رحيل الموسيقار بشير عباس.. فن السودان يتشح بالسواد
غيّب الموت قيثارة الفن السوداني بشير عباس عن عمر ناهز 87 عاماً، الذي يعتبر من عمالقة الفن والموسيقى في السودان وفي العالم، تاركاً خلفه مسيرة حافلة بالإبداع.
وُلد عباس في مدينة حلفاية الملوك عام 1935، وعندما اشتد عوده تنقل في العديد من أقاليم السودان، وذلك بحكم عمل والده حيث بدأ دراسته بالكُتّاب في مدينة ود مدني .
في عام 1955 عمل موظفاً بالنقل الميكانيكي في بحري، وانتقل للعمل بالري السوداني بسنار ثم بمشروع الجزيرة بركات ثم بعد ذلك عمل برئاسة السكة حديد بالجزيرة في ود الشافعي.
التحق لعد ذلك بالعمل في الإذاعة السودانية بوظيفة سكرتير أوكسترا عام 1959.
واصل العمل بهذه الوظيفة لفترة ثم تركها ليعمل محاسباً بوزارة المالية، وهذه الوظيفة جعلت وضعه المادي أفضل، بالإضافة إلى أنها اتاحت له تسجيل مقطوعاته الموسيقية في الإذاعة، لأنه سابقاً كان لا يستطيع تسجيل أي مقطوعة بالرغم من أنه المسؤول عن التسجيل خوفاً من كلام الناس.
وفي عام 1967 تم تعيين الموسيقار برعي محمد دفع الله رئيساً لقسم الموسيقى بالإذاعة السودانية وعيّن مكي سيد أحمد نائباً له، ولاحقاً تم ابتعاث مكي سيد أحمد لبلغاريا فطلب من برعي محمد دفع الله أن يختار نائباً له في القسم فاختار بشير عباس.
وفي عام 1972 عمل بهئية الطيران واستمر به حتى عام 1988، وفي عام 1989 هاجر للعمل بدولة الإمارات ومنها شد الرحال إلى كندا في عام 1996 .
لاحظ والده اهتمامات ابنه بشير وولعه وشغفه بالموسيقى منذ الصغر فقام بإهدائه (ناي من الأبنوس) عندما أكمل مرحلة الكُتاب وتهيأ للدراسة بمدرسة مدني الأهلية الوسطى.
تعلّم بعد ذلك بشير عباس أسرار عزف العود على يد ابنة عمه أسماء حمزة، وهي أول ملحنة سودانية وإلى الآن لا زال يحتفظ بذلك العود والذي كان هدية من الجنرال عبدالرحيم محمد خير والذي يرتبط بصداقة مع أعمامه.
شقّ بشير عباس طريقه الفني بالتأليف الموسيقي وتأثر في ذلك بالموسيقار برعي محمد دفع الله، وكانت أول مقطوعاته الموسيقية هي "شروق" عام 1955 وتلاها بمقطوعات مثل "أمي" و"بامبو سنار".
استتبع ذلك بأول لحن غنائي له وهو لحن أغنية "أشوفك في عيني" للفنان عبد العزيز محمد داوود عام 1960، وتلاها أغنيات "يا سهارى" للفنان محمد حسنين، ثم "الشال قلبي وسلا" لثنائي الجزيرة، و"عشت يا سوداني وسفري"، و"المقرن في الصباح"، و"لاقيته باسم زهر المواسم" و"قريبة وبعيدة".
ونعى فنانون وموسيقيون زميلهم الراحل الذي يعد من الأسماء البارزة في الساحة الفنية السودانية.
وقال الصحفي السوداني المختص بالشأن الفني صلاح مصطفى أن بشير عباس من أبرز رواد المدرسة السودانية في الموسيقى، خاصة في العزف على آلة العود، وهي الآلة المحببة لكثير من السودانيين، لاسيما جيل الستينيات والسبعينيات ولحد ما جيل الثمانينيات.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "يضفي بشير على عزفه وألحانه روحاً سودانية لا يمكن وصفها لكن من السهولة تذوقها عند السماع وهو من أمهر العازفين على آلة العود وأعطاها حيوية باذخة ومكانة عالية في الأوركسترا" .
وتابع: "لحّن بشير عباس عشرات الأغنيات لفناني الصف الأول، لكنه اشتهر بتجربته مع البلابل (هادية وأمال وحياة) وقد أنتجت هذه التجربة عشرات الأغنيات المميزة والتي شكّلت وجدان أكثر من جيل في حياتنا".
أما رفيقه الموسيقار، أنس العاقب قال: "حزين بمعنى الكلمة ونحن نودع علماً من أعلام الثقافة السودانية عموماً وحركة الغناء والموسيقي على وجه الخصوص".
وأضاف أنس لـ"العين الإخبارية": "غادرنا إلى دار الخلود أستاذنا وشيخنا الفنان الكبير والعازف والملحن والإنسان بشير عباس".
وأضاف: "أجد صعوبة في أن أتحدث رغم حزني الشديد وفقد هذا الرجل العظيم".
aXA6IDMuMTQxLjQyLjQxIA== جزيرة ام اند امز