«ديوالي» 2024.. الإمارات تحتضن «مهرجان الأنوار»
تعد دولة الإمارات نموذجاً مثالياً للتسامح والتعايش الثقافي، حيث تتجمع العديد من الثقافات والجنسيات في إطار من الاحترام المتبادل.
في هذا السياق، يمثل مهرجان "ديوالي" أحد أبرز الأمثلة على الاحتفالات التي تعكس هذا التعدد الثقافي الغني.
ويُعد ديوالي أو "مهرجان الأنوار" من أهم المناسبات الدينية لدى الجالية الهندية التي تشكل جزءاً مهماً من النسيج الاجتماعي في الإمارات، حيث يُحتفل به على نطاق واسع في مختلف أنحاء دولة الإمارات.
الأصل والمعنى
ديوالي هو عيد هندوسي يحتفل به لأسباب دينية وثقافية، ويرمز إلى انتصار الخير على الشر، والنور على الظلام.
يتميز المهرجان بإضاءة المصابيح الزيتية "دياس"، وتزيين المنازل بالأضواء والزخارف المبهجة.
ويُعتقد أن الاحتفال بديوالي يعود إلى الأسطورة الهندوسية التي تروي انتصار الإله "راما" على الملك الشرير "رافانا" وعودته إلى مملكته "أيوديا" بعد 14 عاماً من المنفى.
المهرجان ليس فقط رمزاً دينياً، بل يُعد مناسبة اجتماعية يحتفل بها الهندوس، والسيخ، والجاينيون، والبوذيون وغيرهم من المجتمعات الهندية.
ديوالي في الإمارات
وتحتضن دولة الإمارات الجالية الهندية بحفاوة، مما جعل ديوالي يحظى بمكانة خاصة في أجندة الفعاليات السنوية في البلاد.
في كل عام، تُقام احتفالات ديوالي في مراكز التسوق الكبرى، والحدائق العامة، والفنادق الفاخرة، حيث يتم تزيين هذه المواقع بالأضواء الملونة والزينة التقليدية.
وتنظم هذه الفعاليات لتوفير بيئة شبيهة بالوطن للأسر الهندية ولتعريف مختلف الجنسيات بالثقافة الهندية الغنية.
ومن أبرز المناطق التي تشهد احتفالات واسعة بديوالي، تأتي دبي في الصدارة، حيث تنظم مراكز التسوق مثل "دبي مول" و"مول الإمارات" عروضاً خاصة تشمل الأضواء النارية، والرقصات التقليدية، والعروض الموسيقية الحية.
إلى جانب ذلك، تُقام عروض خصومات كبيرة في متاجر المجوهرات والملابس، وهو ما يُعتبر جزءاً من تقاليد الاحتفال بالعيد حيث يُعد شراء الذهب والملابس الجديدة رمزا للازدهار والحظ السعيد.
وتعكف مؤسسة دبي للمهرجانات والتجزئة على استكمال تحضيراتها لاستضافة مهرجان الأضواء "ديوالي"، خلال الفترة من 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري وحتى 7 نوفمبر/ تشرين الأول المقبل، والذي يتضمن تشكيلة غنية من التجارب الثقافية والفعاليات المجتمعية المجانية إلى جانب أنشطة موسيقية ومسرحية.
ومع انطلاقة المهرجان، تبدأ سماء دبي بالتوهج بعروض الألعاب النارية في منطقة السيف يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول، وفي القرية العالمية أيام 25 و26 أكتوبر/ تشرين الأول و1 و2 نوفمبر/ تشرين الثاني في تمام التاسعة مساء، بينما تبدأ فعالية "نور في السيف"، التي تقام بالتعاون مع "TeamWork Arts"، من 25 إلى 27 أكتوبر/ تشرين الأول إلى جانب مهرجان "ديبافالي أوتساف" في 26 أكتوبر/ تشرين الأول بأكاديمية اتصالات في دبي، من الرابعة عصراً إلى الـ 11 مساء، الذي يعرض تقاليد الثقافية الهندية.
وينظم مهرجان "الأضواء - ديوالي" مجموعة من الفعاليات على الواجهة البحرية في السيف، حيث سيتاح للزوار استكشاف ثقافة غنية وكيلومترات مبهجة من التسوق والتجارب الثقافية والمأكولات المتنوعة.
وتبدأ القرية العالمية احتفالاتها بالمهرجان من 28 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، مع فعاليات تشمل فن "الرانجولي"، وتشكيلة من العروض، والألعاب النارية تحت رعاية جناح الهند، فيما تتوزع مجموعة أخرى من الأنشطة والفعاليات على مناطق عدة في إمارة دبي.
الأضواء والألعاب النارية
وتعد الألعاب النارية من أبرز مكونات الاحتفال بديوالي في الإمارات، حيث تنير السماء ليلاً بألوان زاهية وأشكال مذهلة.
وتقدم العديد من الأماكن مثل "برج خليفة" و"ذا بوينت" في نخلة جميرا عروضاً مبهرة تجذب آلاف الزوار. كما تقام مهرجانات طعام خاصة تقدم مجموعة متنوعة من الأطباق الهندية التقليدية التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من احتفالات ديوالي.
