طفل أصم وأبكم في جبهات الحوثي.. توحش تجاوز الحدود
لا وجود لخطوط حمراء تكبح جماح مليشيات الحوثي حين يتعلق الأمر بالزج بأطفال اليمن في أتون محارق الموت التي تشعلها في مختلف المناطق.
فالهم الوحيد الذي يشغل بال هذه المليشيات الإرهابية هو تجنيد كل من يستطيع أن يحمل السلاح، سواءً كان شيخًا أو طفلا، أو حتى المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولا تأبه المليشيات بحقوق الفئات المجتمعية، بما فيهم أصحاب الهمم ممن منعتهم إعاقتهم عن ممارسة الحياة بشكل طبيعي، ناهيك عن القتال وحمل السلاح والتنقل بين الجبهات.
آخر جرائم مليشيات الحوثي وفضائحهم التي اكتشفت مؤخرًا، واقعة تجنيد طفلٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم)، ينتمي لمحافظة المحويت (غرب صنعاء بنحو 111 كم)، والزج به في محارق الجبهات والتسبب بمقتله في نهاية المطاف.
محارق الموت
الطفل الضحية (أ. ع. م. ع) (16 عاما) من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو من مواليد مدينة المحويت عام 2005، تم تجنيده أواخر العام 2016 من قبل قادة حوثيين مسؤولين عن مهمةٍ تُعرف بـ"التجنيد والتحشيد"، فيما يشبه "مسيرة الموت الحوثية".
القياديان الحوثيان إبراهيم عامر، ومحمد رزق، مارسا دور الشيطان على الطفل الأصم وعائلته، مستغلين عوز الأسرة وفقرها، وأغروهم بحفنةٍ من المال ومواد غذائية لإرغام الطفل المعاق على حمل السلاح.
بحسب تحقيقات اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان باليمن، والتي طالعتها "العين الإخبارية"، فقد انقاد الطفل المعاق مُكرهًا بفقره وعوزه، وخضع من قبل مليشيات الحوثي لتدريبٍ عسكري في صنعاء، رغم أنه أصم وأبكم، وأُرسل مباشرةً إلى خطوط النار، متنقلًا ما بين جبهات نهم والجوف ومأرب والساحل الغربي بالحديدة وشبوة.
وفي عام 2018 أصيب الضحية في قدمه بطلقة نارية في جبهة الساحل الغربي، ولم تشفع حالته تلك لدى الحوثيين لإعادته إلى أسرته، بل واصلوا الزج بالصغير في أشرس جبهات القتال بمحافظة مأرب، ليُصاب في سبتمبر/أيلول عام 2021 بشظية في رأسه.
أفعال مجرمة دوليا
وشاء القدر أن يتعافى الطفل من إصابته، غير أن الحوثيين شاءوا أن يعود الطفل المعاق إلى جبهة القتال، وهذه المرة بمديرية عين في محافظة شبوة، ليُقتل هناك بداية العام الجاري، وتتحمل مليشيات الحوثي وزر مقتله.
تعليقًا على جريمة الحوثي هذه والجرائم المماثلة التي ما فتئت تمارسها بحق اليمنيين، يرى الحقوقي والمحامي هادي وردان أن هذه الممارسات ليست بغريبة على مليشيات الحوثي.
وردان تحدث لـ"العين الإخبارية" مستشهدًا بوجود حالات كثيرة سبقت هذه الحالة، إلا أنها لم تعطَ حقها الكافي من الجانب الإعلامي، وتسليط الأضواء عليها.
أما قانونيًا، فيؤكد الحقوقي اليمني أن جميع النصوص القانونية تجرم وتحرم مثل هذه الأفعال وتنبذها، كونها تعمل وفق أسلوب الإكراه والإجبار على حالات لا تعي إلى أين تمضي ولا تدرك نتائج ما هي مقدمة عليه، لذلك تصبح ضحية.
وأشار وردان إلى أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تتوافق مع الدستور والقانون اليمني، باعتبار اليمن جزءًا من الأسرة الدولية، وجميعها تنص على عدم إلزامية التجنيد عمومًا، عدا الحالات التي يتطلبها القانون، وهذه الحالات مقيدة بأوضاع معينة.
وأضاف أن القانون والدستور اليمني ألزم بتقديم الرعاية التامة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالمرضى والمعاقين والمسنين وغيرهم، وألزم بتنفيذ الرعاية في أوقات السلم أو الحرب باعتبارها حالات إنسانية يجب أن تعطى كامل الاهتمام.
وأكد وردان في حديثه مع "العين الإخبارية" أن الحوثيين ضربوا بكل ذلك عرض الحائط، وبدلًا من رعاية المعاقين وذوي الاحتياجات والفئات الأشد ضعفًا، قاموا بإلحاق الضرر بهم وتقديمهم وقودًا للحرب.
عسكرة الحياة
واعتبر الحقوقي اليمني أن الحوثيين يتعاملون مع الإنسان في اليمن كآلة، يجب استعماله وتقديمه للحروب، دون النظر إلى الحالة المرضية لهذا الإنسان، أو العوائق التي قد تمنعه.
وأكد أن المليشيات كلما رأت شخصًا يتحرك على قدميه تدفع به للجبهات، فتسببت بعسكرة الحياة وحولتها إلى حياة حرب ومعركة دائمة، وكل شيء أمامها صالح للتجنيد ويجب أن يقدم للجبهات؛ مجندة الأطفال دون سن 15 عاما وقد قتل الآلاف منهم، والعالم ينظر إلى هذه المآسي.
وأضاف: "يؤلمنا صمت العالم الذي لم يسمِ ولم يوجه الاتهامات للمليشيات التي لم تترك حتى كبار السن وزجت بهم إلى الحرب، حتى أن المهاجرين الأفارقة الفارين من الجوع والفقر والحروب كي يعيشوا بسلام، لم يسلموا من استغلال الحوثيين، وأرغموهم على الالتحاق بالحروب وقُتل منهم الكثير".
وواصل: "فما بالنا بالحالات اليمنية النوعية والمرضية من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، والتي تتحمل مسئولية الجرم الأكبر فيها مليشيات الحوثي، مجسدةً جريمةً لا تسقط بالتقادم".
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز