صندوق النقد يعيد النظر في سياسة الرسوم الإضافية.. كيف تستفيد مصر؟
من المقرر أن يجتمع صندوق النقد الدولي خلال الأسبوع المقبل لإعادة النظر في سياسة الرسوم الإضافية التي يفرضها على الدول الأكثر استدانة.
وتطالب غالبية الدول، بما في ذلك مصر، بخفض هذه الرسوم بعد أن أصبحت تمثل أعباء غير مبررة.
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خطاب، إنه من المحتمل أن يُقدم صندوق النقد على خفض هذه الرسوم أو شطب جزءاً منها نظراً لعدة أسباب، منها توجه البنوك المركزية الكبرى لرفع أسعار الفائدة وارتفاع خطر زيادة أعباء الديون عالميًا. هذه التحركات تتطلب تدخلاً علاجيًا من الصندوق وفقاً لتعهداته السابقة بإصلاح النظام المالي العالمي.
المجلس التنفيذي للصندوق، الذي يتكوّن من ممثلين عن 190 دولة، بدأ دراسة الخيارات المتاحة لمعالجة ملف الرسوم الإضافية التي يفرضها على بعض الدول التي تقترض أكثر من حصتها لديه أو تستغرق وقتًا أطول لسداد ديونها. وفي أبريل/نيسان الماضي، أشار الصندوق إلى تغيرات محتملة في سياسة الرسوم لصالح الدول الأكثر استدانة، والتي تتطلب موافقة 70% من أصوات مجلس الصندوق.
خلال الفترة من 2020 إلى 2023، دفعت الدول المثقلة بالديون لصالح صندوق النقد رسومًا إضافية بقيمة تزامنت مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا.
تظهر دراسة نشرت في أبريل/نيسان الماضي أن الرسوم الإضافية تشكل 50% من إجمالي إيرادات الصندوق في عام 2023، وزاد عدد الدول التي تدفع هذه الرسوم إلى 22 دولة مقارنة بـ8 دول فقط في عام 2019. كما ارتفع معدل الرسوم إلى أكثر من 8%.
- مصر.. تراجع التضخم الأساسي في يونيو إلى 26.6% على أساس سنوي
- «سامسونغ» تواجه إضرابا تاريخيا.. أزمة حادة وتهديدات بـ«الندم والركوع»
بالنسبة لمصر، فإنها تعتبر ثالث أكبر الدول المدينة لصندوق النقد بعد الأرجنتين وأوكرانيا بديون تبلغ حوالي 10.29 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي. ومصر تأتي في المركز الثالث أيضًا بين الدول المثقلة بأعباء الرسوم الإضافية. من المتوقع أن تدفع مصر، جنبًا إلى جنب مع الأرجنتين وأوكرانيا والإكوادور وأنغولا، رسومًا إضافية بقيمة 6.1 مليار دولار خلال الفترة من 2024 إلى 2028، وهذا يمثل نحو 39% من دخل الصندوق من هذه الرسوم.
حصة مصر من هذا المبلغ تقدر بحوالي 370 مليون دولار، ويضاف إلى هذا الرقم حوالي 1.6 مليار دولار كفوائد مرتبطة بالقروض التي حصلت عليها من الصندوق.
وفقًا للخبير الاقتصادي أحمد خطاب، فإن الدول التي تشكل الحصة الأكبر في ميزانية الصندوق وحقوق التصويت تظهر اهتمامًا بمصر وتسعى لدعم اقتصادها بشتى الطرق، نظرًا لعدة أسباب منها الأهمية الاستراتيجية لموقع مصر في الشرق الأوسط وزيادة التوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى دور مصر في قضايا الهجرة غير الشرعية التي تهم الدول الأوروبية نظرًا لموقعها المطل على البحر المتوسط.
لا يمكن استبعاد أن يكون السبب الرئيسي وراء تأجيل موعد اجتماع مجلس الصندوق الخاص بمناقشة صرف الشريحة الثالثة من القرض الممنوح لمصر من 10 إلى 29 يوليو/تموز الجاري، هو رغبة الصندوق في استفادة القاهرة من القرار المتوقع بشأن الرسوم الإضافية.
قد يقدم الصندوق على خفض أو شطب هذه الرسوم تماما لتقديم مزيد من الدعم للقاهرة وسط التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي. وتم رفع قيمة القرض الممنوحة لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار بناءً على التزام مصر بشروط برنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما أبدت مصر التزاماً قوياً بشروط البرنامج، ومن غير المرجح أن يكون تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة بسبب تأخر زيادة أسعار البنزين والسولار. وفي هذا السياق، تراعي الحكومة اختيار التوقيت المناسب لزيادة المحروقات أو الكهرباء وفقًا لأبعاد أخرى غير شروط الصندوق، أهمها البعد الاجتماعي.
- أكبر 10 دول منتجة للأرز.. الصين في الصدارة بـ149 مليون طن
- «مصدر»: الموافقة على تطوير مشروع «دوغر بانك ساوث» لطاقة الرياح ببريطانيا
الصندوق يحرص حاليًا على دعم الاقتصاد المصري في ظل استمرار التحديات الناجمة عن حرب غزة وزيادة أعداد اللاجئين في مصر نتيجة لأزمات المنطقة. وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب إن التأجيل المحتمل لصرف الشريحة الثالثة لضمان استفادة مصر من قرار مرتقب بخفض رسوم الاقتراض، وليس استبعادها من خطط الصندوق.
أكد خطاب أنه في حال تم الاتفاق على إلغاء جزء أو كل الرسوم الإضافية على ديون كبار المقترضين من الصندوق، فإن ذلك سيكون في صالح مصر، حيث سيؤدي إلى انخفاض في فاتورة أعباء ديونها الخارجية.
ويجدر بالذكر أن الصندوق فرض هذه الرسوم منذ عام 1997 على أي دولة يكون رصيدها من حساب الموارد العامة للصندوق مساويًا أو أعلى من 187.5% من حصتها، بهدف تخفيض أعباء الديون. ومع ذلك، فإن ما حدث هو العكس تمامًا، حيث زادت هذه الرسوم أعباء الديون على العديد من الدول، بما في ذلك مصر. فعلى الرغم من أن مصر وافقت في عام 2016 على برنامج للإصلاح الاقتصادي مع الصندوق وحصلت على تمويل بقيمة 12 مليار دولار، إلا أنها اليوم ثالث أكبر البلدان مديونية للصندوق، ولديها ديون خارجية بقيمة 160.6 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، مقارنة بـ 55.8 مليار دولار فقط في 2016.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي محمد عبد الرحيم أن اللجوء لصندوق النقد لا يقدم حلاً لمشاكل مصر، وأنه يشبه دورانًا في حلقة مفرغة، نظرًا لأن قروض الصندوق تستخدم بشكل دائم لسداد ديون أخرى، وأن المبالغ التي تدفعها مصر كفوائد وأقساط لصالح الصندوق تفوق بكثير ما تحصل عليه في المقابل. وأضاف أن هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات حاسمة لخفض مستويات الدين العام وتعزيز الاقتصاد الحقيقي المعتمد على القطاعات الأكثر إنتاجية وتصديرًا.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS44MiA= جزيرة ام اند امز