من الجيد في حق لبنان، أن «ينأى» بنفسه، حقا وصدقا، عن مشكلات المنطقة من العراق لسوريا لليمن للبحرين للكويت للسعودية لقطر للإمارات لمصر.
ما لا يفهمه، أو لا يريد أن يفهمه، الصخّابون في لبنان، من تيار عون قبل مريدي نصر الله، أن ما يجري في المنطقة ليس قصة لبنانية فقط، فضلا عن أن تكون صفحة داخل القصة اللبنانية، هي صفحة مصير ومكان الرئيس الحريري.
القصة هي سياسة إقليمية ودولية جديدة ترسم وتنفذ ضد الغزو والدور الإيراني الخميني الذي أفسد البلاد والعباد، ونثر الفتن ورشّ القلق منذ ثلاثة عقود، وحان وقت لإنهاء هذه الحكاية السوداء، سلبت الكثير من الطاقة والجهد في أودية الغي والضلال، يسير خلفها الأتباع الغاوون.
هل يعي المجرب الرئيس ميشال عون الأخطار التي يسوق لبنان إليها في مقاربته اللامسؤولة تجاه المشكلة اللبنانية الحالية، وتعاطيه مع ملفّ استقالة سعد الحريري؟
أتباع وأصابع تأتمر برغبات محرك الدمى في طهران، المرشد الأعظم ولي أمر المسلمين -كل المسلمين!- ومعه جنرال الخراب الثوري الخميني.
سياسة مواجهة لا تخص السعودية ولا الإمارات أو البحرين، بل سياسة تتشكل أيضا في أهم عاصمة عالمية، واشنطن.
صنّف الكونجرس الأمريكي، قبل أيام، حركة «النجباء» التابعة للحشد الشعبي بالعراق «جماعة إرهابية»، داعيا الرئيس دونالد ترامب لتطبيق حظرها والشخصيات الأجنبية المسؤولة أو المرتبطة بها خلال فترة لا تزيد على 90 يوما.
المليشيا العراقية الخمينية اعتبرت، في سلوك إنكاري معتاد من هذه الثقافة، أن هذا التصنيف «شرف لها» في بيان أصدرته أمس الخميس.
جاء في التقرير أنه «ثبت للكونجرس أن التدريب والميزانية والتسليح الذي تحصل عليه قوات نجباء يتم تأمينها من قبل فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني، ويؤدي حزب الله اللبناني مهمة الاستشارة والتدريب لهذه الحركة». وتابع التقرير أن «أكرم الكعبي، قائد المليشيا وباقي قيادات الحشد الشعبي يأتمرون بأوامر المرشد الأعلى في إيران».
هذا الخبر يجب تذكير من صخب وضجّ -وما زال- في لبنان به؛ لأنه ينقل المشكلة اللبنانية كلها، برمّتها، لأفق أوسع وأبعد، هو أفق «المواجهة الكبرى» مع الفصل الإيراني الحديث، ولبنان ساحة أو صفحة من صفحات هذا الفصل، تماما مثل الصفحة الحوثية أو الصفحة الحشدية بالعراق، والصفحات الخمينية الأخرى بسوريا.
هذا ما غفلت، أو تغافلت، عنه الميديا اللبنانية، في حفلة الهرج والمرج التي نصبتها حول استقالة الحريري، ويتعجب المرء، هل يدرك القوم المشهد الكبير حقا؟ وهل يعي المجرب الرئيس ميشال عون الأخطار التي يسوق لبنان إليها في مقاربته اللامسؤولة تجاه المشكلة اللبنانية الحالية، وتعاطيه مع ملفّ استقالة سعد الحريري؟
الجيد الذي يحصل بحق لبنان، وكلنا نتمنى ذلك، هو أن «ينأى» بنفسه، حقا وصدقا، عن مشكلات المنطقة من العراق لسوريا لليمن للبحرين للكويت للسعودية لقطر للإمارات لمصر.
غير ذلك تحليق في العواصف والرعود.
نقلا عن "الشرق الأوسط "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة