توقف نبض المعرفة بالسودان.. قصة 3 سنوات من إغلاق المدارس
لـ3 سنوات.. لم تتذوق دور التعليم بالسودان طعماً للعافية بعد أن ظلت مهجورة لا يصدر من داخلها سوى أصوات الخفافيش عوضاً عن صياح التلاميذ.
مشهد يعكس توقف نبض المعرفة تماما تاركاً لعلائلات الطلاب في المراحل الدراسية المختلفة القلق والخوف على المستقبل التعليمي لأبنائهم، بينما تسلل اليأس والإحباط ووجد طريقا سالكا نحو غالبية الطلاب إزاء التعطيل والإغلاق المتكرر للمؤسسات التعليمية.
وأتى هذا التأخير بفضل الثورة الشعبية التي انطلقت في يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، ومنها لم تشهد العملية التعليمية أي استقرار بعد أن أعقبتها التدابير الاحترازية لفيروس كورونا المستجد، بجانب كارثة السيول والفيضانات التي ضربت البلاد والتي أدت جميعها إلى إغلاق المدارس والجامعات في السودان.
ويروي جلال الدين عبدالله، طالب جامعي, قصة ضياع 3 سنوات من عمره بلا تعليم، الأمر الذي شكل ضغطا نفسيا وإحباطا له ولعائلته التي كانت تترقب تخرجه في هذه السنة 2021.
ويقول عبدالله لـ"العين الإخبارية": "التحقت بجامعة السودان كلية الإنتاج في عام 2017، وقبل أن أكمل السنة الأولى اشتعلت الثورة الشعبية، وأصدرت حكومة المعزول عمر البشير قرارات قضت بإغلاق المدارس والجامعات، وكان يجب أن أكون أكملت الدراسة ولكن حتى الآن بالمستوى الثاني".
وأضاف: "كنت خططت لحياتي وفق مواقيت زمنية محددة، ولكن علي الانتظار 3 سنوات أخرى, لقد ارتبكت مسيرتي وضاع كل شي".
وخلال العامين الماضيين سعت الحكومة الانتقالية لاستقرار العملية التعليمية، ولكن جائحة كورونا وكارثة السيول والفيضانات ظلت تعرقل الدراسة في المراحل المختلفة، ولم يكتمل العام الدراسي دون أن يتوقف لمرات عديدة.
وقبل أسابيع جرى استئناف الدراسة في المراحل الإعدادية والثانوية والجامعية، لكن فرحة الطلاب وعائلاتهم لم تدم طويلاً، إذ قررت لجنة الطوارئ الصحية بالسودان تعليق الدراسة لمدة شهر بسبب موجة حادة من فيروس كورونا تعيشها حالياً البلاد".
وتقول أم سلمة عباس، وهي والدة لـ3 طلاب في المرحلة الإعدادية: "لقد تضررنا كثيراً من الإغلاق المتكرر للمدارس، لقد كنا نفكر في تجميد العام الدراسي المتذبذب لأطفالنا، ولكن لا فائدة".
وأضافت عباس خلال حديثها لـ"العين الإخبارية": "لقد كانت الكثير من قرارات إغلاق المدارس مفيدة لأبنائنا، خاصة المتصلة بالتدابير الاحترازية لكورونا، ولكن هناك مناسبات لا تستدعي تعطيل الدراسة حاليا، لا سيما أن الجائحة في تراجع والعالم يتعايش معها، كان ينبغي أن يترك العملية التعليمية مستمرة حتى يعوض الطلاب السنين الضائعة".
واضطرت السلطات التربوية في السودان إلى تقصير مدة العام الدراسي وإلغاء الإجازات بين الفصول الدراسية، في محاولة لتعويض الفاقد الذي خلفة الإغلاق المتكرر للمؤسسات التعليمية.
ويشير الخبير التربوي أحمد محمود إلى أن التعطيل المتكرر بسبب كورونا والأوضاع الاقتصادية والكوارث الطبيعية خلال الـ3 سنوات الماضية كان لها أضرار كبيرة على عائلات الطلاب والدولة، خاصة مع حدوث ربكة وتداخل بين السنوات الدراسية وتراكم مقلق في الصف الأول الإعدادي نتيجة توقف عمليات النقل وقبول تلاميذ جدد.
وقال محمود لـ"العين الإخبارية": "الحل الأمثل لهذه المشكلة أن تمضي السلطات التربوية في خطة تقصير العام الدراسي والإجازات لـ3 سنوات قادمة على الأقل، لتعويض هذه الخسائر واستعادة الحياة لقطاع التعليم في السودان".
وكان العام الدراسي في السودان لمرحلتي التعليم الأساسي يبدأ في يونيو/حزيران-يوليو/تموز وينتهي في مارس/آذار-إبريل/نيسان، ولكن تم تقصيره ليبدأ من سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول وحتى أبريل/نيسان أو مايو/أيار، وجرى تعطيله حالياً نتيجة كورونا في أثناء امتحانات النقل النهائية، وهو ما زاد إحباط العائلات.
aXA6IDE4LjIyMy4yMTAuMjQ5IA==
جزيرة ام اند امز