الألماس يروي الحكاية.. أعمال فنية بملايين الدراهم تبهر زوار معرض أبوظبي للصيد والفروسية

انطلقت أمس فعاليات معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2025، حيث توافد آلاف من سكان العاصمة وزوارها لاكتشاف مزيج متنوع من الصقارة والطائرات بدون طيار وثقافة الصحراء وجهود الحفاظ على البيئة.
وبين الأجنحة الواسعة، كان جناح الفنون المحطة الأطول للزائرين، إذ حمل لوحات وأعمالاً تجسد تلاقي التراث مع الفخامة والابتكار.
في أحد الأركان، خطفت الأضواء لوحتان ماسيتان ضخمتان اعتُبرتا الأولى من نوعهما عالميًا. فخري طرابين، الفنان المتخصص في دمج المجوهرات ومبتكر تقنية طلاء الألماس، قدّم ما وصفه بـ"أول وأكبر لوحة ألماس في العالم"، تجسّد إحداها صورة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والثانية صورة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
أكثر من مليون ماسة مجهرية شكّلت ملامح اللوحتين، تجاوز وزن كل لوحة 180 رطلاً واحتوت على ما يفوق 184 قيراطًا من الماس الطبيعي، مع إطارات مذهّبة بذهب عيار 24 قيراطًا. وأوضح طرابين أن عملية اختيار الأحجار الكريمة استغرقت 12 شهرًا متواصلاً، وأن اللوحات صُنعت بالتعاون مع حرفيين إيطاليين في مدينة فيرونا، وحصلت على اعتماد من معهد الأحجار الكريمة الإيطالي. بلغت تكلفة كل لوحة 600 ألف درهم، أي ما مجموعه 1.2 مليون درهم.
وأكد أن هذه التقنية في طلاء الألماس "ابتكار وُلد في الإمارات"، معتبرًا أنها تجسيد لفكرة تحويل الفخامة إلى فن.
تاريخ طرابين مع المعرض يعود إلى التسعينيات، حين بدأ بشغف تصميم المجوهرات قبل أن يتعاون مع عائلة فيراري الإيطالية لتطوير أسطح ماسية دقيقة.
ومن أبرز أعماله السابقة أحذية كرة قدم مطلية بالماس أهداها إلى كريستيانو رونالدو، وسيارات مرصعة بالكامل بالماس، إلى جانب عمل فني بعنوان "همسات الماس"، وهو صقر مطلي بالذهب والماس عُرض هذا العام ضمن فعاليات المعرض. كما كشف عن كأس كرة قدم ذهبي بلمسات رومانية ومتوسطية، مرصع بعرق اللؤلؤ ويحمل رمزية "روح الريح" و"الجسر بين الشرق والغرب".
وعلى مقربة من اللوحات الماسية، استوقفت لوحة متعددة الوسائط أنظار الزائرين، من إبداع الفنانة والمصممة الجرافيكية السورية رانيا البوعيني، التي كرّست عامًا ونصف العام لإتمام عمل ضخم يصوّر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بقيمة وصلت إلى 120 ألف درهم.
اعتمدت البوعيني في عملها على خامات غير مألوفة، إذ مزجت بين جلود الغزال والجمال وجلد إيطالي فاخر، وأدخلت قطعًا من الفسيفساء والزجاج والكريستال والأصداف، لتنتج سطحًا زخرفيًا يوازن بين الطابع العسكري والتجريد الهندسي. وأوضحت أن "فسيفساء الجلد" لم يسبق لأحد أن استخدمها بهذا الشكل، معتبرة أن اللوحة تعكس التنوع والتناغم في المجتمع الإماراتي.
لم يكن إنجاز اللوحة مهمة سهلة، فقد اضطرت للعمل عليها أفقيًا داخل مرسم ضيق، مستخدمة أسلوب التقطيع إلى مربعات دقيقة وإعادة تركيبها، وهي عملية وصفتها بأنها شاقة ومجزية في آن واحد. وأكدت أن متانة العمل تسمح بعرضه في أماكن مفتوحة أو داخلية، بشرط حفظه في علبة مبردة خاصة.
أما النحات الهولندي ميشيل فان دين بورن، فقد عرض مجموعة من المنحوتات المذهبة لصقور وبنادق وأسد مجنح، تشبه في دقتها قطع المجوهرات. بداياته كانت في صياغة الذهب، لكنه تخلى عن هذا المجال بعد أن تعرّض عام 2008 لسطو مسلح في ورشته بهولندا، فقرر التفرغ للفن النحتي الذي يجمع فيه بين خبرته في صياغة المعادن وحسّه الفني.
أعمال فان دين بورن تتسم بدقة عالية تجعلها مقصداً لعائلات ملكية في الشرق الأوسط. ويرى أن دول الخليج، ومنها الإمارات والسعودية وقطر، تُعد سوقًا واعدة، إذ يبحث مقتنو الفنون فيها عن إبداعات لا تتكرر في أي مكان آخر.