مصر ضد ساحل العاج.. عندما تطفئ الكرة نيران الحروب الأهلية
شهدت تصفيات كأس العالم 2006 عدة قصص ملحمية، ساهمت في وقف حمامات الدماء في كوت ديفوار (ساحل العاج)، بعدما أنهكتها الحرب الأهلية.
ديدييه دروجبا، نجم منتخب كوت ديفوار السابق، كان له دورا بارزا مع باقي زملائه في المنتخب الإيفواري في إيقاف الحرب، وذلك بمساعدة من منتخب مصر.
حرب أهلية
اندلعت الحرب الأهلية الأولى في كوت ديفوار عام 2002، وتوقفت مؤقتا في 2004، قبل أن تعود الاشتباكات في 2005، بالتزامن مع ختام التصفيات المؤهلة للمونديال.
كانت قوات الرئيس لوران جباجبو تحكم الجنوب، بينما كانت حركة تمرد تدعى قوات ساحل العاج الجديدة تسيطر على الشمال.
لكن في خضم هذا الوضع الملتهب، تجمع الشعب الإيفواري بكافة أطيافه لمتابعة الجولة الأخيرة من التصفيات، متشبثين بأمل "الأفيال" في التأهل للمونديال.
آمال الإيفواريين كانت معقودة على الجيل الذهبي لمنتخب كوت ديفوار، الذي نجح في التأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه بنسخة 2006 في ألمانيا، بعد مشوار ماراثوني في التصفيات.
من بين أنياب الأسود
بالوصول للجولة الأخيرة من التصفيات، كان منتخب الكاميرون هو الأقرب لبطاقة الصعود من المجموعة التي ضمت كوت ديفوار ومصر والسودان وليبيا وبنين.
كان الصراع على بطاقة المونديال مقتصرا على الكاميرون وكوت ديفوار، وقبل انطلاق الجولة الأخيرة كان "الأسود غير المروضة" في الصدارة بـ20 نقطة، فيما يحتل "الأفيال" وصافة الترتيب بـ19 نقطة.
في الجولة الأخيرة خرج منتخب كوت ديفوار لمواجهة السودان، بينما لعب منتخب الكاميرون على أرضه وأمام جمهوره ضد مصر، وهو أمر آخر يمنح الأفضلية للأسود في الصراع مع الأفيال.
المنتخب الإيفواري فاز (3-1) على السودان، فيما فشل منتخب الكاميرون في الحفاظ على تقدمه وسقط في فخ التعادل مع مصر (1-1) بفضل هدف قاتل سجله محمد شوقي في الدقيقة 79.
وفرط أصحاب الأرض في فرصة ذهبية للفوز، بعدما أهدر بيير وومي ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة.
وبهذا انتقلت بطاقة التأهل في اللحظات الأخيرة من الكاميرون إلى كوت ديفوار، الذي كان شعبها في أمس الحاجة لفرحة اللعب في المونديال لأول مرة.
خطاب دروجبا
بعد التأهل لنهائيات كأس العالم اجتمع دروجبا مع باقي عناصر المنتخب في غرفة الملابس بملعب "أم درمان"، ليتلو خطابا يدعوه فيه أبناء بلده للوحدة.
وقال دروجبا، الذي كان في مستهل مشوار تألقه مع تشيلسي وقتها: "يا رجال ونساء ساحل العاج، في الشمال والجنوب والوسط والغرب، أثبتنا اليوم أن بإمكان العاجيين أن يتعايشوا في سبيل هدف مشترك ألا وهو التأهل لكأس العالم".
وأتم: "وعدناكم بأن الاحتفالات ستوحد الشعب، واليوم نلتمسكم، يجب ألا ينحدر بلدنا الأفريقي الغني إلى الحرب، أرجوكم ألقوا أسلحتكم وأجروا انتخابات جديدة".
تم تسجيل خطبة دروجبا، وانتشرت على نطاق واسع، وفي الأسابيع التالية حدث تقارب بين جانبي الصراع الذين أوقفا عجلة الحرب ودخلا مرحلة المفاوضات، ووقعا في نهاية المطاف على اتفاق لوقف إطلاق النار.
في عام 2007، والذي شهد النهاية الرسمية للحرب، أعلن دروجبا مواجهة مدغشقر في مدينة بواكي الشمالية عاصمة المتمردين، وليس في العاصمة أبيدجان كما كان مقررا، وانفجرت البلاد فرحا بفوز المنتخب (5-0)، وتأكد زوال الفروق بين الشمال والجنوب.
جدير بالذكر أن نتائج الانتخابات التي تم الاتفاق على عقدها أصبحت مثار خلاف، لتندلع حرب جديدة في 2010 استمرت عدة أشهر، لكن هذا لا يمحو الدوري التاريخي الذي لعبه دروجبا في إنهاء الحرب الأهلية الأولى، التي راح ضحيتها قرابة 3 آلاف شخص نصفهم من المدنيين.
aXA6IDMuMTQ0LjQ3LjExNSA=
جزيرة ام اند امز