ظهور مصر وغزة بنصب تذكاري لفريق اسكتلندي.. "العين الإخبارية" تكشف السبب
كان البرد قارسا، والشارع يعج بحركة متكاسلة لا يقطعها سوى مرور سريع لقطار الشارع أو الحافلات السريعة في ميدان هايماركت في إدنبرة.
الميدان يعبر عن تاريخ المدينة، ويعد استكتلنديا بامتياز، سواء فيما يتعلق بالوجوه البشرية أو المعمار، أو العلامات التاريخية، لكن كلمتي مصر وغزة تجذبان كل عين تحدق بشكل مفصل في المكان.
فالنصب التذكاري لفريق كرة قدم اسكتلندي يدعى "هيرت أوف ميدلوثيان"، يقطع الطريق المار في ميدان هايماركت، ويجذب الانتباه، لسببين: أولهما؛ أنه يخص فريق كرة قدم، وثانيهما أنه يخلد ذكرى ضحايا هذا الفريق خلال الحرب العالمية الأولى.
لكن "العين الإخبارية" رصدت كلمتي مصر وغزة محفورتين في أحد جوانبه، ما دفعنا لتقصي الأمر.
حاول مراسل "العين الإخبارية" سؤال المارة المحيطين بالمكان، فقال كريج دونالد، وهو مواطن أربعيني مقيم على مقربة من الموقع ويمر عليه يوميا، إنه "يعرف قصة الفريق، وفقدانه ٧ ضحايا في الحرب العالمية الأولى، لكنه لا يعرف لماذا يضم النصب اسمي مصر وغزة".
وتكرر الأمرر مع مارة آخرين، لا أحد يعرف لماذا مصر وعزة، وما علاقتهما بهذا الفريق، ولا توجد جملة توضيحية على النصب سوى تلك المكتوبة على صدره: "أقامه نادي هيرت أوف ميدلوثيان لكرة القدم تخليدا لذكرى لاعبيه وأعضائه الذين سقطوا في الحرب الكبرى 1914-1919".
والنصب عبارة عن عمود عريض يفوق طوله الـ٣ أمتار، ويضم ساعة عتيقة، وجدارية مكتوبا عليها العبارة سالفة الذكر، فيما زينت جوانبه أسماء محفورة منها مصر وغزة.
ما القصة؟
وفق موقع "رويال سكوتس" الحكومي الذي يختص بالتأريخ لمشاركة الأمة الاسكتلندية في الحرب العالمية الأولى، فإن هذا النصب التذكاري يعد الأهم الذي يوثق تضحيات فرقة "رويال سكوتس" العسكرية الاسكتلندية التي شاركت في الحرب ضمن جيش بريطانيا العظمى.
وجرى افتتاح النصب التذكاري في 10 أغسطس/ آب 1922 في إدنبرة، لتخليد ذكرى الذين سقطوا، وذكرى كل من قاتلوا في الحرب العالمية الأولى.
موقع نادي "هيرت أوف ميدلوثيان" الإلكتروني، أوضح ملابسات القصة، وكتب في صفحة التاريخ "في نوفمبر 1914، كان الفريق يتصدر دوري القسم الأول بشكل مريح، لكن ١٦ لاعبا اضطروا إلى تعليق أحذية كرة القدم، وارتداء أحذية الجيش، ونقلوا للقتال ضمن فرقة رويال سكوتس في الأراضي الفرنسية".
وتابع الموقع: "أصبح فريقنا أول فريق بريطاني يشارك في الحرب بشكل جماعي، وكان لاعبونا آنذاك جزءًا من كتيبة ماكراي الأسطورية (كتيبة الأسكتلنديون السادسة عشرة)، وقاتلوا ببسالة".
وفي أواخر نوفمبر/ تشرين ثاني 1914، جند السير جورج ماكراي، 1350 رجلاً في 13 يومًا فقط، بما في ذلك عدد كبير من نادي هارت أوف ميدلوثيان وغيرهم من لاعبي كرة القدم المحترفين من الأندية الاسكتلندية الكبرى، لتشكيل كتيبة "16 RS" أو كتيبة "الأسكتلنديون السادسة عشرة" كجزء من فرقة رويال سكوتس العسكرية"، وفق موقع "رويال سكوتس".
لكن الأمر تطور بشكل درامي، وفقد الجيش البريطاني ٢٠ ألف مقاتل في الأيام الأولى للحرب، بينهم ثلاثة من لاعبي هارت أوف ميدلوثيان، وفق موقع النادي.
ومع نهاية الحرب، فقد الفريق الاسكتلندي ٧ لاعبين من أصل ١٦ علقوا أحذيتهم الرياضية لصالح حمل السلاح، وجرى تخليد ذكراهم بالنصب التذكاري في ١٩٢٢.
وأوضح موقع "رويال سكوتس" أن كتيبة "16 RS"، بما فيها عناصر فريق هارت أوف ميدلوثيان، شاركوا في الحرب العالمية الأولى على عدة جبهات في أوروبا وأفريقيا وآسيا، وقاتلوا في مصر وغزة بين عامي ١٩١٦ و١٩١٧، لذلك توجد أسماء مصر وغزة على جانب النصب التذكاري.
ولا يزال فريق هارت أوف ميدلوثيان المؤسس عام ١٨٧٤ ينشط في الدوري الاسكتلندي حتى اليوم، ويحتل المركز الثالث في جدول ترتيب هذا العام بـ٢١ نقطة بعد مرور ١٢ أسبوعا.
وكل عام، يجتمع مسؤولو ولاعبو وأنصار الفريق في محيط النصب التذكاري بذكرى اندلاع الحرب، من أجل إحياء ذكرى الضحايا السبعة.