السيسي ورفض تهجير الفلسطينيين.. موقف ثابت ورسائل حاسمة
رسائل مهمة وجهها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم الأربعاء قطعت الطريق على أي محاولة لتوريط بلاده في "تهجير الفلسطينيين".
دبلوماسيون وسياسيون بارزون أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن الرئيس المصري وجه رسائل قاطعة بأن مصر لن تشارك في العبث بالقضية الفلسطينية، إضافة إلى التحذير من خطورة ما يجري على الأرض، مع الدعوة للتحرك الجاد لمنع فرض واقع جديد يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأشاروا في الوقت ذاته إلى أن الرسالة الواضحة جدا بأن القاهرة تتعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأي طرف آخر في إحلال السلام وحل الدولتين، وليس لحرمان شعب من أرضه، أو أن يكون التعاون على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني.
وكان الرئيس السيسي قد جدد اليوم موقف بلاده الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني، وقال في مؤتمر صحفي مشترك بالقاهرة مع نظيره الكيني ويليام روتو اليوم الأربعاء، "أود أن أطمئن الشعب المصري بأنه لا يمكن أبدًا التساهل أو السماح بالمساس بالأمن القومي المصري".
وأضاف السيسي أن "ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه".
وأكد أن ثوابت الموقف المصري التاريخي للقضية الفلسطينية لا يمكن أبدا التنازل بأي شكل من الأشكال عن تلك الثوابت والأسس الجوهرية التي يقوم عليها الموقف المصري.
تصريحات الرئيس المصري جاءت بعد أيام من دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمصر والأردن لاستقبال نحو 1.5 مليون فلسطيني.
رفض العبث بالقضية الفلسطينية
من جانبه، أكد وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية لـ"العين الإخبارية"، أن الرئيس السيسي "بعث اليوم برسالة قاطعة بأن مصر لن تشارك في العبث بالقضية الفلسطينية".
وأضاف أن "الرئيس جدد التأكيد على أن موقف مصر من محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم واضح وثابت، حيث سبق وأكد رفض إخراج الفلسطينيين من أرضهم تحت أي مسمى".
وأكد العرابي أن محاولة تهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً بشكل مؤقت أو طويل الأجل، لن يجلب الأمن لإسرائيل ، وسيؤدى إلى مزيد من الاضطرابات وزعزعة استقرار المنطقة، كما سيقوض فرص السلام.
وفي تقدير العرابي، فإن المرحلة الحالية بمثابة "فك وإعادة تركيب القضية الفلسطينية بمفاهيم جديدة، قد تكون بعيدة عن المحددات الفلسطينية والعربية، وهو ما يستوجب اليقظة الشديدة".
وحول إمكانية تراجع ترامب عن أفكاره بشأن تهجير الفلسطينيين، قال العرابي : "لا أعتقد ذلك، وسيظل ترامب يكرر أفكاره، ولا يجب الركون إلى فكرة تنازله عن أفكاره".
ثوابت الموقف المصري راسخة
وبدوره، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ"العين الإخبارية"، إن "تصريحات الرئيس السيسي جاءت لتعكس الشكل الواضح والصادق والصريح لثوابت الموقف المصري الراسخة، بأنه لا يمكن التساهل والسماح بالتهجير القسري للفلسطينيين لتأثيره على الأمن القومي المصري.".
وأضاف أن "تصريحات الرئيس السيسي أكدت على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وأن حل الدولتين هو الوحيد لتحقيق أمن الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ليعيشوا جنبا إلى جنب، إضافة إلى أن عامل أساسي للقضاء على الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون".
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أيضا الرئيس أن ثوابت موقف مصر راسخة بعدم التساهل بعملية التهجير القسري، الذي رفضته القاهرة منذ اليوم الأول، إضافة إلى السعي في الوقت الحالي لإعادة إعمار غزة، حيث إن الشعب المصري متسمك بحق الفلسطينيين في حياة كريمة".
تعاون لإحلال السلام
من جهته، قال الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"العين الإخبارية" إن حديث السيسي اليوم يؤكد أن لمصر سياسة واضحة متكاملة وثابتة بغض النظر عن أي شيء آخر، فيما البعد الخاص برفض تهجير أهل غزة أو أي فلسطيني من أرضه هو جزء لا يتجزأ من هذه السياسة، وليس هناك استعداد للنقاش في هذا الموضوع.
وأضاف أن "هذا الركن الأساسي للسياسة المصرية ينطلق أولا من الحرص المصري على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وثانياً من الحرص على حماية أمنها القومي، وثالثا من إجماع شعبي مع القيادة السياسية على هذه المنطلقات".
وأشار إلى أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية في إطار سياسة شاملة تبحث عن حل كامل متكامل للقضية، ومستعدون للتعامل مع أي جهة تريد التعاون في تنفيذ هذه السياسة".
وأضاف في هذا الصدد: الرسالة واضحة جدا للرئيس الأمريكي ترامب، وهى نتعاون معك في إحلال السلام وحل الدولتين، وليس في حرمان شعب من أرضه، ولن يكون التعاون على حساب مصلحة الشعب الفلسطيني".
سقوط أوهام التهجير
بدوره، أشاد الدكتور محمد محمود مهران الخبير في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، لـ"العين الإخبارية"، بالرسائل القوية والواضحة التي وجهها الرئيس السيسي، قائلا إنها أسقطت بشكل قاطع أوهام التهجير، وأكدت التزام مصر بالثوابت التاريخية للقضية الفلسطينية.
وقال مهران إن "الرسائل الرئاسية تضمنت عدة نقاط جوهرية، أولها التأكيد على رفض مصر القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، وثانيها التمسك بحل الدولتين كأساس للتسوية العادلة، وثالثها ضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل".
وأشار إلى تأكيد الرئيس السيسي على عدم المشاركة في ظلم الشعب الفلسطيني يتوافق تماماً مع قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر التهجير القسري للسكان.