العشق تحت دوي الكلاشينكوف.. سوريون يوثقون قصص حبهم رغم الحرب
رغم الحرب والدمار، ولدت قصص حب بين السوريين لتثبت أن الجسد المدمر الذي مازال بداخله "قلب" ينبض
صالح ومروة، ساهر ورقية، ثنائيات تنفست العشق في سوريا على طلقات المدافع ودوي الكلاشينكوف المستمرة منذ حوالي 6 سنوات، لتخلق قصص حب حاربت الدمار، وأبت إلا أن تستمر في الحياة، وكأنها تجسد سوريا، الجسد المدمر الذي مازال بداخله "قلب" ينبض، لتطرح سؤالاً "كيف يجيد البشر العشق والتعبير عن المشاعر وسط أجواء الحرب".
"أنسب بيئة للحب"
الدكتور أحمد فخري، المحلل النفسي وأستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، يرى أن أجواء الحرب تعد "محفزاً طبيعياً قوياً" على الحب، فكلما اشتدت الصعاب خاصة في أوقات الكوارث الطبيعية والتي تعد الحروب أحد فروعها، يتقرب البشر لبعضهم أكثر وتزيد ما يسمى بـ"اللحمة الاجتماعية".
وأضاف فخري في تصريحات خاصة لـ"العين" أن "الإنسان في هذه المواقف يحتاج لمن يحنو عليه ويدعمه، والضغوط توطد أواصر المحبة بين البشر، وتظهر الحبيب في الشدائد، ويجد كل من الخاضعين لهذه الضغوط ضالته في الآخر، فضلاً على أن المشاعر التي تنشأ في ظروف الحرب تكون "صادقة" وحقيقية لأبعد مدى".
وتابع قائلاً "نادراً ما نجد بين أصحاب تلك القصص حكايات الغدر والفراق بأسباب تافهة كما يحدث في قصص الحب خلال الظروف العادية، فالعشاق في زمن الحرب أكثر صدقاً وليسوا بحاجة للتلون، وغير مستعدين لفقدان السند الذي وجدوه في الحبيب".
واعتبر أن أصحاب تلك القصص يسيرون بمبدأ "المركب الواحد" فيتمسكون ببعضهم أكثر، كما أن الظروف السيئة التي يتعرض لها الوطن تجعلهم يبحثون عن الانتماء وحب الوطن في الحبيب، ويصبح طوق النجاة للطرف الآخر.
وقال إن "هرمونات الحب" تُفرز في وجود الحبيب، وتسهم في تغيير "كيمياء المخ" السلبية إلى إيجابية، وبالتالي العشاق هم الأقدر والأكثر صموداً في مواجهة ضغوط الحياة بكفاءة.
وأضاف أن "البلاد التي تعاني الحروب ينتشر فيها الحب بجميع صوره وبسرعة رهيبة، فتظهر بينهم التضحية بين الأصدقاء، وبين أفراد الأسرة الواحدة، وبين الجيران بعضهم البعض، ويظهر بينهم تقدير الكبير والعناية بالمعاق وتبادل الحب بين أفراد المجتمع بكل صوره".
ولأن غرامهم ملفتا للأنظار ، وقوتهم طاغية في مواجهة الظروف، انتشرت قصصهم على الصفحات الإلكترونية انتشار النار في الهشيم.
"راجعين ياهوى"
القصة الأولى تبدأ بجملة في صورة، تناقلتها وسائل الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، يقول فيها "صالح" لـ"مروة": (إلى من شاركتني الحصار.. أحبك)، الزوج الشاب كتبها لزوجته على جدار في جدار ضمن "أنقاض حلب".
ويقول صالح، وهو مصور صحفي، "كنت أبحث عن فتاة تأخذ دور البطولة في فيلم كنت أنوي تصويره في حلب عن معاناة المدنيين داخل الحصار، وحينها تعرفت على مروة، وأصبحت بطلة الفيلم وشريكة حياتي في الوقت نفسه، وأعلنا زواجنا وسط الحصار".
ولم تمضِ سوى أيام قليلة فقط على زواجهما حتى بات العروسان يهربان من حي إلى حي، وصولاً إلى النزوح من المدينة، ولكن قبل ساعات من المغادرة، قرر صالح أن يترك هدية لزوجته على جدار في حي الأنصاري، فكتب: "إلى من شاركتني الحصار.. أحبك"، فردت عليه زوجته بعبارة:"راجعين يا هوا".
"حب في المُخيم"
وفي مخيمات اللاجئين كانت قصص الحب حاضرة بقوة، إذ شهد مخيم إيدوميني على الحدود المقدونية، قصة زواج "ساهر ورقية".
قصة حبهما كُللت بالزواج بعد 4 أشهر من التعارف، وأقيم الزواج دون وجود الأهل الذين لم يتمكنوا في ذلك الوقت من ترك سوريا، لكن العروسان وجدا أهل المخيم عوضاً عن أهلهما، بعد خيبة الأمل التي كادت أن تفسد فرحتهما، نظراً للتضييقات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي على عبور اللاجئين، فاتخذا قرارهما بتعجيل الزواج الذى كان من المقرر أن يكون في ألمانيا.
aXA6IDE4LjE5MS4xNzguMTYg
جزيرة ام اند امز