نزع سلاح المدنيين.. رهان جنوب السودان لاستعادة الأمن
تجددت مطالب حاكم ولاية البحيرات بدولة جنوب السودان للمواطنين بتسليم أسلحتهم طوعا، في إطار حملته الداعية لعودة الأمن والاستقرار.
مطالب تستهدف إعادة الأمن لولاية شهدت العديد من أعمال العنف المسلح وغارات نهب الأبقار وحوادث القتل العشائري الانتقامي، وتستعيد شبح مواجهات اندلعت بين الجيش والمواطنين في منطقة التونج بولاية وواراب المجاورة، وراح ضحيتها نحو 100 مدني من الرافضين لتسليم أسلحتهم للحكومة.
وتمثل قضية انتشار السلاح في أيدي المدنيين واحدة من التحديات الجسيمة التي تعيق الأمن والاستقرار في جنوب السودان، حيث تقوم المجتمعات الرعوية بولايات أعالي النيل وبحر الغزال بشراء الأسلحة من الجيش، بغرض حماية أبقارهم من النهب الذي تتعرض له خاصة في مواسم الجفاف (من نوفمبر/تشرين الثاني حتى أبريل/نيسان من كل عام).
نزع طوعي للسلاح
وليم كوجي كيرجوك، وزير الإعلام في واراب، قال إن حاكم الولاية الجنرال رين توينج أطلق الأسبوع المنصرم مبادرة للنزع الطوعي للأسلحة من أيدي المواطنين بعد مشاورات مكثفة مع المجتمعات المحلية.
وأضاف كيرجوك، في تصريح لـ “العين الإخبارية"، أن عملية النزع الطوعي للأسلحة انطلقت وستستمر لمدة ثلاثة أشهر"، لافتا إلى أن "الحاكم ناشد القيادات الأهلية والشباب من رعاة الأبقار أن تكون حركة الأبقار بمناطق المستنقعات للرعي هذا العام تحت إشراف مباشر من الحاكم"، مشددا على أنه "لن يسمح لأي مواطن بالتحرك من تلك المناطق ومعه الأسلحة النارية".
من جهته، قال إندرو مدوت بوي، زعيم الإدارة الأهلية بمنطقة "يرول الشرقية"، إن الحاكم قام بتكليفه بعملية جمع الأسلحة من أيدي المواطنين وتسليمها للحكومة.
وأضاف بالقول، لـ“العين الإخبارية": "لقد وجهنا الحاكم بجمع الأسلحة غير القانونية من المواطنين، وبدأنا بالفعل في حث المواطنين على تسليم أسلحتهم للحكومة بصورة طوعية".
أسباب وعقبات
وتعليقا على الموضوع، يرى قارويج نيوت، وهو باحث متخصص في النزاعات بجنوب السودان، أن انتشار السلاح في أيدي المدنيين ساهم في تدهور الأوضاع الأمنية في أجزاء واسعة من البلاد، بسبب فشل الحكومة في السيطرة على أعمال العنف العشائري.
وقال الباحث، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "أسباب انتشار السلاح في أيدي المواطنين وفشل جميع حملات جمع الأسلحة يعود إلى شعور المواطنين بغياب الدور الحكومي في حمايتهم، مما يضطرهم للبحث عن الأسلحة لحماية أنفسهم وممتلكاتهم من النهب والغارات المسلحة، ولذلك فإن زيادة الطلب على السلاح من قبل الجماعات المحلية يعود لغياب الأمن".
وأشار تيوت إلى أن حملات الجمع الطوعي للسلاح التي تقوم بها الحكومة في ولاية البحيرات قد لا تثمر، بسبب أن تلك المجتمعات التي تقوم بتسليم أسلحتها ستكون عرضة للهجمات من قبل المجموعات المجاورة، ما يدفعها لإعادة البحث عن الأسلحة.
ويحصل المواطنون على الأسلحة الأتوماتيكية، بحسب بعض التقارير، عن طريق شرائها من أفراد تابعين للقوات النظامية، أو عن طريق مهاجمة المخازن التابعة للوحدات العسكرية خلال مواجهات تقع بين المواطنين والعناصر التابعة للجيش والشرطة بجنوب السودان.
واقترح جيمس مييك، الكاتب الصحفي بصحيفة "جوبا مونتر"، الناطقة باللغة الإنجليزية في جنوب السودان، أن تتبنى الحكومة استراتيجية بعيدة المدى لنزع الأسلحة المنتشرة في أيدي المدنيين عن طريق شرائها منهم، وتغيير نوعية تسليح الجيش والشرطة لمنع المدنيين من الحصول على الذخيرة من خلال تجفيف مصادرها.
وأضاف مييك لـ“العين الإخبارية"، أنه "يمكن أن يكون شراء الأسلحة النارية من المدنيين في جنوب السودان استراتيجية طويلة المدى، لكنها فعالة لنزع السلاح، كما أنها يمكن أن تؤدي إلى استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي تدريجي".
فيما دعا الناشط المدني دانيال ماوان السلطات الحكومية إلى أخذ العبرة من التجارب الماضية في نزع السلاح من أيدي المواطنين، مطالبا القوات الحكومية ببناء الثقة بينها وبين المدنيين حتى يقوموا بتسليم أسلحتهم طوعا.
وأضاف لـ“العين الإخبارية" بالقول: "إذا حاولت السلطات استخدام القوة فإن المواطنين سيرفضون تسليم أسلحتهم وسيقاومون العملية، خاصة لعلمهم بأن المجتمعات التي تجاورهم لا تزال محتفظة بأسلحتها ويمكنها مهاجمتهم ونهب أبقارهم في أي وقت".
ووفق تقارير لمنظمات مختصة، فإن أعمال العنف المسلح التي وقعت بين المجتمعات المحلية لأسباب عشائرية وقبلية، أودت، في 2020، بحياة نحو ألفين و400 مدني في دولة جنوب السودان، وفق حصيلة غير رسمية.