قصة "دافوس".. 5 عقود من حمل هموم السياسة على قلب "رجل واحد"
خمسة عقود ومنتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا، وجهة لرجال الأعمال والسياسة، مثقل بهموم العالم، ومنصة لتبادل الرؤى والبحث عن حلول.
هذا هو دافوس الذي عاد بعد عامين من التوقف، بسبب جائحة كورونا ليعقد حضوريا، وتتوافد إليه مئات الشخصيات السياسية والاقتصادية، من كافة أنحاء العالم، ويعود من جديد إلى سيرته الأولى.
فما هي قصة "دافوس"، وكيف جمع بين رجال الاقتصاد والسياسة، على مر العقود الماضية، وأصبح مأوى أفئدة القادة والمسؤولين وأصحاب الشركات، حول العالم؟.
تعرض "العين الإخبارية"، نشأة المنتدى الاقتصادي، ومحطات تحوله إلى شكله الحالي في هذا التقرير.
يعود الفضل في فكرة "دافوس"، إلى رجل الأعمال الألماني البروفيسور كلاوس شواب، الذي أسس عام 1971، ملتقى اقتصاديا، يهدف إلى تشجيع التجارة والاستثمارات، وأطلق عليه حينها اسم "منتدى الإدارة الأوروبي"، وهو مؤسسة غير ربحية مقرها في جنيف السويسرية.
لم يكن شواب وزجته التي عملت معه على تطوير الملتقى يتوقع أن يكون هذا الملتقى المحلي نسبيا، وجهة عالمية بعد سنوات قليلة؛ إذ اشتهر المنتدى عالميا وشق العديد من رجال الأعمال والحكومة وقادة المجتمع المدني طريقهم إلى جبال الألب المرتفعة للنظر في القضايا العالمية الرئيسية في الوقت الحالي، وطرح الأفكار حول الحلول لمواجهة التحديات.
لكن دقة تنظيم الملتقى ونوعية المشاركين، والأفكار المطروحة، التي رتب لها رجل الأعمال والأكاديمي الألماني، جذبت قادة الأعمال من أوروبا وخارجها، ليتوسع الطموح إلى تأسيس "دافوس"، في منتجع سويسري هادئ، كمنتدى اقتصادي سنوي يجذب أنظار العالم من كل القارات.
فتح باب السياسة
رغم أن فكرة المنتدى المحضة اقتصادية إلا أن أحداثا تاريخية فرضت نفسها على "دافوس" في بداية السبعينات؛ فتمت دعوة القادة السياسيين لأول مرة إلى دافوس في يناير/كانون الثاني عام 1974.
وكان عام 1987 فارقا في تحول "دافوس" إلى منتدى اقتصادي عالمي، توسعت رؤيته لتشمل توفير منصة للحوار، نوقشت فيها قضايا سياسية شائكة، والتقى فيها وجها لوجه، قادة سياسيون بارزون، وضعوا حدا لخلافاتهم الشائكة.
عام 1988 شهد "دافوس" إعلان صلح شهير بين اليونان وتركيا، جعلهما يتراجعان عن حافة الحرب، وفي العام الموالي، عقدت كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية أول اجتماعاتهما على المستوى الوزاري في دافوس.
دافوس نفسه شهد في هذا العام لقاء تاريخيا بين رئيس وزراء ألمانيا الشرقية هانز مودرو، والمستشار الألماني هيلموت كول، لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا.
وفي عام 1992 التقى، دي كليرك، آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقي، بالزعيم التاريخي المكافح للفصل العنصري نيلسون مانديلا وملك الزولو مانجوسوثو بوثيليزي، في أول ظهور مشترك لهذا الثلاثي خارج البلاد، ما كان له دور بارز في طيّ صفحة ما يسمى "لا بارتايد" في البلد الأفريقي.
لكن كل هذا التأثير في السياسة، لم يكن كافيا، فلم يعترف بـ"دافوس"، رسميًا كمنظمة دولية، إلا في عام 2015، وبعدها واصل المنتدى استقطاب قادة بارزين لدول من مختلف أنحاء العالم، وعقد حوارات ساخنة، إضافة إلى دوره الاقتصادي كمنصة للتعاون بين القطاعين العام والخاص.
منصة شاملة
يقول القائمون على المنتدى إنه منصة لـ"تبادل الأفكار حول الحلول لمواجهة التحديات العالمية، ولتعزيز السلام والمصالحة في أجزاء كثيرة من العالم، وتعزيز التفاهم بين الشرق والغرب، وإدخال الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند إلى المجتمع الدولي، وبحث أحدث الاتجاهات والتطورات في كل مجال من تكنولوجيا المعلومات إلى الأمن العالمي، ومن الهندسة المعمارية إلى العمل الخيري".
ويفتخر مؤسسو "دافوس"، بأن الشيء الوحيد الذي لم يتغير فيه منذ بدايته هو "التفاني في التعاون بين أصحاب المصلحة، والالتزام الثابت بالمشاركة رفيعة المستوى للقادة الذين يتشاركون في الاجتماع السنوي وفق الاحترام المتبادل والكياسة لمد جسر لوقف الانقسامات، وتقديم حلول قابلة للتنفيذ للتحديات العالمية".
تطور منتدى "دافوس" العالمي، وتغير قادة العالم، وتبدل رجال الأعمال، رحل كثيرون، وتقاعد آخرون من الحياة السياسية والنشاط الاقتصادي، وظل صاحب الفكرة، البروفيسور كلاوس شواب واقفا على رجليه، يصافح ويستقبل المشاركين في الاجتماع السنوي.
aXA6IDMuMTYuNjkuMjQzIA== جزيرة ام اند امز