تهجير فلسطينيين وإغلاق محال.. ربع قرن على مجزرة الحرم الإبراهيمي
في عام 1994، فتح مستوطن إسرائيلي النار على المصلين في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل فقتل وأصاب العشرات.
قبل 25 عاما، فتح مستوطن إسرائيلي النار على مصلين في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، تاركاً خلفه "مجزرة" راح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين.
ومنذ 1994 –عام هذه المجزرة- يتواجد قبر باروخ جولدشتاين، الذي وضع سماعات الأذن أثناء إطلاقه النار على المصلين فجر يوم 15 رمضان، في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي فلسطينية بالخليل.
- إسرائيل تغلق الحرم الإبراهيمي 24 ساعة بحجة الأعياد اليهودية
- إسرائيل تمنع رفع الأذان بالحرم الإبراهيمي 52 مرة في مارس
ورغم أن المعتدي كان مستوطنا إسرائيليا إلا أن قرار لجنة "شمغار" الإسرائيلية، التي تشكلت للتحقيق في المجزرة، كان تقسيم المسجد ما بين فلسطينيين ويهود.
مصادرة حقوق الفلسطينيين
حينها، علقت وزارة الأوقاف الفلسطينية على هذا القرار، بقولها: "وبذلك استولى المستوطنون اليهود وبالقوة الاحتلالية على (54%) من مساحة الحرم الإبراهيمي، ومُنع المسلمون من أصحاب المكان وزائريه من حرية دخوله والعبادة فيه".
لم تقتصر تبعات هذه المجزرة على الحرم الإبراهيمي الشريف، وإنما تعدتها إلى شوارع وأسواق البلدة القديمة في الخليل، حيث غالبا ما يصف الفلسطينيون حياتهم فيها بأنها "جحيم".
فقد أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سوق الخضار المركزي في البلدة القديمة أمام الفلسطينيين، ومنعتهم من الوصول إلى متاجرهم، إضافة إلى إغلاق ما يزيد على 500 محل تجاري في شوارع البلدة القديمة بشكل مباشر، و1100 محل بشكل غير مباشر بما فيها إغلاق شارع الشهداء شريان مدينة الخليل.
تقسيم الخليل لمنطقتين
وأثار الفلسطينيون هذه المجزرة في مجلس الأمن الدولي، وتحت وطأة الانتقادات الدولية وافقت إسرائيل، لأول مرة، في العام 1997 على انتشار فريق رقابة دولي غير مسلح في مدينة الخليل تحت اسم" فريق الرقابة الدولي المؤقت".
لم يكن الفلسطينيون راضين تماما عن هذا الفريق الذي اكتفى بكتابة التقارير السرية. ومع ذلك قررت الحكومة الإسرائيلية، يناير/كانون الثاني الماضي إنهاء وجود هذا الفريق الدولي برفض تواجده على الأرض.
وفي أعقاب اتفاق الخليل، الذي تم التوقيع عليه بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في يناير/كانون الثاني 1997، تم تقسيم المدينة إلى منطقتين الأولى (H1) وتشكل 80% من المساحة الكلية للمدينة ويسكنها 115 ألف فلسطيني، وضع هذا القسم تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة.
أما المنطقة الثانية (H2)، فيسكن فيها حوالي 35 ألف فلسطيني وحوالي 500 مستوطن إسرائيلي، بقيت هذه المنطقة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بينما نقلت الصلاحيات المدنية للسلطة الفلسطينية.
وخلال الانتفاضة الثانية التي بدأت نهاية العام 2000 عاد الجيش الاحتلال الإسرائيلي، وسيطر مجددا على منطقة (H1).
ويشتكي الفلسطينيون في المدينة بشكل متزايد من اعتداءات المستوطنين ضدهم في محاولة لتهجيرهم منها، غير أن الإجراءات في الحرم الإبراهيمي كانت الأشد صعوبة.
مساعي التهويد تتزايد
وقالت وزارة الأوقاف الفلسطينية: "منذ العام (1967) بدأ الاحتلال بفرض القيود بحق الحرم، تمهيدا للسيطرة عليه، وإضعاف سيطرة المسلمين التدريجية، ثم السماح للمستوطنين بإقامة طقوسهم التلمودية، تبعها حجز مناطق من الحرم لإقامة الشعائر الدينية، ومنع المسلمين من الدخول إليه أيام أعيادهم واحتفالاتهم اليهودية".
وتحول الحرم الإبراهيمي، نتيجة لتقسيمه إثر المجزرة، إلى ثكنة عسكرية يمر المصلون خلالها بحواجز التفتيش قبل أن يصلوا للوقوف بين يدي ربهم، كما تم تحويله إلى نقطة تصادم وتوتر دائمة، أفقدته قداسته، ودنست طهارته، وانتهكت حرمته حين دخلوه بأحذيتهم، وأدخلوا الخمور إلى مرافقه الداخلية، لتتوج مساعي التهويد بالإعلان عن ضمه إلى قائمة المواقع الأثرية الإسرائيلية في العام 2010.
الأوقاف الفلسطينية أكدت كذلك أن "الحرم الإبراهيمي الشريف هو مسجد إسلامي خالص، وملكية وقفية للمسلمين وحدهم لا يغير من هذه الصفة أي قرار مهما كان، وسيبقى كذلك، وهو الأمر الذي أكدته مؤسسة اليونسكو بقرارها بإضافة الحرم الإبراهيمي إلى قائمة التراث العالمي، ونحن هنا نرفض وبشدة كل الإجراءات التهويدية التي يتخذها الاحتلال بحق الحرم ومحيطه والبلدة القديمة".
وفي العام الماضي (2018)، منع الاحتلال رفع الأذان، وأغلقه أمام المصلين المسلمين لعشرة أيام كاملة بشكل كامل، فيما مارس فيه أكثر من 48 انتهاكاً واعتداء من أنواع مختلفة، الأمر الذي يستدعي العمل وبجدية على إيقاف هذه الانتهاكات.
واختتمت وزارة الأوقاف تحذيراتها بالتأكيد على أن ما تعرض له المسجد الإبراهيمي من تقسيم زماني ومكاني وأدى فيما أدى إلى سيطرة باطلة قانوناً، وشرعاً، وأخلاقاً على هذا المكان المقدس لدى المسلمين، ليس في فلسطين وحدها وإنما في العالم الإسلامي بأجمعه؛ فإن هذا التقسيم لن يتم تمريره بأي شكل من الأشكال على المسجد الأقصى الذي يتعرض لحملة ظالمة وانتهاكات خطيرة تتعلق بالسيادة عليه، وكان آخرها محاولة السيطرة على مصلى باب الرحمة.