب واختبأنا في الحمام واتصلنا بالشرطة، لنسمع بعد ذلك صوت إطلاق الرصاص".
شاهد آخر يدعى جون روز يروي تفاصيل الحادث: "شاهدت رجلاً يمشي داخل الفندق حاملاً بندقية آلية، ثم أطلق النار على جميع الغرف وذهب إلى كل غرفة بحثاً عن شخص ما وأطلق عليهم النار جميعاً، ثم رأيناه يجري مسرعاً، ويقفز في سيارته من طراز تويوتا".
ونقلت "شبكة أخبار الإقليم الشمالي Northern Territory News" عن إحدى الشاهدات" قولها إنها كانت على الهاتف مع الشرطة حين شاهدت المسلح يفر من مكان الحادث، وقالت لهم إنه ذهب يميناً نحو الحدائق.
أما ماثيو جيمس، أحد سكان مدينة داروين، فيقول لبرنامج "Nine’s Today" إنه كان يقف في موقف سيارات فندق بالمز، وفجأة سمع صوت الطلقات النارية، وبعد لحظات جاء شخص ما يركض حاملا سيدة كانت مغطاة بالدم ووضعها أرضاً، وهي تصرخ بأنها تعرضت لإطلاق النار من قبل مسلح كان يتنقل من غرفة إلى أخرى.
ويبدو أن المسلح لم يكتف بإطلاق نار في مكان واحد، إذ انتقل من فندق بالمز متجهاً إلى موقع آخر في شارع جولي في ضاحية وولنر المجاورة، يقول جوني ريد، أحد شهود العيان، كنت أشاهد التلفاز في موقع عملي في نحو الساعة 6 مساء حين تعرض باب الوحدة التي أجلس بها للاقتحام من قبل رجل كان يحمل بندقية، بحسب ما ذكرته تقارير NT News.
ويضيف ريد: "نظر إليّ المسلح بشكل حاد، ونظرت إليه وفكرت وقلت إنها النهاية، واعتقدت أنني ميت بالتأكيد، وسألته عما يريد يفعله، لكنه ذهب خلفي وأطلق النار على زميلي".
كريس دالجليش، كان يجلس في شرفة حانة فندق فرونتير عبر الطريق من فندق بالمز، يقول لوكالة أسوشيتيد برس الأسترالية: كان الناس يهرولون داخل الفندق حين أدركوا أن هناك شخصاً ما يطلق النار، وبدأ الجميع في القفز، ثم أغلقوا الأبواب والنوافذ وذهبوا إلى الركن الخلفي من الفندق.
وكانت شرطة الإقليم الشمالي أعلنت اعتقال المسلح أثناء محاولة اقتحام مقرها فيما يبدو، وقال ريس كيرشو مفوض الشرطة، الثلاثاء، إنها ربما كانت محاولة لتسليم نفسه، لافتاً إلى أن الهجوم لم يكن إرهابيا وإن إطلاق النار يعتبر تصرفا فرديا، إذ إن المسلح شخص معروف جيداً للشرطة ولديه سجل جنائي سابق، وربما كان له صلات بعصابات الدراجات النارية، وأطلق سراحه في يناير الماضي وكان يرتدي سوار مراقبة إلكترونيا.
وكانت التقارير الأولى للحادث أسفرت عن إقدام رجل على إطلاق أعيرة نارية في فندق Palms Motel خارج مركز مدينة داروين في الساعة الخامسة والنصف مساء، أسفر عن مقتل رجل في الفندق قبل وقوع 3 حالات وفاة أخرى في نادي بوف، وحدائق هيل كريسنت، وشارع جولي في ضاحية وولنر.
وبسبب هذا الحادث المأساوي تعاني أستراليا أسوأ أعمال عنف وقعت منذ عقود، بعد أن كانت تعتقد أنها حلت هذه القضية.
وحسب ما ذكرته شبكة "CNN" الأمريكية، لطالما اعتُبرت أستراليا نموذجاً للولايات المتحدة بشأن مكافحة الأسلحة لفعالية ردها على مذبحة بورت آرثر 1996، التي تعد الأسوأ في تاريخها. حين أقدم شخص مسلح يدعى مارتن براينت على قتل 35 شخصا وإصابة 19 آخرين في مذبحة ارتكبها بلا هوادة دون ذكر سبب محدد دفعه للقيام بها.
وأدت مذبحة "بورت آرثر" إلى إصلاح جذري لقوانين أستراليا المتعلقة بالأسلحة، فمنذ ذلك الحادث المروع تم حظر البنادق، وشددت التراخيص، وجمع ودمر أكثر من مليون سلاح ناري، وسلمت عشرات الآلاف من الأسلحة النارية الأخرى.
وفي السنوات التي تلت الإصلاح انخفض خطر الموت بعيار ناري في أستراليا بأكثر من 50%، كما انخفض معدل الانتحار بالأسلحة النارية، الإصلاحات التي أوضحت ندرة وصدمة هجوم الثلاثاء على مدى فعالية قوانين أستراليا في منع إطلاق النار الجماعي.
وعلى الرغم من النجاح الواضح للإصلاحات الأسترالية كان هناك ضغط متزايد في الأشهر الأخيرة لتخفيف قوانين السلاح الصارمة في البلاد، خصوصاً من الأحزاب اليمينية والسياسيين المتطرفين.