الليرة التركية تتراجع لمستوى تاريخي بعد قرارات "مركزي أردوغان"
قرر البنك المركزي التركي، اليوم الخميس، تخفيض معدل الفائدة الرئيسي إلى 16%، متجاوزا بذلك توقعات المحللين.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك خفض معدل الفائدة على عمليات إعادة الشراء (الريبو) لأجل أسبوع بـ 200 نقطة أساس إلى 16%، رغم التحذيرات من تداعيات الخفض على سعر صرف الليرة ومعدلات التضخم.
وكانت اللجنة خفضت الفائدة الشهر الماضي بـ100 نقطة أساس إلى 18% .
وأقال الرئيس رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي كل أعضاء لجنة السياسة المعارضين لمطلبه بخفض الفائدة، وعلى الفور هوى سعر صرف الليرة لمستوى قياسي منخفض جديد.
ونقلت وكالة "بلومبرج" للأنباء عن البنك المركزي القول إن "الزيادة الأخيرة في التضخم كانت مدفوعة بعوامل تتعلق بالإمدادات"، واصفا إياها بأنها مؤقتة.
وأشارت اللجنة إلى أن تقديراتها حتى نهاية العام هي أن "العوامل المؤقتة المتعلقة بالإمدادات تترك مجالا محدودا لتعديل نزولي للمعدل".
ووفقا لبيانات بلومبرج، فقد انخفضت الليرة بنسبة 2.9% قبل أن تقلص التراجع قليلا إلى 2.3% إلى 9.4325 ليرة لكل دولار عند الساعة الثانية و15 دقيقة من بعد ظهر اليوم بتوقيت اسطنبول.
مساوىء خطط أردوغان الاقتصادية
وعانت السياسة النقدية في تركيا من أزمات اقتصادية حادة ، كان سببها حسب بعض التقارير استمرار تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تلك السياسة النقدية.
ويرى الخبير الاقتصادي ديزموند لاشمان، أحد كبار زملاء معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة المعروف باسم معهد أمريكان انتربرايز أن أردوغان ما زال يلعب بالنار، وأنه رغم تحذيرات صندوق النقد الدولي الأكثر وضوحا بالنسبة للمخاطر الخارجية التي يمكن أن تتعرض لها تركيا، يبدو أردوغان في طريقه للتسبب في أزمة نقدية كبيرة للغاية بتمسكه بأكثر آراء السياسة الاقتصادية غرابة، وبالتدخل في إدارة البنك المركزي التركي.
وفي تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أوضح لاشمان، الذي كان نائبا سابقا لمدير إدارة تطوير ومراجعة السياسات بصندوق النقد الدولي، أنه من المؤكد أن ذلك سوف يكلف الاقتصاد التركي كثيرا سيدفع أردوغان بسببه ثمنا باهظا في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2023.
احتياطيات دولية بالسالب
وفي لهجة حادة غير معتادة، يؤكد أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن الاقتصاد التركي أن مواطن الضعف الخارجية التي كانت تعاني منها تركيا بالفعل زادت سوءا بسبب جائحة كوفيد-19. وأن ما يقلق صندوق التقد الدولي بوجه خاص هو حقيقة أن احتياطيات تركيا الدولية تقدر بالسالب الآن، وهناك احتياجات كبيرة للغاية للتمويل الخارجي نتيجة سنوات كثيرة من حالات العجز في الحسابات الجارية الخارجية.
ويقول لاشمان إنه مع توقع إمكانية قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في القريب العاجل بتقليص برنامجه الخاص بشراء السندات، أوضح صندوق النقد الدولي أن الوقت الآن غير مناسب لقيام تركيا بتجربة سياسات نقدية غير تقليدية، وأنه من الأفضل في رأي الصندوق ، أن تستعد تركيا لمواجهة مشكلة التضخم فيها، واجتذاب رأس المال الخارجي لدعم الليرة التركية من خلال رفع معدل الفائدة إلى مستوى يكون إيجابيا فيما يتعلق بظروف التضخم.
خسائر الليرة
ويشير الخبير الأمريكي إلى أنه يبدو أن تحذيرات صندوق النقد الدولي لم تحرك ساكنا لدى أردوغان. ورغم ان الليرة فقدت حوالي20% من قيمتها منذ بداية العام، يواصل أردوغان تمسكه باعتقاده الخاطىء بأن ارتفاع معدل الفائدة هو سبب ارتفاع معدل التضخم، مما دفعه إلى مواصلة حث البنك المركزي على خفض معدل الفائدة.
