الغازات السامة.. هل يتكرر سيناريو حلب في إدلب؟
الضربات العسكرية لم تتوقف في سوريا، ومن تلك الضربات ما تشهده محافظة إدلب من قصف جوى وصل إلى حد الغازات السامة
رغم مرور 6 سنوات على الأزمة السورية بكل تطوراتها السياسية والميدانية، ورغم التوصل مؤخرا لاتفاق وقف إطلاق النار بين المتصارعين على الأرض السورية، إلا أن استمرار الضربات العسكرية لم يتوقف في سوريا، ومن تلك الضربات ما تشهده محافظة إدلب من قصف جوي وصل إلى حد الغازات السامة.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، الثلاثاء، إن 58 مدنيا على الأقل لقوا مصرعهم جراء إصابتهم بحالات اختناق، إثر قصف طائرات حربية، غير معروف هويتها، غازات سامة على مدينة خان شيخون في محافظة إدلب.
ويرجح مراقبون أن يكون النظام السوري أو حليفه الروسي هو مصدر تلك الغارات.
ورغم قدرتها على السيطرة على 98% من إدلب في 2015، يقول مراقبون إن فصائل المعارضة السورية لم تنجُ من ضربات جوية للنظام السوري وحليفه الروسي، الذي تدخل في الازمة مباشرة أواخر العام المذكور، الأمر الذي أدى إلى تصعيد القصف ضد المعارضة، وأبرز تلك الضربات:
ارتكاب قوات النظام السوري في إبريل/نيسان 2015، 50 مجزرة في أنحاء مختلفة من سوريا، كان لمحافظة إدلب الحظ الأكبر منها؛ حيث شهدت المحافظة 19 مجزرة أدت لوقوع ضحايا أغلبهم من المدنيين.
وشهد سبتمبر/أيلول من العام نفسه، غارات روسية على سوق شعبية في أريحا بريف إدلب، أدت الى وقوع 44 قتيلا وإصابة العشرات، في حين تم ارتكاب مجزرة في سوق مدينة إدلب أوقعت نحو 60 قتيلا في سبتمبر/أيلول 2016.
وفى نهاية عام 2016، استطاع النظام السوري السيطرة على مدينة حلب، وإخراج المعارضة السورية، التي توجهت إلى إدلب، وإبرام اتفاق وقف إطلاق النار، رعته موسكو ضامنة للنظام السوري من جهة، وأنقرة راعية للمعارضة من جهة أخرى.
وفي الغالب تتجه المعارضة السورية إلى إدلب بعد خسارتها لمناطق كانت تسيطر عليها مثل حلب وحمص، التي خرجت منها المعارضة مؤخرا وفقا لاتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه الروس، وهو الأمر الذي جعلها تمركزا لفصائل المعارضة المختلفة.
وتوجد في إدلب كثير من فصائل المعارضة السورية مثل هيئة تحرير الشام الإرهابية، التي تتمتع بنفوذ كبير في المدينة، علاوة على فصائل أخرى، مثل حركة أحرار الشام وجيش الفتح وجيش الإسلام والجيش السوري الحر، بعضها مصنف إرهابي وبعضها معتدل.
أدى تجمع المعارضة السورية في إدلب إلى ترجيح بعض المراقبين للشأن السوري لاتجاه النظام السوري لقتال المعارضة في إدلب بعد سيطرته على حلب وتدمر، اللتين استعادهما من تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتعزز ذلك الترجيح بضربات جوية للطائرات السورية والروسية لأماكن تمركز المعارضة في إدلب؛ فرغم وقف إطلاق النار المتفق عليه في الأستانة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، شنت الطائرات السورية والروسية، في 7 فبراير/شباط الماضي، أكثر من 10 غارات جوية على محافظة إدلب وريفها؛ ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.
وفى أواخر فبراير/شباط الماضي، تسبب طيران الأسد بمجزرة في منطقة أريحا بإدلب، نتيجة غارات جوية أدت لسقوط 20 مدنيا وإصابة العشرات.
واستهدفت الطائرات الحربية الروسية والسورية في 25 مارس/آذار الماضي، الأبنية السكنية في مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي؛ ما أسفر عن وقوع مجزرة راح ضحيتها 9 أغلبهم من النساء والأطفال.
ومحافظة إدلب تتميز بموقع مميز قرب الطريق السريع بين العاصمة دمشق ومدينة حلب، ومن ثم فمن يسيطر على إدلب يتمكن من قطع الإمدادات بين حلب والساحل غربا، ويُصبح على تخوم مدينة اللاذقية عبر الريف الشرقي للاذقية، ويستفيد من عمق استراتيجي واسع يمتد من الحدود التركية إلى ريف حماه الشرقي.
ولعل اتصال إدلب بالحدود التركية، أمر يقلق النظام ويقف كالشوكة في فمه؛ نظرا لاتصال المعارضة بتركيا وحصول الأولى على الدعم من الثانية، ومن ثم يُرجح أن تكون إدلب هي المحطة التالية للنظام وحلفائه.
ويرى مراقبون أن الظروف الدولية والإقليمية لن تقف حائلا أمام النظام وحليفه الروسي؛ خاصة أن الرئيس الأمريكي الحالي يعطي مبدأ محاربة الإرهاب الأولوية الأولى، بما يتماشى مع رغبة دمشق وموسكو اللتين تعززان ذلك التوجه، كما أن جولة المفاوضات الخامسة بين النظام والمعارضة في جنيف منيت بالفشل الذريع.
وتأكيدا لتلك الرؤية، يعتبر مراقبون أن عدم توقف الغارات الجوية للنظام وللروس، منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار، بداية الطريق نحو استغلال تجمع المعارضة في إدلب واستهدافهم.