لأول مرة.. استخراج الحمض النووي من السودانيين القدامى
تمكن فريق بحثي، ينتمي لعدة جامعات أمريكية، من عزل الحمض النووي لـ66 فردا من موقع يعرف باسم "كولوبنارتي"، يوجد على نهر النيل في السودان، جنوب الحدود المصرية مباشرة.
وكشفت بيانات الحمض النووي القديم، التي تجرى لأول مرة في السودان، عن رؤى جديدة حول النسب والتنظيم الاجتماعي للأشخاص الذين عاشوا قبل أكثر من ألف عام في وادي النيل، وكانت أبرز النتائج أنهم لم يعرفوا التمييز الجيني بين البشر.
وقبل هذا العمل، الذي نشرت نتائجه في العدد الأخير من دورية "نيتشر كومينيكيشن"، لم يكن هناك سوى 3 عينات قديمة على مستوى الجينوم لوادي النيل بأكمله، وكان مصدرها من مصر.
ولأن هذه المنطقة، كانت ولا تزال جزءا مهما للغاية من العالم من حيث الحركة والاجتماع والاختلاط بين الناس، سعى الفريق البحثي إلى التوسع في دراسة الجينوم القديم لهذه المنطقة.
ويعود تاريخ الأفراد البالغ عددهم 66 شخصا إلى فترة تتراوح بين "ما قبل ألف و80 عاما" إلى "ألف و320 عاما" خلال الفترة المسيحية في النوبة السودانية، قبل التغيرات الجينية والثقافية التي حدثت مع دخول الإسلام.
وأظهرت التحليلات كيف تشكلت مجموعة جينات كولوبنارتي على مدار ألف عام على الأقل من خلال موجات متعددة من الاختلاط، بعضها محلي وبعضها من أماكن بعيدة، وكان لديهم أصول تُرى اليوم في بعض السكان في السودان، بالإضافة إلى أسلافهم التي كانت في نهاية المطاف من غرب أوراسيا في الأصل، ومن المحتمل أنه تم إدخالها إلى النوبة عبر مصر.
وجاءت بقايا الأفراد من جبانتين بهما مدافن على الطراز المسيحي، وأشارت الأدلة السابقة إلى أنهما طبقتان اجتماعياً، ففي إحدى المقابر، الواقعة على جزيرة في النيل، تحمل البقايا الهيكلية المزيد من علامات الإجهاد والمرض وسوء التغذية، وكان متوسط عمر المدفونين يزيد قليلاً عن 10 سنوات.
على النقيض من ذلك، كان متوسط العمر عند الوفاة في المقبرة الأخرى الواقعة في البر الرئيسي 18 عاما.
وإحدى الفرضيات التي نشأت من هذا الدليل العظمي، كانت أن مقبرة الجزيرة تنتمي لطبقة كولوبنارتي العاملة، بينما كانت مقبرة البر الرئيسي لأفراد من عائلات ملاك الأراضي، وكان السؤال حول ما إذا كان التقسيم الطبقي الاجتماعي قد تطور لأن المجموعتين جاءتا من أصل مختلف؟
ويشير تحليل على مستوى الجينوم إلى أن الأمر لم يكن كذلك، فالأشخاص المدفونون في مقابر منفصلة جاءوا من مجموعة جينية واحدة.
وتقول جيسيكا طومسون، أستاذ الأنثربولوجيا بجامعة ييل الأمريكية، أحد كبار مؤلفي الدراسة، في تقرير نشره أول من أمس موقع "يورك أليرت": "يبدو أن الناس في هذه المنطقة لم يستخدموا النسب البيولوجي كأساس للتميز الاجتماعي، وهذا يعزز النقطة التي مفادها أن تقسيم الناس اجتماعيا على أساس أصلهم الجيني هو ظاهرة حديثة، لا أساس لها في الميول البشرية العالمية".
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg جزيرة ام اند امز