حج صديق للبيئة في مواجهة التحديات اللوجستية
يهدف مشروع "الحج الأخضر" الذي بدأ تطبيقه هذا العام في منى، إلى تقديم مخيمات صديقة للبيئة للتقليل من النفايات.
يفرز عامل نظافة في مخيم للحجاج في منى في السعودية النفايات في سلتين مختلفتين، واحدة للمخلفات العضوية والأخرى للقوارير البلاستيكية والعبوات في إطار تجربة لمشروع بيئي لجعل الحج "أخضر"، أو صديقا للبيئة.
ومخيم المأمونية المخصص للحجاج السعوديين أو المقيمين في السعودية، واحد من عدد قليل من المخيمات التي بدأت تجربة فكرة الحج الصديق للبيئة" لهذا الموسم.
وتم وضع نحو عشرين حاوية نصفها باللون الأسود من أجل النفايات العضوية وبقايا الطعام، والنصف الآخر باللون الأزرق من أجل قوارير وعبوات المياه والمشروبات وغيرها.
ويشكل الحج تحديا لوجستيا كبيرا للسلطات السعودية، التي تقوم بتنظيم سير الحجاج والحفاظ على نظافة المواقع.
ومع وجود أكثر من مليوني حج في السعودية هذا العام، فإن الحفاظ على نظافة المواقع المقدسة يشكل تحديا بيئيا باعتراف السلطات السعودية التي تسعى لتقديم حلول لمواجهته.
وينشغل عمال نظافة يرتدون اللون الأخضر فترة الحج على مدار الساعة في كنس الشوارع وإزالة المهملات مثل قوارير المياه البلاستيكية وعلب المشروبات الغازية وغيرها.
إلا أن التحدي ما زال قائما بسبب الازدحام الشديد وتكدس كميات النفايات الكبيرة بحسب السلطات السعودية.
ويقول مساعد مدير عام النظافة في أمانة العاصمة المقدسة "بلدية مكة" محمود الساعاتي إن دائرته تواجه تحديات عدة في التنظيف موسم الحج من بينها "كثافة النفايات والإنتاج العالي لها".
ويشير إلى عوامل أخرى مثل "المناخ وضيق المساحة وتعدد الجنسيات وزيادة الأعداد" بالإضافة إلى تحرك الحجاج المستمر من موقع إلى آخر.
ويعدّ الحج من أكبر التجمعات البشرية سنويا في العالم، ويشكل أحد الأركان الخمسة للإسلام وعلى من استطاع من المؤمنين أن يؤديه على الأقل مرة واحدة في العمر.
ويشير الساعاتي إلى أنه في موسم شهر الحج الماضي كان هناك "42 ألف طن من النفايات"، ويوجد أكثر من 13 ألف عامل نظافة ومشرف على النظافة في موسم الحج.
وتهدف "رؤية 2030" التي طرحها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على وقف ارتهان الاقتصاد السعودي، الأكبر في المنطقة العربية، للنفط عبر تنويع مصادره وبينها تعزيز السياحة الدينية من خلال استقطاب 6 ملايين حاج خلال موسم الحج و30 مليون معتمر على مدى العام.
وتسعى السلطات السعودية إلى تخفيض نسبة النفايات من الحج إلى الثلث تقريبا بحلول عام 2030، بحسب الساعاتي.
وتابع "يمكن للحج أن يكون صديقا للبيئة وأخضر" عبر تحفيز الحجاج وتوعيتهم منذ البداية في دولهم قبل حضورهم إلى السعودية.
وأضاف أن "الدين الإسلامي يحث على عدم الإسراف وعدم التبذير".
مشروع "الحج الأخضر" الذي بدأ تطبيقه هذا العام في عدد قليل من المخيمات في منى، يشكل تجربة تهدف لتقديم مخيمات صديقة للبيئة للتقليل من النفايات.
ويقول حاتم مؤمنة، مدير عام مخيم المأمونية والذي يعمل في مجال الحج والعمرة منذ عشرين عاما إن "فكرة تطبيق مخيم صديق للبيئة مهمة جدا لنا للحفاظ على قدسية المكان" مشيرا إلى أن شركته تشجعت لتطبيق هذه الفكرة بعد أن سمعت عنها من معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة.
ويعترف أن مخيمه ليس صديقا للبيئة بشكل كامل، مؤكدا أنه "مجرد بداية"، موضحا أن الحج تحدٍّ بيئي بسبب العدد الكبير للناس الذين يشاركون فيه.
ووضعت لافتات في المخيم تحث على فرز النفايات بشكل صحيح، وأخرى فيها شعار إعادة التدوير باللون الأخضر بالقرب من صورة الكعبة مع شعار "تصدق بها لا تلقها".
ويوجد أكثر من 600 حاج بين رجال ونساء في المخيم.
ويؤكد القائمون على هذه المبادرة أن النفايات الصلبة سيتم بيعها بعد موسم الحج إلى مصانع إعادة التدوير وتخصيص ريعها للمؤسسات الخيرية.
وأضاف "كل حاج يقوم بصدقة.. عبر رميه نفاياته" مشيرا أن الوازع الديني "شجع الكثير من الحجاج على الالتزام بهذه الخطة".