ويقول لاشمان إن أردوغان، وكأنه مصمم على تقويض الثقة المحلية والدولية في الاقتصاد التركي، ضغط بشدة على البنك المركزي. فقد قام خلال العامين الماضيين بعزل ثلاثة من محافظي البنك المركزي، وقام مؤخرا بتطهير البنك المركزي من أي عضو في مجلس الإدارة يميل إلى التصويت لصالح رفع معدل الفائدة. ونتيجة لذلك أصبح محافظ البنك المركزي الحالي شهاب قاوجي أوغلو، الذي يشارك أردوغان رأيه بالنسبة لمعدل الفائدة، يتمتع بمطلق الحرية في تنفيذ طلب أردوغان بالنسبة لخفض معدل الفائدة.
وفي حقيقة الأمر فإن إتباع سياسة خفض معدل الفائدة وتقويض استقلال البنك المركزي ليس بالأمر الجيد الذي يمكن عمله وسط أزمة عملة. ومن المؤكد أنه من الخطأ القيام بذلك في وقت نفدت فيه الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي، وأصبحت فيه الودائع الدولارية تشكل 60% من إجمالي ودائع البنك، ويعاني قطاع الأعمال من مشكلة سداد ديون خارجية كبيرة، جسبما يقول لاشمان.
كما يرى لاشمان أن كل هذه الأمور لا تبشر بالخير كثيرا بالنسبة لفرص أردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2023. وبالفعل فإنه في ظل ما يتردد من اتهامات بالفساد ضد أردوغان، تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي. وآخر شىء يمكن أن يتحمله أردوغان هو حدوث أزمة عملة شاملة ، من المؤكد أنها سوف تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم من معدله المرتفع بالفعل حاليا والذي بلغ حوالي 20%.
المعارضة تهاجم
وفي هذا الصدد انتقد المعارض محرم إينجه، رئيس حزب "وطن"، والمرشح الرئاسي السابق، راتب أردوغان، الذي يجري رفعه إلى أكثر من 100 ألف ليرة شهريًا بمقترح الميزانية الجديدة للعام 2022.
وتعليقًا على هذه الزيادة التي حددها مقترح الميزانية لراتب أردوغان بنسبة 14%، قال محرم إينجه في تغريدة له على حسابه بـ"تويتر" قاصدًا أردوغان "الحياة رائعة بالنسبة لك، اطبخ لنفسك وكل بنفسك".
جاء ذلك الكلام أعلى صورة نشرها إينجة لأردوغان، وضح فيها أن راتبه بعد الزيادة سيكون 100 ألف ليرة و750 ليرة، بعد أن كان 88 ألفًا في ميزانية العام 2021.
ضياع قيمة الليرة
على الصعيد نفسه هاجم أنغين أوزقوتش، النائب البرلماني عن الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، حكومة أردوغان، وذلك بسبب فقدان الليرة التركية قيمتها أمام العملات الأخرى.
وقال أوزقوتش في تغريدة عبر حسابه الرسمي بموقع "تويتر" "صباح الخير.. وآسفاه على من جعلوا الليرة التركية أكثر عملة بلا قيمة في العالم. وآسفاه على من تركوا المواطنين في الخلاء وجوعى. لعنة الله على من يأكلون الحرام. سيقوى الاقتصاد التركي تحت سلطة الشعب الجمهوري...».
كما هاجم نفس المعارض، الحكومة التركية بسبب إعفاء الشركات المقربة من الرئيس أردوغان من الضرائب، في حين أن المواطن يدفع كافة الضرائب المفروضة عليه.
وقال أوزقوتش في تغريدة أخرى له "المواطنون يعملون ويكسبون المال ومن ثم يدفعون الضرائب. حتى أن أصحاب الحد الأدنى من الأجور يدفعون الضرائب".
وأردف: عصابة أردوغان الخماسية(خمس شركات مقربة من أردوغان) التي فازت بجميع المناقصات في تركيا، تتلقى تخفيضات ضريبية 30 مرة في 10 سنوات. وتُحذف أيضًا لهم الديون الضريبية! سيتغير هذا النظام في أقرب وقت».
aXA6IDMuMTM5LjIzNC4xMjQg جزيرة ام اند امز