لا شك، يا أحبائي، إن الكل سيرحل والكل فانٍ ولا دائم غير الله عز وجل، ولكن ليس كل من يرحل يترك بصمة في مجتمعه وعلامة في قلوب الناس.
وأنا هنا أعزي نفسي وكل أبناء الإمارات العربية المتحدة الحبيبة في وفاة من ترك في مجتمعنا بصمة طيبة لم ولن ننساها، ومن ترك في قلوبنا جميعًا علامة بمحبته وإخلاصه وتفانيه؛ الشيخ طحنون بن محمد بن خليفة آل نهيان.
وحقيقة الأمر، لا يوجد كلام يوفي حق ذلك الرجل الشهم ودماثة أخلاقه، ولكني أكتب هذه الكلمات لعلها تفي جزءًا من حقه علينا بعد رحيله إلى دار الآخرة، وكي تعلم الأجيال الجديدة السيرة العطرة لرجل كان ونعم الرجال ومن خيرة رجال الإمارات العربية المتحدة.
فكان الشيخ طحنون، رحمه الله، رفيق كفاح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، طيب الله ثراه، ومن القلائل الذين كان لهم شرف مرافقة الوالد المؤسس، فتعلم الشيخ طحنون رحمه الله الكثير من الشيخ زايد.
وكان الشيخ طحنون من أبرز العاملين مع الشيخ زايد على المشروع الاتحادي العظيم الذي توج في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971 بإعلان دولة الاتحاد، كي تبدأ بعدها دولة الإمارات العربية المتحدة مسيرة جديدة على يد أكتاف رجال مخلصين أشداء بعزيمة نادرة.
وبعدها تولى الشيخ طحنون مناصب ومهام كثيرة أبرزها تعيينه عضوًا في مجلس إدارة صندوق أبوظبي للإنماء والاقتصاد العربي (صندوق أبوظبي للتنمية حاليًا) عام 1972، ورئاسة شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) عام 1973، ثم رئيسًا لدائرة البلدية والزراعة في العين عام 1974، ثم عضوًا في مجلس إدارة جهاز أبوظبي للاستثمار عام 1976، وجُددت عضويته في عام 1980، ثم أصبح نائبًا لرئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي ورئيسًا لدائرة الزراعة والبلديات في العين عام 1977، ثم عضوًا في المجلس الأعلى للبترول عام 1988، وغيرها من المناصب الهامة، وفي عام 2018، أُطلق اسمه على الطريق الرابط بين إمارة العين وإمارة دبي.
هذا وقد نعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، عمه ورفيق درب والده، قائلًا: "بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عمه المغفور له الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، الذي انتقل إلى جوار ربه اليوم".
كما أعلن ديوان الرئاسة الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام لمدة سبعة أيام، كي تنعى الإمارات قيادة وشعبًا عقيد القوم وفقيد الأمة ورفيق درب جيل الكفاح والصمود والطموح، فوداعًا سيدي ورفيق درب الشيخ زايد طيب الله ثراه، سيدي الشيخ طحنون بن محمد بن خليفة آل نهيان، رحمة الله عليكم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة