تبعات اقتصادية وموسم كارثي.. كيف ينجو سيميوني من ضربة قاضية؟
أسبوع مأساوي مرّت به كتيبة المدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني المدير الفني لفريق أتليتكو مدريد الإسباني.
أتلتيكو يسقط بشكل متتالٍ بسيناريوهات درامية ويفقد 50% من حظوظه في كافة المنافسات هذا الموسم.
الهتاف الشهير في ملعب "واندا ميتروبوليتانو": "أوليه أوليه!.. تشولو سيميوني" لم يعد يثير الضجيج كما كان سابقًا.
قبل أسبوع واحد من الآن، وفي سيناريو مؤلم، يهدر أتلتيكو مدريد ركلة جزاء حاسمة في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل من الضائع أمام باير ليفركوزن الألماني، ليتأكد خروج الفريق من دوري أبطال أوروبا.
ليست المرة الأولى التي يودع فيها سيميوني دوري الأبطال من مرحلة المجموعات، ولكن الفريق كان يقتنص المركز الثالث، وربما يعوض الفشل في دوري الأبطال بتتويج في البطولة الأقل توهجًا، الدوري الأوروبي.
لكن في هذه المرة، فشل "تشولو" في الاحتفاظ بالمركز الثالث بعد هزيمة أمام بورتو البرتغالي ألقرغم ذلك، لا تتوقف إدارة النادي عن دعم المدير الفني الذي لا يمكن إنكار أنه قد غيّر وجه الفريق محليًا وقاريًا في العقد الأخير.
ويدعم إنريكي سيريزو رئيس النادي، المدير الفني الذي يمتلك عقدًا مع الفريق حتى عام ، 2024 في تصريحات أبرزتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية: "هناك الكثير من الأحاديث، ولكن سيميوني هو مدربنا ويستطيع البقاء كما يريد".
إرث سيميوني أكبر مما حققه كمدير فني، فيعتقد الكثيرون في مدريد أن الرجل قد غيّر عقلية النادي وقدرته على التنافسية. وقبل ذلك، كانت له مسيرة تستحق التقدير كلاعب لدى الفريق.
خسارة ثالثة محليًا هذا الموسم أبقت أتلتيكو في المركز الثالث، بفارق 9 نقاط عن الجار اللدود وحامل اللقب ريال مدريد.
بين المبارتين، لم ترحم سيناريوهات كرة القدم سيميوني ورجاله، فبعدما عاد الفريق من تأخر بهدفين دون رد إلى التعادل الإيجابي 2-2، اقتنص قادش هدفًا ثالثًا في الدقيقة 9 من الوقت بدل من الضائع.
"أتليتكو يموت ليوم آخر" .. عنوان حملته صحيفة "آس" الإسبانية تعقيبًا على الخسارة أمام قادش بعد 3 أيام من عنوان مشابه: "أتليتكو يموت مرتين".
أزمة اقتصادية
تبعات الخروج الأوروبي عادة ما تكبد الأندية أكثر من مجرد إضرار بالسمعة الرياضية.
أكثر من ما يعادل 17 مليون جنيه استرليني سيفقدها الفريق مبدئيا، كان عادة يضمن تحصيلها كمكافأة في حال بلوغ ربع النهائي الأوروبي.
وسيتضرر أتلتيكو مدريد أيضًا بشكل إضافي نتيجة عدم لحاقه بركب الدوري الأوروبي، والتي كانت تضمن حصيلة من المكافآت المادية أيضًا في حال الوصول لأدوار متقدمة.
ووفقًا لتقرير "ديلي ميل"، فإن نادي العاصمة الإسبانية قد يضطر لبيع أبرز نجومه لتقليل فجوة الخسائر المادية المتوقعة.
البرتغالي جواو فيليكس قد يكون على رأس قائمة المغادرين في أقرب فرصة، وبالأخص بعد تحجيم دوره الأساسي في الفريق منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.
ويصف تقرير الصحيفة البريطانية فيليكس بأنه "أغلى لاعب احتياطي في أوروبا في الوقت الحالي، حيث تبلغ قيمته السوقية حاليًا ما يقارب 114 مليون جنيه إسترليني".
