السعودية قبلة سياسية ودينية في "دبلوماسية العشر الأواخر"
يتوالى توافد قادة العديد من دول العالم على السعودية خلال العشر الأواخر من رمضان لأداء مناسك العمرة التي تكون فرصة لعقد لقاءات مع المسؤولين.
وتتحول السعودية، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، إلى وجهة دينية وسياسية يقصدها المسلمون من جميع أصقاع الأرض لأداء العمرة والاعتكاف، فيما يعتبرها الساسة والقادة فرصة لأداء الشعيرة وزيارة المسجد النبوي ولقاء القيادة السعودية.
واعتادت القيادة السعودية قضاء العشر الأواخر من رمضان قرب بيت الله الحرام إما في مكة المكرمة أو مدينة جدة، حتى أضحت استقبالاتهم للقادة والزعماء خلال تلك الفترة تُسمى "دبلوماسية العشر الأواخر".
أحدت تلك اللقاءات، جرت الأربعاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ورئيس المجلس العسكري الانتقالي في جمهورية تشاد محمد إدريس ديبي.
يأتي اللقاء بعد أيام من إجراء ولي العهد السعودي مباحثات مع الرئيس السنغالي ماكي سال، الجمعة.
يأتي هذا فيما أدى مناسك العمرة خلال الأيام القليلة الماضية، كلا من عثمان غزالي رئيس جمهورية القمُر المتحدة، والحسن واتارا رئيس جمهورية كوت دي فوار.
ويتواصل توافد المزيد من القادة تباعا إلى السعودية، حيث يرتقب وصول كلا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان محمد شهباز شريف.
ويعتزم الرئيس التركي زيارة السعودية، غدا الخميس، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز.
وبحسب ما نقلته رويترز عن مصدرين وصفتهما بـ"مطلعين" فإن أردوغان سيجتمع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للمملكة.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عاصم افتخار بأن رئيس الوزراء محمد شهباز شريف سيزور السعودية خلال الأسبوع الجاري، في أول زيارة خارجية له منذ تعيينه رئيساً للوزراء في 11 أبريل/ نيسان الجاري.
لقاءات ومباحثات
والتقى الأمير محمد بن سلمان، الأربعاء، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في جمهورية تشاد محمد إدريس ديبي.
وقالت وكالة الأنباء السعودية إنه جرى خلال اللقاء، استعراض أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأكد السفير السعودي لدى تشاد عامر بن علي الشهري، أهمية زيارة رئيس المجلس العسكري الانتقالي لجمهورية تشاد إلى المملكة في تعزيز وتوطيد العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين التي تمتد لأكثر من خمسين عاماً.
وأضاف أن "هذه الزيارة دليل على متانة العلاقات بين البلدين، التي تميّزت منذ بدايتها بالاحترام المتبادل والتقدير الكبير"، مبينًا أن ذلك ظهر من خلال التعاون المشترك وتبادل الدعم السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية وعلى الصُّعد كافة.
ولفت السفير الانتباه إلى الاهتمام الذي تحظى به تشاد من الحكومة السعودية، الذي انعكس عبر الدعم الاقتصادي والمشروعات التنموية التي مولتها المملكة عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بأكثر من (424 مليون ريال)، وكذلك المساعدات التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بقيمة (17.5 مليون ريال)، إضافة للمنح الدراسية للطلاب التشاديين في الجامعات السعودية.
وقبل أيام، أجرى ولي العهد السعودي مباحثات مع الرئيس السنغالي ماكي سال ، الجمعة، جرى خلالها استعراض أوجه العلاقات بين البلدين، ومجالات التعاون الثنائي وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف الجوانب، بالإضافة إلى بحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
عمرة وزيارة
وفي اليوم نفسه، أدى رئيس السنغال مناسك العمرة.
كما أدى مناسك العمرة أمس الثلاثاء، كلا من الحسن واتارا رئيس جمهورية كوت دي فوار والرئيس عثمان غزالي رئيس جمهورية القمُر المتحدة.
وإضافة لأداء العمرة زار القادة الثلاث المسجد النبوي في المدينة المنورة، حيث يحرص قادة الدول الذين يتوافدون على السعودية خلال العشر الأواخر من رمضان على تلك الزيارة.
تعزيز التضامن
وتلعب "دبلوماسية العشر الأواخر" دورا هاما في مناقشة قضايا الأمتين الإسلامية والعربية، وحل مشاكلها، وتعزيز التضامن بين دولها.
ولعل أبرز نتائج دبلوماسية العشر الأواخر، هو إعلان "ميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي" الذي صدر في ختام "قمة التضامن الإسلامي" الاستثنائية التي عقدت في مكة المكرمة يومي 14 و15 أغسطس/آب 2012 (26 - 27 رمضان) بمشاركة ملوك ورؤساء 57 دولة إسلامية أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.
أيضا من أبرز نتائج "دبلوماسية العشر الأواخر"، توقيع معاهدة الصلح بين أطراف القيادات الدينية العراقية (سنة وشيعة) في أكتوبر 2006 خلال لقاء تركز على محاولة جمع شتات القيادات لتوحيد الصف ونبذ الخلافات الطائفية والسياسية.
ووقع علماء عراقيون من السنة والشيعة على وثيقة مكة التي تؤكد على حرمة إراقة الدم العراقي، وتضمنت 10 نقاط رئيسية من بينها تحريم تكفير المسلمين، والابتعاد عن استهداف المساجد، والعمل على تعزيز المصالحة الوطنية في العراق.
كما استضافت مكة 3 قمم في العشر الأواخر من رمضان يومي 30 و31 مايو/ آيار 2019، قمتان خليجية وعربية طارئتان صدر في ختامهما بيان ختامي، ثم قمة إسلامية عادية صدر في ختامها بيان ختامي مطول من 102 بند، إضافة إلى قرار بشأن فلسطين، وإعلان حمل اسم "إعلان مكة".
وتضمنت البيانات في بنودها خارطة طريق للتعامل مع جرائم إيران وأذرعها وتدخلاتها في شؤون دول المنطقة، إضافة إلى آليات شاملة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وأكدت التضامن الخليجي والعربي والإسلامي.