الروح التشاركية والمجتمعية
ديوالي في الإمارات ليس مجرد احتفال ديني، بل هو مناسبة لتعزيز التماسك الاجتماعي، حيث تُنظم المدارس والجامعات فعاليات ديوالي لتعريف الطلاب من مختلف الجنسيات بالثقافة الهندية.
كذلك، تتبنى الشركات الخاصة والمؤسسات الحكومية مبادرات خيرية خلال هذا المهرجان، حيث يتم توزيع الهدايا والمساعدات على الفئات المحتاجة، في إشارة إلى روح العطاء والتكافل التي يرمز إليها ديوالي.
التأثير الاقتصادي
إلى جانب طابعه الاحتفالي، يُسهم ديوالي في تعزيز النشاط الاقتصادي في الإمارات، إذ يرتفع حجم المبيعات في قطاع التجزئة، خصوصاً في مجالات المجوهرات، والملابس، والإلكترونيات.
كما أن الإقبال الكبير على الفعاليات السياحية والفندقية يعزز من إيرادات قطاع الضيافة، حيث تستفيد الفنادق والمطاعم من تدفق العائلات والأفراد الذين يسعون للاحتفال بهذه المناسبة في أجواء احتفالية.
مهرجان ديوالي حول العالم
على مدار أيام، يحتفل أكثر من مليار شخص بمهرجان "ديوالي" الهندي، الذي يعني "صف من الأضواء"، عبر عروض الألعاب النارية، والولائم، والصلاة.
ويشتق اسم "ديوالي" من كلمة "Deepavali" التي تعني صف الأضواء، إذ يضيء المشاركون في الاحتفال صفوفًا من مصابيح الزيت التقليدية أمام منازلهم كرمز لانتصار النور على الظلام والمعرفة على الجهل.
تستند مواعيد المهرجان إلى التقويم القمري الهندوسي، ويُقام عادةً في أواخر أكتوبر/تشرين الأول أو أوائل نوفمبر/تشرين الثاني.
في جنوب الهند، يُمثل ديوالي انتصار اللورد كريشنا على الشيطان ناراكا، الذي كان يُقال إنه يسجن النساء ويعذب رعاياه. بينما في شمال الهند، يُحتفل به لعودة اللورد راما وزوجته سيتا وشقيقه لاكشمان من منفاهم الذي دام 14 عامًا في الغابة.
أما بالنسبة للجاينيين، فيُعتبر ديوالي اليوم الذي وصل فيه اللورد ماهافيرا إلى السكينة، وهو مفهوم يشير إلى التحرر من دورة الولادة والموت.
السيخ يحتفلون أيضًا بمهرجان "Bandi Chhor Divas"، الذي يتزامن مع ديوالي، لإحياء ذكرى إطلاق سراح جورو هارجوبيند، الذي سُجن لمدة 12 عامًا من قبل الإمبراطور المغولي جهانجير.
وفي السياق ذاته، يحتفل البوذيون بالمهرجان بذكرى تحول الإمبراطور الهندوسي أشوكا إلى البوذية في القرن الثالث قبل الميلاد.
وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس"، يحتفل ملايين الأشخاص في أنحاء آسيا بمهرجان ديوالي، الذي يرمز إلى البدايات الجديدة وانتصار الخير على الشر.
طرق الاحتفال
يتضمن مهرجان ديوالي العديد من التقاليد التي تختلف حسب المنطقة، لكن العنصر المشترك في كل الاحتفالات هو الأضواء، الألعاب النارية، الولائم، الحلويات، الملابس الجديدة، والصلاة.
على سبيل المثال، في جنوب الهند، يستحم العديد من الناس بالزيت الدافئ في الصباح الباكر كرمز للتطهير الجسدي والروحي، مشابهًا للاستحمام في نهر الجانج المقدس، بينما في شمال الهند، تعتبر عبادة الإلهة لاكشمي، إلهة الثروة والرخاء، جزءًا أساسيًا من الاحتفالات، حيث يُعد المقامرة تقليدًا شائعًا يُعتقد أنه يجلب الحظ السعيد لمن يقامر في ليلة ديوالي.
حقائق حول ديوالي
وفقًا لموقع "Hindustantimes"، هناك حقائق مثيرة حول ديوالي لا يعرفها الكثيرون:
- يُحتفل بديوالي في ليلة خالية من القمر خلال شهر كارتيك حسب التقويم الهندوسي.
- وُضع أساس المعبد الذهبي في عيد ديوالي.
- يُحتفل بالمهرجان بأسماء مختلفة في أنحاء الهند وخارجها، ففي نيبال يُعرف باسم "Tihar"، وفي ماليزيا يُسمى "هاري ديوالي"، بينما في تايلاند يضيئون المصابيح على أوراق الموز.
- خارج الهند، تستضيف مدينة ليستر في المملكة المتحدة أحد أكبر احتفالات ديوالي، حيث يتجمع الآلاف للاستمتاع بالضوء والموسيقى والرقص.
- في البنغال، يعبد الناس الإلهة "كالي"، رمز تدمير قوى الشر، بينما في نيبال يعبدون اللورد كريشنا ويحتفلون بانتصاره على الملك الشرير ناراكاسورا.