محاربة الفساد في مصر تشتعل يوما بعد الآخر، فخلال 11 يوما فقط، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية بالدولة من ضبط "مرتشين".
محاربة الفساد في مصر تشتعل يوما بعد الآخر، فخلال 11 يوما فقط، تمكنت هيئة الرقابة الإدارية بالدولة من ضبط "مرتشين" ما بين مسؤولين حاليين وسابقين برشاوى ضخمة، أصبحت حديثا للمصريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولعل أشهر قضايا الرشوة والفساد المالي التي كشف عنها جهاز الرقابة الإدارية بمصر خلال الأيام الماضية القضية المعروفة إعلاميا بـ"مغارة علي بابا"، فقد ألقت الأجهزة الأمنية في مصر، يوم الثلاثاء 27 ديسمبر/كانون أول القبض على جمال الدين اللبان مسؤول المشتريات بمجلس الدولة، مؤسسة قضائية، وبحوزته مبلغ يعادل 150 مليون جنيه مصري فضلا عن عقود لأراض وعقارات وكذلك مصوغات ذهبية.
في مساء اليوم نفسه، وعن طريق هيئة الرقابة الإدارية أيضا، تم ضبط محمد فتحي صادق، رئيس الحي المتميز بجهاز تنمية مدينة 6 أكتوبر خلال تقاضيه 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة نظير عدم تحرير مخالفات ضد مبنى مخالف قيد الإنشاء بالمدينة.
ومثلما انتهى عام 2016 بقضية رشوة من العيار الثقيل، بدأ العام الجديد بفضيحة داخل ديوان محافظة القاهرة؛ بعد ضبط مدير أمن الديوان متلبسا بتلقي رشوة 50 ألف جنيه مقابل إنهاء إجراءات تراخيص معطلة لعقار، بسبب عدم مطابقة العقار للاشتراطات الخاصة بقانون الإدارة المحلية، وواجهته النيابة بالتسجيلات الصوتية التي قامت بتسجيلها هيئة الرقابة الإدارية وقامت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وفي الثاني من يناير مطلع العام الجاري 2017، ألقت الإدارة العامة لمباحث التموين، القبض على مسؤول شونة قمح بمحافظة الفيوم الواقعة جنوبي القاهرة؛ لتلاعبه في أرصدة الأقماح المحلية توريد موسم 2016، المدعمة من الدولة واﻻستيلاء على 4638 و996 كيلو أقماح وقيامه ببيعها في السوق السوداء.
وأخيرا ضبط رئيس قسم أملاك الدولة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الدوار السابق، متهما بتسهيل الاستيلاء على 18 فدانا من أملاك الدولة تقدر قيمتها بـ113 مليون جنيه.
الضبطيات لمذكورة على سبيل المثال وليس الحصر، وبحسابها إلى جانب قيمة عقود السيارات والأراض وقيمة فدادين القمح وغيرها من المضبوطات المختلفة، نجد أنها تقارب الـ300 مليون جنيه أو ربما تزيد، فقط في 11 يوما، وجانب كبير من المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي تساءل ماذا ستفعل الدولة بهذه الضبطيات وفي أية مصارف ستوجهها.
الأحراز والخزينة
قال الدبلوماسي المصري والمفكر الاقتصادي جمال بيومي، إن الملايين التي تضبطها الدولة في قضايا الفساد أو الرشوة أو غيرها يتم اعتبارها "أحرازا" في القضايا الخاصة بها حتى تصدر أحكام نهائية في القضايا.
وأوضح، في تصريح خاص لـ"العين"، أنه بعد صدور الحكم النهائي بإدانة المتهم يتم توريد هذه المبالغ المُتحفظ عليها إلى وزارة المالية فتتحول مباشرة إلى "إيرادات" للدولة يُستفاد بها في تمويل المشروعات والقطاعات التي بحاجة إلى دعم مالي، ومثلها في ذلك مثل الإيرادات التي تحصلها الدولة من مصادر الدخل الأخرى كقناة السويس أو السياحة.
وقال بيومي إن الدولة لو أرادت التلاعب بهذه الأموال وكان بها مستوى ثانٍ من الفساد لما كانت أعلنت عن هذه الضبطيات في الأساس.
ومن جانبها، تؤكد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة يمنى الحماقي، إن مضبوطات الرشاوى تدخل خزينة الدولة، وهي بحاجة شديدة لكل جنيه لا سيما وأنها تعاني عجزا شديدا بين الإيرادات العامة والنفقات العامة، وضخ الأموال بالخزينة يسهم ولو بشكل ضعيف في تقليل نسبة العجز.
وفي تصريحات خاصة لـ"العين"، أبدت "الحماقي" توقعات كبيرة بضبط ملايين الجنيهات خلال الفترة القادمة إذا ما استمرت مكافحة الفساد في مصر على النحو المتبع حاليا، وأكدت أن خطورة الفساد أنه مُستشرٍ ومُمنهج وشديد التعقيد داخل المؤسسات.
وقالت إن كثرة الضبطيات تعطي انطباعا أن الفاسد ستتم ملاحقته عاجلا أو آجلا، وتسهم في تراجع معدلات الفساد.
وأشارت إلى فكرة اعتماد موازنة خاصة للبرامج والأداء، وقالت إنه حال تطبيقها ستكون أقوى آلية لمكافحة الفساد، وعلى سبيل المثال كأن ترصد الدولة مبلغا لتطوير التعليم في نواحٍ معينة خلال عام، وفي نهاية العام تراقب الدولة الأثر العملي للخطة وإذ لم يتحقق الهدف المُخطط له تكون الأموال قد أُهدرت في أمور أخرى، ويظهر الفاسد بسهولة، فهي أفضل آلية لكشف الفاسدين.
aXA6IDMuMTQ5LjI1LjEwOSA= جزيرة ام اند امز