ترحيل جماعي للمهاجرين ببريطانيا.. حزب المحافظين يستنسخ تجربة ترامب

في تصعيد واضح لخطاب حزب المحافظين البريطاني حول الهجرة، أعلنت زعيمة الحزب كيمي بادينوك عن خطة جديدة وصفتها بأنها "الأكثر صرامة في تاريخ بريطانيا الحديث"، تهدف إلى إنشاء قوة خاصة لترحيل مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين.
جاء الإعلان عشية مؤتمر المحافظين السنوي في مدينة مانشستر، حيث تسعى بادينوك إلى إعادة إحياء آمال حزبها المتداعية في استطلاعات الرأي، وسط صعود متسارع لحزب "الإصلاح البريطاني" بقيادة نايجل فاراغ، الذي يتقدم بفارق كبير في نوايا التصويت، مستفيداً من الغضب الشعبي المتزايد تجاه أزمة الهجرة غير النظامية، بحسب صحيفة ديلي ميل.
الخطة، التي أطلق عليها الحزب اسم "خطة الحدود البريطانية الجديدة"، تتألف من 7 نقاط رئيسية، وتستند إلى ما تسميه بادينوك "الحرية القانونية الجديدة" التي سيتيحها الانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، وهو قرار أعلنت عنه الحكومة المحافظة المقترحة بعد جدل داخلي طويل.
وتعهدت بادينوك بإنشاء وحدة تنفيذية جديدة تُعرف باسم "قوة الترحيل" (Removals Force)، مستوحاة من خطة وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، لتتولى ملاحقة وترحيل أكثر من 750 ألف مهاجر غير شرعي خلال فترة برلمانية واحدة.
وستحل هذه القوة محل فرق إنفاذ قوانين الهجرة التابعة لوزارة الداخلية، مع مضاعفة ميزانيتها إلى 1.6 مليار جنيه إسترليني، ورفع عدد المرحّلين سنوياً من 34 ألفاً إلى 150 ألفاً.
ويأتي هذا التحول عقب سلسلة إخفاقات حكومية متتالية في احتواء تدفق المهاجرين عبر القنال الإنجليزي، وسط انتقادات حادة لضعف إجراءات الرقابة الحدودية، وارتفاع تكاليف إيواء طالبي اللجوء، التي بلغت نحو 4.76 مليار جنيه سنوياً وفق تقديرات رسمية.
تعديلات قانونية واسعة وإلغاء قانون حقوق الإنسان
تتضمن الخطة كذلك إلغاء قانون حقوق الإنسان البريطاني، وإلغاء المساعدات القانونية للمهاجرين غير الشرعيين، وإنهاء مراجعات القضاء الإداري في قضايا الترحيل، إلى جانب حظر تقديم طلبات اللجوء لمن دخلوا البلاد بطرق غير نظامية.
كما تنص على تعديل قانون العبودية الحديثة لمنع استخدامه كوسيلة قانونية لتعطيل أو تأجيل قرارات الترحيل، مع التشديد في الوقت نفسه على استمرار حماية ضحايا الاتجار بالبشر وملاحقة المتاجرين.
وتعتزم بادينوك إعادة تعريف مفهوم "اللاجئ" بحيث يصبح البرلمان هو الجهة المخوّلة بتفسير بنود اتفاقية اللاجئين الدولية بدلاً من المحاكم، في خطوة تهدف إلى تقليص سلطة القضاء في تعطيل قرارات الحكومة التنفيذية.
كما ستُفرض قيود على التأشيرات والمساعدات الموجهة للدول التي ترفض استعادة رعاياها المرحّلين، في سياسة مستوحاة من الإجراءات الأمريكية تجاه دول أميركا اللاتينية.
وسخرت بادينوك من سياسات حزب العمال، قائلة إنهم "يقدمون شعارات خاوية مثل (ألف يدخلون وألف يخرجون) دون رؤية واقعية»، كما اتهمت حزب الإصلاح "بإطلاق تصريحات صاخبة تفتقر لأي خطة تنفيذية جادة".
اتهامات بالاستنساخ والانعزال
ورغم نفي حزب المحافظين أن تكون الخطة استنساخاً لنهج نايجل فاراغ، فإن تشابهها الواضح مع سياسات حزب الإصلاح دفع مراقبين إلى اعتبارها "محاولة استباقية لوقف نزيف الأصوات اليمينية" المتجهة نحو حزب فاراغ.
ورغم ترحيب بعض نواب المحافظين بالخطة باعتبارها "إعلان استعادة السيادة»، حذّر البعض الآخر من أن الانسحاب من الاتفاقيات الأوروبية قد يفتح مواجهة قانونية ودبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، وربما يؤدي إلى عزلة تشريعية غير مسبوقة لبريطانيا في القارة العجوز.