«نقص البيض».. أول أزمة سياسية تواجه ترامب

لا تزال الولايات المتحدة تكافح أزمة في توفر البيض منذ فترة، يزيد من وطأتها درجة من تفشي إنفلونزا الطيور.
وقال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إنه قبل الساعة السادسة صباحًا، تبدأ المكالمات والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني في التدفق من المطاعم والمخابز وغيرها من الشركات التي تكافح للحصول على البيض الذي ارتفعت أسعاره إلى مستويات قياسية، متجاوزًا 8 دولارات للدزينة (عبوة من 12 بيضة) التي كانت تساوي 2.25 دولار فقط في الخريف السابق.
وأما المزارع الصغيرة فتواجه أزمة أكثر حدة. إذ إن اكتشاف حالة واحدة من فيروس H5N1 يعني القضاء على القطيع بالكامل، مما قد يؤدي إلى تدمير واسع النطاق بين عشية وضحاها.
ومع ذلك، فالمعاناة ليست بنفس الدرجة للجميع. فقد شهدت شركة Cal-Maine Foods، أكبر منتج للبيض في الولايات المتحدة، ارتفاعًا هائلًا في إيراداتها.
أرباح هائلة
وبلغت أرباح الشركة، التي تبيع البيض إلى Walmart ومتاجر أخرى، 954 مليون دولار في الربع المنتهي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بزيادة قدرها 82%. كما قفز صافي دخلها بأكثر من 500% ليصل إلى 218 مليون دولار، وذلك بفضل ارتفاع الأسعار، وانخفاض تكاليف العلف، وعمليات الاستحواذ على الشركات الأصغر.
وشهدت صناعة البيض اندماجًا كبيرًا خلال العقود الثلاثة الماضية، حيث تسيطر Cal-Maine، إلى جانب أربع شركات كبرى أخرى، على نصف سوق البيض الأمريكي. وتشمل هذه الشركات Rose Acre Farms، التي تدير 17 منشأة عبر الجنوب والغرب الأوسط، وDaybreak Foods، التي تزود McDonald’s بالبيض، وHillandale Farms، التي تبيع البيض تحت علامتها التجارية الخاصة وعلامات تجارية أخرى.
وفي عام 2022، تسببت إنفلونزا الطيور في خسائر فادحة للصناعة، حيث أصابت أو قتلت 162 مليون طائر، مما أدى إلى انخفاض عدد الدجاج المنتج للبيض بشكل كبير. وأعلنت Cal-Maine عن تفشي المرض في مزرعتين، مما أدى إلى فقدان 2.6 مليون دجاجة وكتكوت.
دعوات لتنظيم السوق
ومع تجاوز أسعار البيض 10 دولارات للدزينة في بعض الأماكن، أثار اندماج الشركات مخاوف متزايدة. ووجهت مجموعة من المشرعين الديمقراطيين، بقيادة السيناتور إليزابيث وارن من ماساتشوستس، رسالة إلى الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي، محذرين من أن منتجي البيض والمتاجر الكبرى قد يستغلون تفشي إنفلونزا الطيور لتقليل المعروض ورفع الأسعار لتحقيق أرباح أعلى.
وكانت أسعار البيض قد باتت قضية سياسية خلال الحملات الرئاسية السابقة. وفي حملته الانتخابية، ألقى ترامب باللوم على إدارة بايدن في التضخم ووعد بخفض أسعار المواد الغذائية. والآن، يطالب الديمقراطيون إدارة ترامب باتخاذ إجراءات.
وقالت وارن لصحيفة نيويورك تايمز: "وعد دونالد ترامب بخفض أسعار الغذاء في 'اليوم الأول'، لكن العائلات العاملة بحاجة إلى الإغاثة الآن".
وفي 16 فبراير/شباط، دعا ألفارو م. بيدويا، وهو مفوض ديمقراطي في لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، رئيس اللجنة الجديد أندرو فيرغسون إلى التحقيق في ممارسات تسعير البيض.
كما تضغط مجموعات مثل Farm Action، التي تعارض الاحتكارات في الزراعة، وقد أرسلت رسالة وزارة العدل في 12 فبراير/شباط، تطالب فيها بالتحقيق في التلاعب المحتمل بالأسعار.
ومن جهتهم، يقول منتجو البيض إن السبب الرئيسي في الأزمة هو إنفلونزا الطيور وزيادة الطلب الاستهلاكي المستمرة منذ 23 شهرًا على التوالي. وقالت إميلي ميتز، رئيسة مجلس البيض الأمريكي، في بيان عبر البريد الإلكتروني: "إن الجمع بين انخفاض المعروض وارتفاع الطلب هو السبب المباشر لارتفاع الأسعار."
قضايا سابقة
وواجهت صناعة البيض تدقيقًا قانونيًا في السابق. ففي عام 2011، رفعت شركات أغذية كبرى، مثل Kraft وGeneral Mills، دعوى قضائية ضد أكبر منتجي البيض، متهمةً إياهم بالتواطؤ لتقليل العرض ورفع الأسعار.
واستندت الدعوى إلى وثائق، من بينها رسالة من عام 2001 تحث أعضاء United Egg Producers، وهي مجموعة تجارية، على تقليل حجم القطعان بنسبة 5% لضمان أسعار مربحة للبيض.
وفي 2023، وجدت هيئة المحلفين أن المنتجين تورطوا في التلاعب بالأسعار، وأمرت الشركات بدفع 17.7 مليون دولار كتعويضات، وهو مبلغ تضاعف بموجب قوانين مكافحة الاحتكار إلى 53 مليون دولار.
ومع استمرار ارتفاع الأسعار وزيادة الضغوط السياسية، تخضع صناعة البيض لمزيد من التدقيق. وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الجهات الفيدرالية ستتخذ إجراءات، فإن المعركة حول أسعار البيض لم تنتهِ بعد.