مصر وقبرص.. شراكة استراتيجية في تصدير الغاز بشرق المتوسط

وقعت مصر وقبرص، الإثنين، اتفاقيات تسمح بتصدير الغاز من حقول قبرص البحرية إلى مصر لتسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا.
وذلك في إطار سعي البلدين إلى تعزيز وضع شرق البحر المتوسط كمركز للطاقة.
وتضفي الاتفاقيات التي جرى توقيعها خلال مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة (إيجبس 2025) طابعاً رسمياً على خطة طال انتظارها لربط الاحتياطيات القبرصية بمرافق الغاز الطبيعي المسال في مصر، وهي خطوة تستفيد من البنية التحتية الحالية لمعالجة الغاز الطبيعي في مصر وشحنه إلى الأسواق الأوروبية.
وشهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره القبرصي نيكوس كريستودوليديس، في القاهرة، توقيع أول اتفاقيتين بين البلدين في مجال الغاز.
وتأتى الاتفاقيتان في إطار استراتيجية وزارة البترول المصرية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي، من خلال استقبال الغاز المنتج من اكتشافات شرق المتوسط وتوجيهه إلى السوق المحلية وإعادة تصديره إلى أوروبا.
وقَّع الاتفاقية الأولى كريم بدوي، وزير البترول المصري، وجورج باباناستاسيو، وزير الطاقة والتجارة والصناعة القبرصي، وكلاوديو ديسكالزى رئيس شركة «إيني» الإيطالية، أما الاتفاقية الثانية فوقعها كلاي نيف رئيس شركة «شيفرون» العالمية لأنشطة الاستكشاف والإنتاج.
وتعد الاتفاقيتان خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون بين مصر وقبرص في مجال الطاقة، وتمثلان بدايةً لتطوير الاكتشافات القبرصية باستخدام التسهيلات المصرية، في حين تستمر المفاوضات لجلب مزيد من الغاز القبرصي إلى مصر.
كان الرئيسان المصري والقبرصي قد شهدا افتتاح مؤتمر ومعرض مصر الدولي للطاقة «إيجبس 2025» في القاهرة، الذي انطلق (الإثنين) ويستمر يومين.
- رسائل جديدة من ترامب بشأن الغاز والدولار والسيارات وبريكس
- «لم نوقف الحفر يوما».. «بي بي» تبدأ إنتاج الغاز مبكرا من «ريڤن» في مصر
وقال رئيس شركة «إيني» الإيطالية كلاوديو ديسكالزي، خلال افتتاح المؤتمر: «نشهد اليوم خطوة للتعاون في قطاع الطاقة مع مصر وقبرص، وهي توقيع اتفاق لتنمية وتطوير حقل (كرونوس) القبرصي للغاز الطبيعي باستغلال البنية التحتية في مصر لتعظيم الاستفادة منها». موضحاً أنه «سيتم نقل الغاز ومعالجته في تسهيلات حقل (ظُهر) المصري، ومن ثم تسييله في مصنع دمياط للغاز الطبيعي المسال للتصدير إلى الأسواق الأوروبية».
وأضاف أن «الاتفاقية تعكس الشراكة الناجحة بين مصر وقبرص في إطارٍ للتعاون يتخطى الطاقة، حيث تعمل على مد جسور التعاون ودعم النمو الاقتصادي والاستدامة وإطلاق الفرص الاقتصادية».
وفي بيان صحافي لشركة «شيفرون» العالمية، أوضحت أن توقيع الاتفاقية بين مصر وقبرص «يمثل إنجازاً مهماً لتنفيذ الاتفاقيات التجارية الرئيسية الخاصة بمشروع غاز أفروديت (حقل أفروديت قبالة سواحل قبرص) ودعم نجاح هذا الحقل المهم».
وقال فرانك كاسولو، نائب رئيس «شيفرون» للاستكشاف والإنتاج الدولي: «ترحب (شيفرون) بالتوقيع على مذكرة التفاهم اليوم، التي تمثل أساساً قوياً للمضيّ قدماً في إتمام الترتيبات التجارية التي تتضمنها المذكرة. إنّ (شيفرون) وشركاءها في هذا المشروع المشترك يؤكدون التزامهم بتطوير مشروع (أفروديت) للغاز الطبيعي، الذي يمثل مورداً مهماً لدولة قبرص، وجزءاً أساسياً من محفظة مشروعات (شيفرون) في منطقة شرق المتوسط، بالإضافة إلى دوره الحيوي في تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي لمصر، وتمكينها من تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد».