الضربة الأقوى
خلال مسيرة تمتد لـ11 عامًا حتى الآن، تعرض المدير الفني الأرجنتيني لكثير من الضربات والشكوك حول إمكانية استمراريته في مقعده لدى النادي الإسباني.
التحدي الأكبر كان يتمثل في فقدان عدد كبير من نجوم الفريق دفعة واحدة، ومدى قدرته على إعادة البناء.
حدث ذلك للمرة الأولى في 2014، فبعد خسارة نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ريال مدريد والفوز بالدوري الإسباني على حساب برشلونة، وفقدانه لكتيبة كبيرة من نجومه، وعلى رأسهم المهاجم دييجو كوستا وحارس المرمى تيبو كورتوا، والظهير الأيسر فيليبي لويس.
شكوك كبيرة كانت تحوم دائمًا حول مدى استقرار الفريق ومدى تكيف الأسماء الجديد على طريقة سيميوني التي تميل أكثر للدفاع، وفي كل مرة ربح سيميوني الرهان.
مع فقدان النجوم، وسطوة ريال مدريد وبرشلونة على غالبية البطولات المحلية، اقتنص سيميوني لقبين من الدوري الإسباني.
اللقب الأول جاء من قلب "كامب نو" وأمام جيل تاريخي لبرشلونة في موسم 2014/2015.
أما اللقب الثاني فكان ذي وهج أقل، بعد غياب الاحتفال الجماهيري في موسم 2020/2021، كتبعات لانتشار جائحة كورونا.
في موسم 2017-2018، زادت الشكوك كالعادة حول إمكانية استمرار سيميوني كمدير فني للفريق بعد توديع دوري أبطال أوروبا من مرحلة المجموعات، ولكن في نهاية الموسم كان الفريق متوجًا بالدوري الأوروبي على حساب مارسيليا الفرنسي في المباراة النهائية.
ولاحقًا، تُوج الفريق بالسوبر الأوروبي على حساب الغريم ريال مدريد في مباراة شهدت دوافع انتقامية أمام الجار اللدود الذي حرم "التشولو" من تزيين مسيرته بلقب دوري الأبطال في مناسبتين.
السوبر الأوروبي هو إحدى البطولات المفضلة لدييجو مع أتليتكو مدريد، حيث توج بها في 3 مناسبات من إجمالي 10 ألقاب توج بها النادي خلال حقبة ذهبية تاريخية.
في هذه المرة.. الضربة تبدو أقوى
هيكل نادي أتليتكو مدريد يبدو أقوى اقتصاديًا. الفريق بات من الأسماء الكبرى في القارة –وهو أمر صنعه سيميوني بلا شك-.
تدعيمات الفريق على مدار المواسم السابقة قوية للغاية، على عكس بداية مسيرة المدير الفني في 2011 في وقت كان يعاني فيه النادي فنيًا واقتصاديًا.
استمرار المدير الفني للأرجنتيني طوال هذه المدة يُعد معجزة رياضية في تاريخ النادي، فقبله تناوب على المقعد الفني 50 اسمًا خلال 25 عامًا، ويُذكر أن آنخيل جيل، والد المدير التنفيذي الحالي للنادي والرئيس السابق للنادي، قام بتغيير 6 مدربين خلال موسم واحد.
هل يسقط "التشولو" امام ضربة تبدو أقوى من أي ممن تعرض لها خلال مواسمه السابقة؟
أم، كما اعتاد، يستطيع أن يُولد من جديد من رحم رماد الفشل الأوروبي؟
ميجيل آنخيل جيل، المدير التنفيذي للنادي، ينظر للأمر من الناحية الرياضية ويتفق مع رئيس النادي في دعم سيميوني.
ويقول جيل في تصريحات أبرزتها شبكة ESPN: "نعترف بأنه فشل كبير. ولكن علينا ألا نفقد تركيزنا. نعمل على انتقاد أنفسنا، والكل مسؤول عن تلك النتيجة".
وأتم: "موسمنا لم ينته بعد. نحل ثالثًا في الدوري، وسنبدأ مسيرتنا في كأس الملك قريبًا. علينا أن نحتفظ على تركيزنا ووحدتنا التي تمثل نقطة قوة كبيرة لنا".