وتتضمن خطة التطوير والإنتاج (DPP) المعتمدة، وحدة إنتاج عائمة (تُعرف أيضاً بمنشأة معالجة الغاز) داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) القبرصية، بالإضافة إلى خط أنابيب لتصدير الغاز إلى مصر.
تجدر الإشارة إلى أن «شيفرون» تمتلك قاعدة موارد غازية كبيرة في منطقة شرق المتوسط (بموارد إجمالية تصل إلى 45 تريليون قدم مكعبة من الغاز)، مع وجود فرص توسع بارزة لتلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي خلال العقود القادمة.
وبمرور الوقت، من المتوقع أن يصبح مشروع «أفروديت» جزءاً رئيسياً من شبكة «شيفرون» الإقليمية للأصول عالية الاعتمادية، إذ يسهم تطوير المشروعات العالمية للشركة في دفع النمو الاقتصادي، وتحسين أمن الطاقة على المستويين الإقليمي والعالمي.
وتشمل اتفاقيات اليوم معالجة الغاز المستخرج من منطقة الامتياز السادسة بحقل كرونوس في منشآت حقل ظهر في مصر قبل تسييله في مصنع إسالة الغاز الطبيعي في دمياط وتصديره إلى أوروبا. ويجري تشغيل هذا الموقع حاليا بموجب ترخيص مشترك بين إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية.
وخلال السنوات الماضية، جرى الإعلان عن بعض من اكتشافات الغاز الكبرى في منطقة شرق البحر المتوسط لكن انقطاع إمدادات الطاقة من روسيا بعد تدشين حربها في أوكرانيا في عام 2022 أدى إلى زيادة اهتمام أوروبا بالحصول على الإمدادات من أماكن أخرى.
وذكر بيان صدر عن الرئاسة القبرصية أن "جوهر هذه الاتفاقيات لا يقتصر على تعزيز استغلال الاحتياطيات، بل (يمتد) ليوسع آفاق التعاون في مجال الطاقة مع مصر، مع المساهمة في استقرار المنطقة وتعزيز الموقف الجيوسياسي لبلدنا في شرق البحر المتوسط".
وقال مسؤولون قبارصة في وقت سابق إنهم يتوقعون أن يبدأ إنتاج الغاز من منطقة الامتياز السادسة بحقل كرونوس في عام 2026 أو 2027. وتقدر احتياطيات الغاز في كرونوس بما يزيد على 3 تريليونات قدم مكعبة.
ويضم حقل أفروديت ما يقدر بنحو 3.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز. ووفقاً لإفصاح قدمته نيو ميد الإسرائيلية، الشريكة في الكونسورتيوم، للبورصة أمس الأحد، من المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز في عام 2031.
وفي تحديث للإفصاح اليوم الإثنين، قالت الشركة إن مذكرة التفاهم "غير الملزمة" تنص على أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) ستكون المشتري الوحيد للغاز المنتج من أفروديت في حين سيتم منح الشركاء خيار شراء كميات محددة من الغاز المباع إلى إيجاس في صورة غاز طبيعي مسال.
ويأتي توقيع الاتفاق بشأن حقل أفروديت في أعقاب التقدم الذي جرى إحرازه في الآونة الأخيرة بين قبرص والكونسورتيوم بقيادة شيفرون بعد خلاف حول خطة التطوير استمر لشهور.
ويوفر هذا الاتفاق دفعة قوية لمصر التي تعاني انخفاض إنتاج الغاز المحلي وعادت العام الماضي إلى كونها مستوردا صافيا للغاز الطبيعي.
ووقعت مصر في الآونة الأخيرة اتفاقيات لتوريد الغاز الطبيعي المسال بقيمة 3 مليارات دولار مع شركتي شل وتوتال إنرجيز لتغطية الطلب المحلي خلال العام الحالي.
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على حاجة البلاد إلى زيادة الإنتاج في حقل ظهر للغاز حيث استأنفت إيني المشغلة له أعمال الحفر بعد تراجع الإنتاج إلى 1.9 مليار قدم مكعبة يوميا في أوائل عام 2024.
aXA6IDMuMTQ1LjE1OC4xMTEg
جزيرة ام اند امز